الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
الصهيوإخوانية..حركة الصهيونية العالمية وتنظيمها السرّي
ثروت الخرباوي 

ظهر أمام الناس بمظهر المتدين، تمنّى لدينه أن يسود، وبعد أن اشتدّ عوده أنشأ حركة سياسية لها خلفية دينية، قال في رسالة له في أحد المؤتمرات: “نحن لا قومية لنا إلا قومية الدين، ولذلك ينبغي أن نقيم لديننا دولة ومن بعدها ننطلق إلى العالم لنسيطر عليه ونحصل على أستاذيّة العالم”، ولكي يحقق فكرته أنشأ تنظيماً خاصاً، وجعل هذا التنظيم سرياً، وابتدع فكرة تدريب هذا التنظيم الخاص على السلاح، ثم أخذ تنظيمه الخاص يدبر الاغتيالات والتفجيرات للتخلص من خصومه، ومن بعده تتبعه أتباعه في فكرته، وفي طريقتهم لحياتهم اعتبروا أنفسهم أصحاب النقاء العقائدي.


إيمانهم يختلف عن إيمان قومهم، هم فقط أصحاب الجنة، أما من عداهم فهم من أهل النار، وقاموا بتعليم أعضاء التنظيم مبادىء شيطانية عن أنّهم أهل الحق ولذلك يجب أن يستعلو على أهل الباطل، وقالوا في كتبهم إنّهم أهل الفرقة الناجية، وبما أنّ غيرهم هم أهل الباطل لذلك أجازوا لأنفسهم الكذب على هذا الغير، وخديعته، وظلوا في حركتهم السرية حتى بعد أن حكموا، ذلك أن الحركة السرية هي أساس وجودهم، وفي أدبياتهم لا ينبغي أن ينتهي التنظيم السري إلا بعد أن يصلوا إلى حكم العالم كله، وقتها لن يكون لهم حاجة للتنظيم السري.


لا تفكر كثيراً في العبارات السابقة، إذ إنّني لم أكن أتحدّث عن جماعة الإخوان، ولكنني كنت أتحدّث عن حركة الصهيونية العالمية وتنظيمها السرّي، فهذه هي أفكارها وهذا هو منهجها، أما مؤسسها فهو “تيودور هرتزل” الذي عقد عدة مؤتمرات لتنظيمه ألقى فيها دروسه، وأوضح فيها منهجه، وشرح فيها كيف سيصبح تنظيمه عالمياً، وكان المؤتمر الأول له في مدينة بازل بسويسرا، ثم توفي وهو في بداية الأربعينيات من عمره، هذه مقاربة تبين لدى مدى تقارب التنظيمات الحركية السياسية التي تُحوِّل الدين إلى ملكية خاصة لبعض الناس، وحركة سياسية لها نبيها الخاص الذي يصلون في تقديسه إلى درجة تقارب تقديس الأنبياء أو أكثر.


فإذا أردنا أن ندخل إلى عالم الإخوان سنقول إنّ هناك حقيقة تاريخية غير قابلة للإنكار، هي أنّ حسن البنا حين أنشأ جماعته لم يكن ينوي جعلها قاصرة على مصر فقط، ولكنه كان ينشأ منذ البداية تنظيماً دولياً تغيب عنه فكرة الوطن، حيث يتحوّل التنظيم على يديه إلى وطن يمتدّ في العديد من بقاع الأرض توطئة للسيطرة على العالم كله تحت راية حسن البنا.


من أجل هذا أطلقتُ على تنظيم الإخوان في بعض ما كتبته اسم “دولة الإخوان غير المنضمة لمنظمة الأمم المتحدة والمتحالفة مع مجلس الأمن فيها”، وقد بدأ حسن البنا خطواته ناحية تكوين تلك الدولة بعد أشهر من تكوين جماعته، حينما أرسل مبعوثين منه لفلسطين واليمن وسوريا ولبنان من أجل نشر تنظيمه في هذه البلاد، وكان عبد الرحمن الساعاتي شقيق حسن البنا هو أول مبعوث تطأ أقدامه أرض فلسطين، حيث تقابل مع الحاج أمين الحسيني، مفتي فلسطين، ودعاه للانضمام إلى الجماعة وجعلها راية المقاومة ضد عصابات إسرائيل التي كانت تحطّ رحالها هناك، ثم ذهب عبد الرحمن الساعاتي بعد ذلك إلى دمشق وهناك اجتمع مع بعض الشخصيات الإسلامية في المسجد الأموي وشرح لها فكرة تنظيم الإخوان، ودعاها إلى الانخراط فيه والعمل تحت قيادته، وظل الإخوان عبر تاريخهم يسعون إلى الامتداد في كل أقطار العالم، ولكي يحققوا أهدافهم وضعوا يدهم في يد أجهزة المخابرات الغربية، وقد اعترف مؤخراً أحد قادة الإخوان، ويعمل باحثاً في المركز الذي يديره القيادي الإخواني عمرو دراج، بأنّ جماعة الإخوان تتعاون مع أجهزة المخابرات الغربية، وأنّ هذا من حقوقها المشروعة، وقد كتب هذا القيادي هذا الاعتراف من خلال بحث تم نشره ضمن أبحاث هذا المركز الإخواني.


وإذا عدنا إلى الوراء قليلاً، سنجد أنّه من خلال هذا التنظيم الدولي استطاعت الجماعة أن ترتب أوراقها وتعقد صفقاتها مع الغرب، وحين حدثت تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا، كان هناك قرار أمريكي وبريطاني بتصدير الإرهاب إلى البلاد العربية من خلال التنظيم الدولي، وكأنّ لسان حال الغرب يقول: “فلنجعل من الإخوان حكاماً في بلادهم، فتنشأ الخلافات في أوطانهم على أساس عقائدي فينشغلون عنا بهذه الخلافات، ومن خلالهم نستطيع أن نصنع شرقاً أوسطياً جديداً، يقوم على الفوضى المنظمة، وبهذه الفوضى نستولي على ثرواتهم، وليساعدنا في ذلك التنظيم الدولي للجماعة الذي ينتظر لحظة سانحة يحكم فيها، وسيعيشون -كما عاش اليهود- على وهم أنّ هذه الجماعة هي شعب الله المختار ولكنهم في الحقيقة سيكونون مبعوثين أمريكا العظمى” .


وذات يوم حدث لهذه الجماعة ما لم يحمد عقباه، فلا هم ولا الأمريكان استطاعوا قراءة الشعب المصري قراءة صحيحة، ولا استطاعوا فهم طبيعة الشعوب العربية، فسقطوا، وسيظلون في حالة سقوط مستمر .


ليفانت – ثروت الخرباوي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!