الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • التهديد من خلال الرسائل النصيّة شكل من أشكال العنف ضد المرأة

التهديد من خلال الرسائل النصيّة شكل من أشكال العنف ضد المرأة
رقية العلمي

يعتبر الواتس آب من الشبكات الأكثر شهرة على الهواتف الذكية ذات القيمة الإيجابية، يبدأ النهار برسائل نصيّة محتواها ألفة وبهجة وفرح، لكن هناك وجه آخر سلبي انحَرَفَ عن الفكرة الأساسية، فاستُحدثت أساليب جديدة تتماشى وعصر الأجهزة الذكية، على سبيل المثال: يمارس بعض الأزواج العنف اللفظي في رسائل نصية تُرسل على واتس آب الزوجة، وهذا أمر لا يمكن التغاضي عنه، ويستوجب النقاش، وإن كانت هنا الآراء التخصيصية من الأردن، لكن من الأهمية بمكان التذكير بأنّ التهديد اللفظي المكتوب هو أحد أكبر أشكال العنف ضد المرأة، يُمارس في كل أنحاء العالم.


عندما تقدّمت الزوجة بطلب الطلاق رفض الزوج تطليقها فطلب محامي الزوجة الإذن من المحكمة ليستخرج من شركة الاتصالات جميع الرسائل النصيّة التهديدية المرسلة من زوجها على جوالها، فعندما كان يكتب الزوج هذه النصوص لم يدرِ بأنّها موثّقة، وأنّها ستصبح إثبات إدانة، فانقلب السحر على الساحر، ولما رأت المحكمة نصوص عنف وتهديد، كسبت الزوجة قضية التفريق.


العنف اللفظي/ النصّي ضد المرأة:


حسب المحامية والناشطة الحقوقية “سلام الشمايلة” من الأردن، فإنّ العنف اللفظي هو أكثر أشكال العنف شيوعاً ضد المرأة، ويشمل جميع الوسائل التي تهدف للحطّ من قيمتها بإشعارها بأنّها سيئة أو شتمها ونعتها بألفاظ بذيئة وتسميتها بأسماء من شأنها التحقير والسخرية منها والتقليل من احترامها ومعايرتها بصفة فيها أو بأهلها، أو استخدام لغة التهديد لإرغامها على أمر ما، ضمنه الذم والقدح. أما التحقير فيوجّه وجهاً لوجه بالكلام أو الحركات أو بكتابة أو رسم أو بمخابرة برقية أو هاتفية أو بمعاملة غليظة، أو عن طريق استخدام الشبكة العنكبوتية أو وسائل تقنية المعلومات والمتعلقة بالذم والقدح والتهديد والابتزاز. أما لجهة التحرّش عبر الرسائل النصيّة، هل هو سبب سيدفع الزوجة لطلب الطلاق؟


أضافت الشمايلة التي تقوم على إدارة مظلة حقوقية تُعنى بالتدريب والتنمية المجتمعية للقادة الشباب: “بالتأكيد.. فإنّ عدداً من السيدات تقدّمن لمكتبنا للاستشارة والشكوى حول الممارسات الموجهة ضدهنّ، لكن غالباً ما تكون هذه الممارسات مقترنة بتعنيف جسدي وبابتزاز مادي، وغالباً ولأسباب عائلية فإنّ هذه المشاكل تنتهي بالمصالحة بين الزوجين.


غالباً، لا تلجأ الزوجة لطلب الطلاق في حالة التعنيف اللفظي أو التهديد إلا إذا اقترن بعنف جسدي وابتزاز مادي ومعنوي، وغالباً ما تتم المصالحة بهذا النوع من الدعاوي لحساسيته ومساسه بالاستقرار الأسري.. لكن إن استطاع المحامي إثبات وقائع الدعوى وصدق اداعاءات الزوجة، يقبل المحامي التوكل في الدعوى والدفاع فيها”.


وفي حال قبول الدعوى الجزائية، فإنّه قد يتم إعفاء الزوج من العقوبة إذا كانت للمرة الأولى، وبشرط إزالة الضرر اللاحق بالزوجة أو تخفيض العقوبة.


