الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
الإخوان بلا وطن .. تنظيمهم وطنهم
ثروت الخرباوي 

في هذه الأيام عندما نرى أفراد جماعة الإخوان الهاربين من مصر وهم يؤيدون أردوغان في دخوله بجيشه إلى ليبيا، ويقفون بكل قوتهم ضد مصر والجيش المصري، وعندما نرى أن هذا هو نفس الاتجاه الذي يتبناه أفراد جماعة الإخوان على مستوى العالم على اختلاف جنسياتهم، ثم ننظر إلى جنوب مصر فنجد أن الإخوان يؤيدون أثيوبيا في أزمة سد النهضة ويتمنون العطش لمصر، ثم نعود لسنوات مضت فنجد أن الإخوان في الكويت وقفوا مع غزو العراق للكويت، وأيدوا صدام حسين وتخلوا عن وطنيتهم.


يقيني أنه ليس أشق على النفس من طغمة مفسدة ينتسبون بالإسم لمصر وهم في الحقيقة لا علاقة لهم بها، لا يؤمنون بالوطن ولم يكن الوطن في يوم من الأيام من أولوياتهم، وإذا كانت المحكمة الأردنية العليا قد أصدرت مؤخرا حكما بحل جماعة الإخوان الأردنية، فإن المنتظر من المحاكم العليا للدول العربية كلها يجب أن تصدر أحكاما بإسقاط الجنسية عن أفراد تلك الجماعة ليكونوا أفرادا بلا وطن، وبلا جنسية، فطبقا لقوانين الجنسية العربية فإن المحاكم تملك سحب الجنسية من الذين يهددون الأمن القومي للبلاد، فليس من حق من يهدد بلده أن يظل محتفظا بجنسيتها، والتاريخ يحكي لنا أنهم ظلوا طوال تاريخهم مصدر تهديد لمصر.


ففي بداية الخمسينات وجدنا مرشدهم حسن الهضيبي يقف بكل قوة جماعته ضد مفاوضات جمال عبد الناصر مع الإنجليز من أجل الجلاء، وكان الهضيبي يأمر قيادات الجماعة بتسيير وتنظيم المظاهرات الإخوانية التي تناهض اتفاقية الجلاء، ومن أجل إفشال هذه المفاوضات سعى الإخوان لاغتيال جمال عبد الناصر في ميدان المنشية ، وللأسف فإن كثيرا من المؤرخين الذين أرخوا لهذه العملية الفاشلة يظنون أن محاولة الاغتيال هذه كانت من أجل إزاحة عبد الناصر من الحكم وتمكينهم هم، والحقيقة مختلفة عن ذلك بعض الشيء، إذ لو نجحت هذه العملية لوجد الإخوان أمامهم مجلس قيادة الثورة، وفيه شركاء عبد الناصر في الثورة والحكم، وهم لن يتركونها للإخوان أبدا، فقد كانوا جميعهم يتمنون القضاء التام على الإخوان ولكن عبد الناصر هو الذي كان يكبح جماحهم، ولكن الهدف الحقيقي من محاولة اغتيال عبد الناصر هو إفشال المفاوضات التي يقودها عبد الناصر، وساعتئذ كان لبريطانيا المحتلة أن تتحجج باضطراب أحوال البلاد مما يهدد مصالحها ويلزمها باستمار وجودها العسكري بمصر، ولكن الله سلَّم وفشل الإخوان كعادتهم في الفشل.


ولك أن تتعجب!! هل هذه تصرفات من ينتمي فعلا للوطن؟! هل يسعى مواطن بكل قوته لإبقاء احتلال أجنبي لبلاده، ولكن قد يتبدد عجبك عندما تعلم أن جماعة الإخوان نشأت بقرار من المخابرات البريطانية ودعم من شركة قناة السويس التي كانت تحت الإدارة الفرنسية والإنجليزية، وظلت صلة الإخوان بالإنجليز إلى الآن، وظلت علاقتهم بالمخابرات البريطانية قائمة كعلاقة المتبوع بتابعه، لا يفارقه ويظل لصيقا به كظله، لذلك أثناء العدوان الثلاثي على مصر، وكان بعض الإخوان قد هربوا إلى لندن، إذا بالحكومة الإنجليزية تنشأ لهم إذاعة موجهة إلى مصر، وفيها قام الإخوان بواجب التابع الذليل لسادتهم الإنجليز وشنوا هجوما ضاريا على مصر وقائدها جمال عبد الناصر، ولكن الله نصرنا وهزمهم وباءوا بغضب من الشعب .


وعندما أنشأ الإخوان تنظيمهم الدولي عام 1983 كان ذلك من أجل أن يكون هناك وطن حقيقي للإخوان في كل العالم، هو الوطن البديل أو قل الوطن الحقيقي لهم ولكل إخوان العالم، وفي ذلك يقول أحد قادة التنظيم الدولي: "إن التنظيم نشأ كفكرة وكمشروع مستقبلى فى أدبيات وتراث الإمام حسن البنا، الذي اعتبر هذا المشروع خطوة وهدفا من الأهداف نحو وحدة الأمة الإسلامية" هم يعرفون إذن أن وطنهم ليس مصر ولا سوريا ولا السودان ولا فلسطين، وطنهم هو "الإخوان".


ولكن ما معنى أن يتجاوز الإخوان في مفهومهم للوطن الحدود والأرض والتاريخ والمواطنة؟ معناه أن فكرة الإخوان فكرة أممية ومن ثم يكون ولاء المنتسب للإخوان ليس لوطنه، بل لتنظيمه، فله أعطى بيعة لا يستطيع الفكاك منها وإلا مات ميتة جاهلية كما يعتقدون، وينسحب ولاءهم لرئيس بلدهم إلى مرشدهم فهو صاحب البيعة وهو رئيس التنظيم الذي حل محل الدولة، وبالتالى يثور التساؤل حول التعارض بين الانتماء للوطن والانتماء للتنظيم العالمي، إذ يُفترض في أن المواطن، أن يكون ولاؤه فقط لوطنه، فإذا ما تعارض ذلك مع ولاء أخر، فإن هذا يعد من قبيل الخيانة العظمى.


كل هذه الأمور داخل دولة الإخوان تم ترجمتها بشكل علني أمام الرأي العام المصري من خلال فلتات لسان قادة ذلك التنظيم أو قل تلك الدولة الموازية، فمهدي عاكف مرشد الإخوان السابق والشهير بفلتات اللسان المتكررة سبق له وأن قال عبارة شهيرة هي :"طظ في مصر" وكانت تلك العبارة القبيحة تترجم رأي أعضاء هذا التنظيم في الوطن الذي من المفترض أنهم ينتسبون له.


ثروت الخرباوي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!