الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
الكرد والعرب في اللجنة الدستورية.
غسان المفلح

كنت قد كتبت أكثر من مادة عن اللجنة الدستورية، التي شكلتها دول آستانة (روسيا وتركيا وإيران) بمظلة الأمم المتحدة، وغض طرف أمريكي وتواطؤ خليجي. بغرض كتابة دستور جديد لسورية في جنيف، في ظل غياب الشعب السوري ومطالب ثورته. بدأ أعضاء اللجنة أو بعضهم نشر كلمته في افتتاح أعمال هذه اللجنة المنعقدة في جنيف. كانت جميعها بلا طعم ولا لون ولا رائحة، ما عدا كلمة الأستاذ مازن غريبة عن المجتمع المدني، حاولت ملامسة الإبادة الأسدية بحق الشعب السوري. لكن التقاطع بين جميع ما قرأته وسمعت عنه من كلمات، لم تأتي على ذكر ما فعله الأسد بالشعب السوري. رغم أن أعضاء لجنة النظام كانوا يصرون على أنهم مع الجيش الأسدي في مكافحة الإرهاب، معتبرين أن الثورة إرهاب.


الكلمة الثانية كانت للدكتور عبد الحكيم بشار كمندوب عن المجلس الكردي السوري. هذه الكلمة لم تأتي مثل غيرها على أي ذكر للأسدية والمعتقلين والمفقودين، لكنها لخّصت المطالب الكردية في سورية. بلفتة ضمنية أنها تطالب بهذه المطالب من النظام والمعارضة والمجتمع الدولي. بشكل أقرب للحيادية. لكنها كانت بالنسبة لي بالمعنى الحقوقي مطالبها محقة تماماً. من جهة أخرى فيها ابتعاد ضمني عن مطالب ممثلي النظام والمعارضة من العرب.




كما أسلفت أنا مع كل مطلب كردي جاء في هذه الكلمة. لكن هذا لا يمنع أن محصلة اللجنة الدستورية هي شرعنة الأسدية وهزيمة الثورة كما أشرت إلى ذلك في أكثر من موقع.

هذه المطالب الكردية يجتمع على رفضها النظام وقسم لابأس به من المعارضة السورية، خاصة الموالية لتركيا. هذا ما أعلنه الأسد في مقابلته التلفزيونية الأخيرة. لا يوجد هنالك قضية كردية في سورية. هذه المقابلة التي تمت بنفس يوم كلمة الدكتور بشار.




للتوضيح لبعض المتعصبين من الطرفين الكرد والعرب، بعض الملاحظات:




أولا- الطرفان الكرديان في سورية وهما قسد والمجلس الوطني الكردي علاقتهم جيدة مع الأمريكان. مع ذلك قسد تعتقل أعضاء المجلس، والمجلس يعتبر قسد قوة أمر واقع، تشبه قوة محتلة لأنها تتبع لقنديل، تعبير عن سيطرة حزب العمال الكردستاني التركي على الكرد السوريين. كان هنالك لقاء بين وفد المجلس ووفد أمريكي قبيل كلمة الدكتور بشار. بالمقابل هنالك مديح إعلامي كبير لقوات قسد من قبل الإعلام الغربي عموماً والأمريكي خصوصاً، بوصفهم مقاتلين أشداء، دون أن يأتي هذا الإعلام على سيرة المطالب الحقوقية. يذكرني بمديح هذا الإعلام نفسه بمجاهدي أفغانستان ضد السوفييت أثناء احتلالهم لأفغانستان. ألا يعني لنا كسوريين عرباً وكرداً، هذه الملاحظة، والسؤال عنها؟




ثانيا- سأفترض السيناريو التالي: فيما لو قامت أمريكا بإجبار الأسد وحلفائه على تحقيق المطالب الكردية المحقة هذه. أو لنقل أن الأسد نتيجة للضغوط التي يتعرض لها، قام بتلبية هذه المطالب، ماذا سيكون موقف هذه المعارضة؟ سيلومون الكرد على ذلك؟ طبعاً! ماذا نحن فاعلون؟ طالما أن مطالب الكرد السوريين تحققت، فما علاقتهم ببقية الشعب السوري؟ أليست أمريكا موجودة الآن في الجزيرة السورية؟ وتقريباً معظمها تحت سيطرة الأمريكان. ماذا فعلت أستانة بالثورة السورية؟ هل يعقل أن يمثل السوريين العرب والأشورين والتركمان، من هم ساهموا بشكل مباشر ومريب بهزيمة الثورة، لأنهم ببساطة كالأفاعي؟ خاصة الفاعلين منهم في اللجنة الدستورية المعارضة. هذه السيطرة الأمريكية، ما الذي يمنعها من تحقيق المطالب الكردية. على غرار ما تم بكردستان العراق؟




ثالثا- لا تزال حملات أن الكرد انفصاليين وتشبيههم بإسرائيل، من قبل أكثرية ناشطي الثورة، تعبّر عن هزال حقيقي في فهم المعنى الإنساني لشعب لا يستطيع التعلم بلغته مثلاً؟ لا يستطيع أن يكون أبناءه يديرون انفسهم في مناطقهم ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً. عموماً رؤساء فروع المخابرات هناك من الطائفة العلوية، رئيس مكتب القطن كذلك ورئيس قطاع النفط كذلك، ورئيس مكتب الحبوب كذلك. منذ تولي الأسد الأب السلطة تقريباً. هل يعقل هذا؟ هل سمعتم بمحافظ للحسكة كردي مثلاً؟ لماذا ترددون معزوفة البعث والأسد؟ أليست الثورة السورية هي ثورة الحرية لكل الشعب السوري، كي يساهم في تقرير مصيره؟ على المعارضة وناشطيها الإقرار بهذه المطالب الكردية، لو كانوا فعلاً يريدون أن تكون سورية غير أسدية وشعبها حراً.




رابعا- لمعرفتي أزعم أن الحديث عن القضية الكردية، لا يلغي أبداً الموقف من الأسدية الإبادية، إلا عند ضعاف التفكير. بالعكس تماماً إنه يغيّر هذا الفضاء الوسخ للأسديين والبعثيين والإسلاميين. نحو فضاء أكثر إنسانية وحرية واخلاقاً.




-ملاحظة أخيرة لأصدقائي من الناشطين الكرد، ليس العرب السوريين هم سبب بلواكم بل الأسد والدول التي احتلت الثورة السورية. لا تضحكوا على حالكم وهذا السعار المزايد على معاناة الشعب السوري، ليس في مصلحة أحد. القوى المسلحة في سورية بعد تصفية الجيش الحر من قبل هذه الدول المحتلة، كلها باتت قوى محتلة ومرتزقة. من جيش الأسد لجماعة تركيا مروراً بقنديل. من يشعر فعلاً أنه مظلوم يجب ألا يقبل بممارسة الظلم على غيره.


كاتب وصحفي سوري



https://wp.me/paYMlL-dQU


 


 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!