أما في دعوى التفريق في المحكمة الشرعية، فإنّ العنف اللفظي والتهديد يُعدّ أحد أسباب التفريق، ويأخذ القاضي به بعد التأكد بطرق الإثبات المختلفة من وقائع وعناصر الشكوى، ومنها مصادقة الزوج أو شهادة الشهود على وقائع الدعوى أو التحكيم المُعين من قبل المحكمة أو باليمين، وذلك بعد محاولة المحكمة بذل الجهد اللازم للإصلاح.


الطلاق الإلكتروني:


حول تهديد الزوجة وإهانتها من خلال هاتفها الخلوي كنوع يستعمله الزوج للتحرّش بها أو تأنيبها، هل يحق للزوج تهديد زوجته عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ وهل يقع الطلاق فعلاً عند الكتابة للزوجة عبارة “أنتِ طالق” عبر الواتس آب، وما العمل في حال تراجع الزوج واعتذر عن نص الطلاق؟.


حول ذلك قال سماحة الشيخ حسان أبو عرقوب، الناطق الإعلامي في دائرة الإفتاء العام في الأردن: “استعمال أحد الزوجين لغة التهديد بالقتل أو الإيذاء أو نشر الأسرار أو الحرمان من النفقة أو الحرمان من رؤية الأولاد أمر لا يثمر إلا المزيد من الفرقة والشقاق والنزاع بين الزوجين، وقد أمرنا ديننا بالإحسان فقال الله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وقد كان منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم الرفق واللين: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.


فعلى كل واحد من الزوجين استعمال لغة المودة والرحمة والحب والود كي يتم التقارب وحل المشكلات بأسلوب حضاري محترم، وعلى الزوج البعد عن الطلاق وألفاظه كتابة أو تلفّظاً ما أمكن، وألا يتساهل في ذلك ولا يمزح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ”. ومن صدر منه شيء من ألفاظ الطلاق فعليه مراجعة دائرة الإفتاء العام”.


تصويت


في استطلاع وجه للأزواج طلب منهم الشفافية عند التصويت، كون الأسئلة لغرض بحثي:


هل تستعمل أسلوب توجيه توبيخ / كتابة الألفاظ النابية والابتزاز أو التهديد عبر الرسائل النصية للزوجة من جهازك الخلوي؟

شارك في التصويت فقط 25 من بين 923 متابع على حسابي في (تويتر) والنتيجة:

• 7 قالوا لا أستعمل هذا الأسلوب كونه شكل من أشكال العنف غير المباشر ضد المرأة.

• بينما أقرّ شخص واحد لجهة نعم أستعمل هذا الأسلوب.

• 17 لم يخطر ببالهم هذا الأسلوب.

بدون مقدمات توجهت بشكل مباشر لزميلي بسؤال عن الدوافع وراء استخدام الزوج أسلوب إرسال رسائل نصية سلبية للزوجة؟

قد يبدأ التهديد اللفظي/ النصي بتوجيه رسائل تهديدية حال حصول خلاف بين الزوجين، فيبدأ الرجل بوضع قيود على الزوجة قد تنص على: بتكوني طالق لو…

وألفاظ مشابهة تترك آثاراً نفسية على الزوجة وتبدأ هي بدورها بالإصرار على موقفها، فيتعمق الخلاف ويؤدي لضرب الزوجة مما يزيد فرصة إنهاء الزواج أو التقدم بشكوى للجهات الأمنية أو المعنية بحماية الأسرة.


يأتي هذا الفعل كتعويض عن النقص في شخصية الرجل لربما ناتج من رواسب الطفولة، حيث كان يشاهد والده يهدّد والدته وينتصر عليها، فتكبر لدى الطفل نشوة الانتصار وترتبط بذاكرته.. فبالتالي يمارس نفس الممارسات على زوجته، فأسلوب التهديد تطور وصار عبر الواتس آب لإثبات أنّه صاحب السيطرة عليها.


حملة لا للعنف وكوفيد-19 خطّان متوزيان


تحت شعار 16 يوماً من الحراك “ضد العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي”، بدأت فعاليات الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة 2020، مستمرة من 25 نوفمبر “اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة”، وحتى 10 ديسمبر “اليوم العالمي لحقوق الإنسان”.


وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دعا عشية إطلاق حملة “أثر حالات الطوارئ على النساء – الحياة في أوقات الطوارئ” اتخاذ التدابير لمعالجة “الطفرة العالمية المروّعة في العنف المنزلي” ضد النساء والفتيات التي ازدادت خلال فترات الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19.


 


 


ليفانت – رقية العلمي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!