الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
التطرّف الديني في أرض غاندي
معراج أحمد معراج

التطرف الديني لا يعرف الجغرافيا ولا التاريخ، إنه مرض عابر للقارات وللأزمنة. يظهر التطرف الديني ويزدهر كلما غاب الحوار الفكري الحر. التطرف هو مرض الدين بالسياسة، إصابة الدين بفيروس السياسة المفتوحة على العنف والتشدد ورفض الآخر.

التطرف يستمد قوته من نوعية الأفكار السلبية، وما يقترن بذلك من إقصاء الآخر وتهميشه، والمتطرف يكون على استعداد دائم لمواجهة الاختلاف في المعتقد أو الرأي بالعنف، ويسعى دائماً إلى فرض هذا المعتقد بالقوة على الآخرين.

في الأسبوع الماضي، شهدت مدينة "هاريدوار"، في شمال الهند، تجمعاً دينياً هندوسياً، شارك فيه المئات من النشطاء والرهبان الهندوس المتطرفين أعربوا عن رأيهم بأنهم سيحولون الهند من دولة علمانية إلى دولة هندوسية، حتى لو تطلب ذلك الموت والقتل.

قالت زعيمة "هندو ماهاسابها"، وهي جماعة تعتنق القومية الهندوسية المتشددة: "إذا كان 100 منا مستعدين لقتل مليونين منهم، فسننتصر ونجعل الهند دولة هندوسية. استعدوا للقتل والذهاب إلى السجن". ودعا برابوداناند جيري، زعيم مجموعة هندوسية صغيرة يعرف بعلاقته مع أعضاء بارزين في حزب "بهاراتيا جاناتا" إلى "التطهير"، وحثّ الحاضرين على "الاستعداد للموت أو للقتل، وأضاف قائلاً: "كما هو الحال في ميانمار، يتعين على الشرطة والسياسيين والجيش وجميع الهندوس في الهند حمل السلاح والقيام بهذا التطهير. ليس لدينا أي خيار آخر".

ظهر التطرّف الهندوسي للمرة الأولى، في فترة الثمانينيات، ثم اشتهر في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما نفَّذَت جماعاتٌ هندوسية سلسلة هجمات ضد مسيحيين ومسلمين في الهند. رغم أن التطرف الهندوسي له جذور تاريخية عميقة، فإنه ما يزال يتشكل بالأحداث الإقليمية والعالمية. وقد تشكلت الهندوسية على مر القرون من خلال قدرتها على استيعاب التأثيرات الخارجية والتقاليد.

ظهرت في القرن العشرين حركات أكثر نضجاً سياسياً تهدف إلى الحفاظ على الثقافة الهندوسية أو "الهندوتفا"، كحركة راشتريا سوايام سيفاك (RSS) عام 1924م، ولم تركز على الدين بقدر ما ركزت على الهوية السياسية الثقافية الهندوسية، حيث عرفت الهندوسي بأنه شخص ينتمي للتراب الهندي.

وبعد استقلال الهند، عندما تم إنشاء باكستان على أسسٍ دينية، نظرت العقليةُ الهندوسية إلى الاعتداء من منظور ديني وأصبح سبباً للتوتر في العلاقات بين الهندوس والمسلمين. وكانت راشتريا سوايام سيفاك ضد التقسيم، فقام متطرف من المنظمة باغتيال المهاتما غاندي، رسول السلام، في عام 1948، وكان هذا أول عمل إجرامي هندوسي متطرّف في الهند المستقلة.

ومع مرور الوقت، ظهرت جماعات متنوعة من الأوصياء المعينين ذاتياً للأخلاق والثقافة الهندوسية، وتورّطت في أعمال عنف ضد أفراد ضعفاء من المجتمعات المسيحية والإسلامية، وعندما تولى حزب بهاراتيا جاناتا مقاليد السلطة في عام 2014، فقد ظهر نوع جديد من التطرف الديني، بدأت مجموعات فردية من الهندوس في ممارسة ما أصبح يعرف باسم "حراسة الأبقار".

واليوم، التطرّف الديني هو الظلام الأسود الذي يسود الهند، ومن الواضح أن التطرف الهندوسي أقل ارتباطاً بالمعتقدات الهندوسية وأكثر ارتباطاً بتنامي الطائفية الانتقامية المتطرفة.

 

 معراج أحمد معراج

ليفانت - معراج أحمد معراج

 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!