الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
الماسون والإخوان قصة لا تنتهي
ثروت الخرباوي 

أظن أنّ مسألة ماسونية تنظيم الإخوان تحتاج إلى بعض التفصيل، ومن ضمن هذا التفصيل أنّ هناك فارقاّ بين ماسونية التنظيم الإخواني وماسونية أفراد الإخوان أنفسهم، فليس بالضرورة أن يكون أفراد الإخوان ماسونيين، ولكنهم في ذات الوقت ينتمون -علموا أم جهلوا- إلى تنظيم ماسوني يعمل على تحقيق أهداف الماسونية العالمية، ولكن ما هو التنظيم الماسوني العالمي، وما هي أهدافه؟. الماسون 


ندخل إلى هذا العالم السري المخيف خطوة خطوة، ونبدأ الخطوة الأولى بما وضعته في كتابي «سرّ المعبد»، بجزأيه الأول والثاني، وقد وضعت معظم الأدلة والقرائن التي توافرت لدي في الجزء الثاني على وجه الخصوص، خاصة ذلك التدليس الذي مارسه علينا حسن البنا، حينما أشار في مذكراته إلى أنّه أخذ مبلغ خمسمائة جنيه التي بدأ بها تنظيمه من البارون دي بنوا، رئيس شركة قناة السويس، وهو اسم مخترع من حسن البنا، لأنّ رئيس الشركة وقتها ولمدة عشرين عاماً بعد ذلك، هو الماركيز لويس أنطوان، رئيس المحفل الماسوني في باريس، أما البارون دي بنوا هذا فلا وجود له، وقد طلبت في سر المعبد أن يقوم الباحثون بالدخول إلى موقع شركة قناة السويس ليعرفوا اسم رئيس الشركة، آنذاك، ثم فليبحثوا عن تاريخ هذا الرجل ليعرفوا حقيقته، وفوق ذلك قدمت في الجزء الثاني عشرات الأدلة الموثّقة والقرائن المنطقية، وكلها تدل على اختراق الماسون لجماعة الإخوان، أو بالأحرى على ماسونية التنظيم منذ نشأته. الماسون 


والحقيقة أنّ معلوماتي في هذا الشأن لم تكن وليدة شك أو تخمين، لكنها كانت قد توافرت لي من خلال شهادات موثقة لبعض كبار الإخوان، فضلاً عن أدلة أشرت لها في كتبي، لكن هناك أشياء ينبغي أن تكون تحت بساط البحث، ومن هذه الأشياء، ذلك التشابه الغريب بين كل الجمعيات السرية في العالم، نعم هناك صلة نسب بين تلك الجمعيات، طريقتها واحدة حتى لو اختلفت الأفكار والتوجهات، ولا تقوم جمعية سرية إلا لأنّها تؤمن بأنّها مختلفة ومتميزة عن بقية مجتمعها، أو إنّها مختلفة عن العالم كله، ولا تقوم جمعية سرية إلا لتُعدّ نفسها ليوم مشهود تكون فيه في منتهى الجاهزية لفرض أفكارها على العالم، والماسونية من هذه الجمعيات، وكذلك الإخوان.


أما الماسونية فقد كان لها هيمنة وتأثير على مجتمعاتنا فى بدايات القرن العشرين إلى منتصفه، ولعل مما لا جدال فيه، أنّ الماسون هم الذين أقاموا أمريكا وأنشؤوا دولتها، هذه حقيقة يعرفها كل العالم، وما أمريكا إلا قارة ماسونية.


الهدف المعلن للماسونية هو توحيد العالم كله تحت راية واحدة هي رايتهم، ولكن هدفهم الحقيقي هو تحريف مسار الأديان لتكون سبباً من أسباب الحروب، تمهيداً لإنهاء الأديان السماوية من الوجود وأولها الإسلام. والماسونية ليست جمعية محلية لكنها جمعية دولية، كل دولة في العالم فيها محفل رئيسي يسمى المحفل الأعظم، وتوجد فى الدولة الواحدة عدة محافل، وكان مقرّ المحفل الأعظم للعالم كله في لندن، ثم أصبح الآن في واشنطن، والماسونية منتشرة فى العالم انتشاراً يحسدها عليه أعظم الأديان، والماسون فى سبيل تحقيق هدفهم يقومون بتجنيد الأفراد القادرين على تحقيق غاياتهم من كل الأديان والأجناس والمِلل، إلا أنّ الماسونية لا تقبل عضوية النساء، وهم ينادون على بعضهم بلقب “أخ”، ولعل هذا وغيره ما فتح الحديث عن أوجه تشابه الماسونية مع أخوية جماعة الإخوان.


