الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
التعليم والجائحة.. تداعيات وفشل
سعد



وصلت مستويات التعليم في العراق الى مرحلة خطرة جداً من التدني والهبوط وانخفاض عام في تلقي المعلومة العلمية؛ ما انعكس على النتائج العامة فيما ادّى الى انخفاض نسب النجاح بشكل متواصل باستثناء هذا العام الذي وصلت نتائجه بشكل مذهل للنجاح والمعدلات العالية جداً بسبب جائحة كورونا من التعليم عن بعد، وسهولة الاسئلة بعد حذف الكثير من مقررات المنهج،


الى السماح بالامتحان لدور ثالث للراسبين وكأن المسؤولين يقولون للطلبة: ستنجحون بكل طريقة ووسيلة ممكنة. كل هذه عوامل مساعدة بعدم رقي العملية التعليمية التي كانت في ما مضى تسمى التربية والتعليم.. فُقِدت التربية الاّ ما رحم ربي وانتكس التعليم، ولا نريد الخوض في الاسباب فقد اشبعت بحثاً وتنظيراً بلا طائل..




اثارني لكتابة الموضوع هو ذكريات قديمة مرّت على خاطري وأنا اتذكر أحد أساتذتنا المصريين الدكتور طارق المصري حفظه الله إن كان على قيد الحياة وهو يدّرسنا أصعب مادة علمية ونحن في المرحلة الجامعية الثانية عام ١٩٨١ .




كان لدكتور طارق اسلوب متميز في القاء محاضراته؛ المادة كانت الكيمياء الحياتية، وأخرى على ما أتذكر كيمياء صيدلانية. كانت أولى دقائق المحاضرة تبدأ بنكتة وضحكات، والانتقال للسؤال عن فلم السهرة ومن شاهده أو تابعه لأن الاستاذ لم يستطع اكماله بسبب تعبه.. بعد ذلك الانتقال لتناول الدرس.

هنا يبدأ الصمت والاصغاء لأستاذنا القدير وهو شاب بالمناسبة وليس من المخضرمين المتهيكلين، ومتى ما أحس هناك رتابة وملل ينتقل لأحد الطلبة الفكهين ونضحك، ولايعير اية أهمية لتسجيل الحضور والغياب وعلى ما أظن أنْ ليس هناك غيابات كانت تحصل، فالكل متفاعل مع الدكتور طارق.

كان يشجعنا دائماً ويؤكّد على المواضيع المهمة وأحياناً يتحدّانا بان أسئلته في الامتحان ستكون من هذه المادة ومَنْ لم يجب عليها فمصيره زعل الاستاذ عليه.

كنا نحفظ بلهفة ودقة لسببين: أولاً احتراماً لأستاذنا، وثانياً من أجل الحصول على درجات عالية، وعالية جداً بالمناسبة؛ وتخرجنا وما زلت أحد الذين رسخت محاضرات الدكتور طارق في أذهانهم رغم ابتعادي نوعاً ما عن المواد العلمية البحتة وانشغالي بالأدب والكتابة.




نفس النوع من شاكلة أستاذنا هذا كان هناك استاذ آخر حين دخلت الى لدراسة الأعلام، بروحه المرحة وثقافته العالية جعلنا نتفاعل معه ومع مواده.

كان ذلك الاستاذ هو الدكتور علي حسين طوينه رحمه الله، استاذ الرأي العام وعلم النفس الاعلامي، وكان ايضاً يؤكد لنا على المواضيع المهمة والتي حفظناها ومازلنا نتعامل مع المجتمع بما حفظناه وتعلمناه من استاذنا طوينه في مجال الاعلام وأغراضه ومواضيعه.




موضوعي أصبح الآن مكشوفاً وواضحاً وهو الدعوة للاقتداء بمثل تلك النماذج الطيبة لتشكيل نموذج علمي يسعى ويرتقي للنهوض بالعملية التعليمية لتخريج أجيال مقتدرة وقادرة على تحمّل مسؤوليتها والارتقاء بالبلاد الى الرفعة والكمال، لكن التزايد المستمر للمدارس والكليات الأهلية والخاصة هل سيرتقي بالتعليم في بلدنا طالما الهمّ الشاغل هو الأجور وما يدفعه الميسورون من أموال في ظل استمرار الدراسة والتعليم المدمج من البيوت عبر الانترنت؟ لا أتوقع ذلك من قريب أو بعيد..!




برز نموذج في أحد المدارس العراقية مؤخراً وددت الاشارة إليه وهو موقف لمعلم مدرسة ابتدائية كان يقف عند باب الصف ويستقبل تلاميذه مصافحاً ومحيياً قبل دخولهم لحصتهم الدراسية وهم فرحين يتضاحكون .. هكذا نتمنى من الجميع، فالتلميذ والطالب هو ابني وابنك، وأخي الصغير وأخيك أيها المعلم – المربي فلا تبخل بحبك وحنانك وعلمك، فكلها عائدة اليك، وكما استذكرنا اليوم أساتذتنا المبجلين فإن الآخرين سيتذكّرون المخلصين أيضاً مستقبلاً.


سعد الساعدي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!