وأظنك لا تعرف أنّني عندما تحدّثت عن أوجه التشابه بين الماسونية والإخوان، نظر لي كثيرٌ من المثقفين شذراً وهم يتأسفون على عقل هذا الرجل الذى تاه في غيابات سحيقة، قال بعضهم: ما الذي تملكه أيها الإخواني السابق لكي تقطع بهذا التشابه؟ وهل حين دخلت جماعة الإخوان لم تكن تعلم أنّ لها صلة قربى بالماسونية؟ ياسادة يا أكابر المثقفين، أكاد أقسم لكم أنّ معظم أعضاء جماعة الإخوان لا يعرفون تلك الصلة لكنهم يساقون إليها، أما الراعاة فهم بضعة نفر لديهم صندوق الأسرار ووثائق النسب ومفاتيح الألغاز، ولكن لنضع الآن نقطة كي نبدأ من أول السطر، وقبلها نقول ما أوجه التشابه أوالقربى والنسب والمصاهرة بينهما؟. الماسون 


هناك قضية منطقية لها عدة فروض، تقول هذه القضية إنّه إذا كان الحلم الماسوني الأمريكي الذي يعيش حكام أمريكا من أجله هو أن تصبح بلادهم إمبراطورية لم ينجب التاريخ مثلها، وكانت أجهزة المخابرات الأمريكية والغربية تحت سيطرة الماسونية العالمية وتدار من خلالها، ليست أجهزة المخابرات فقط،  بل إنّ أمريكا كلها تدار من خلال الماسون، لكن يجب أن ترتبط الخيوط لنفهم ونفك الرموز والألغاز، لذلك يجب أن نعود لفكرة النظام السرّي في جماعة الإخوان وطرق أخذ البيعة له، ولنا أن نعرف ذلك من مذكرات رجل كان مقرباً من حسن البنا، سكرتيره، ومسؤول المعلومات في التنظيم، وهو الأخ محمود عساف الذى أخرجت له المطابع كتابه الشهير “مع الشهيد حسن البنا”، فإذا قرأته ستقع عيناك على صفحات من الكتاب يقول فيها عساف: “في يوم من أيام سنة 1944 دعيت أنا والمرحوم الدكتور عبد العزيز كامل لكي نؤدّي بيعة النظام الخاص، ذهبنا إلى بيت في حارة الصليبة، دخلنا غرفة معتمة يجلس فيها شخص غير واضح المعالم، يبدو أنّ صوته معروف، وهو صوت صالح عشماوي، وأمامه منضدة منخفضة الأرجل، وهو جالس أمامها متربعاً، وعلى المنضدة مصحف ومسدس، وطلب من كل منا أن يضع يده اليمنى على المصحف والمسدس، ويؤدّي البيعة بالطاعة للنظام الخاص، والعمل على نصرة الدعوة الإسلامية، كان هذا موقفاً عجيباً يبعث على الرهبة، وخرجنا معاً إلى ضوء الطريق ويكاد كل منا يكتم غيظه”، وبهذه البيعة يكون الأخ قد دخل إلى دهاليز معتمة ليس لها قرار.


والآن لنقرأ من أحد كتب الماسونية التي كُتبت بيد أعضاء هذا التنظيم العالمي، خذ مثلاً كتاب “الأسطورة الماسونية” للكاتب الأمريكى “جي كيني”، الذى يحكي عن تجربته مع المحفل الماسوني، شيئاً شبيهاً بالذي كان يحدث في النظام الخاص، ساعتئذ ستصاب بالدهشة من هذا التطابق المذهل، أهكذا بلا ترتيب وبتصاريف الله يكون الشكل واحداً، وكأنهما توأم افترقا منذ الولادة واجتمعا الآن، أحدهما في أمريكا والآخر فى مصر، ثم ستقرأ عن أعلى درجات الماسونية وهي “الأستاذية”، وستعلم أنّ حسن البنا استخدم هذه الكلمة للدلالة على أعلى درجة يريدها لتنظيم الإخوان هي درجة “الأستاذية” للعالم، ولم تكن هذه الكلمة مستخدمة فى تاريخ المسلمين قبل ذلك، في هذا السياق، وبعد أن تقرأ كل هذا، قل لي هل من صلة بين أخوية الإخوان وأخوية الماسون؟. الماسون 


 ثروت الخرياوي 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!