الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
بديهيات الثورة.. والمغردون في سرب النظام
د. محمد الموسوي

يطالعنا أحدهم حول الثورة الإيرانية الجارية، بين الحين والآخر، تارة بمفردات من قبيل السلمية وتارة أخرى بمفردات الكفاح المدني، وغيرها من المفردات التي تُشعِرنا بأن هؤلاء أحد أمرين:

الأمر الأول: أن يكونوا من كوكب آخر غير كوكب الأرض ولا علم لهم بأن هذه اللغة ليست ضمن القاموس الذي يدرك النظام الإيراني معانيه فحسب بل ستكون هذه اللغة وسيلة تُمكن النظام من كسر ما تبقى من إرادة لدى الشعب، وفي الوقت ذاته يدرك كل من على كوكب الأرض بأن المخلوقات الشريرة التي تحكم إيران اليوم قد لعبت بكل الأوراق ولم يتبقَّ لديها ورقة واحدة لتلقي بها في ميدان السلمية والكفاح المدني الذي تشيرون إليه، الثورة وقد سرقوها في السابق، وها هي قد نهضت من جديد تكمل الشهر الثاني، حقوق الإنسان وقد انتهكوها دون أدنى اعتبار لأي قيم أو أعراف إلهية أو وضعية والدلائل موجودة، الإعدامات وقتل الأطفال والنساء فما أرخص الإنسان لدى تلك الكائنات الحاكمة، مبادئ حسن الجوار ولم يقيموا لها وزناً، المال العام والمقدسات وعقائد المجتمع والحريات بلا أدنى اعتبار! فأي لغة تليق بهكذا كائنات سوى لغتها التي تفهمها هي وتستمع إليها؟ ولا تجيد هذه الكائنات سوى لغة واحدة تنصاع لها وتؤثر في جلدها (طرق الحديد بالحديد، والرد بالنار على النار، وقباقيب النساء).

الأمر الثاني: أن يكونوا من الطابور الخامس لتلك الكائنات الحاكمة في طهران، أو من المغردين في سربهم ولا يعنيهم أمر الشعب ولا معاناته في شيء، وبالتالي يكونون قد حددوا بوصلتهم في الصف المعادي للشعب ولا يحق لهم التطرق أو الحديث عن حقوق الشعب وكيف يناضل وكيف تكون ثورته وما هو حالها تردت أو تقدمت فأمثال هؤلاء يعنيهم أن تتردى الأحوال وتزداد الأزمات كي يستمر النظام وتستمر منافعهم، وعليه فإنهم وبحسب خطابهم ولغتهم المتناغمين مع رغبات وأوامر النظام قد وضعوا أنفسهم ضمن المشمولين المستهدفين مع النظام.

هناك نوع آخر قد يكون محسوباً على الوسط المعارض لنظام الكائنات الحاكمة في إيران أيضاً، لكنه بسلوكه غير المسؤول ودون أن يدري يقدم خدمات جليلة للنظام من خلال التشكيك بالانتفاضة، كالقول بأن الانتفاضة عفوية وتعاني من أزمة قيادة، أو أن فلان تيار لا تأثير له، وأن غيره من المسميات هو صاحب الدور والتأثير، أو أن النظام باقٍ وأن موضوع قلب النظام ليس بيد الشعب وإنما بيد زيد أو عمر ممن استثمرتهم الكائنات الحاكمة في طهران ضمن مشاريع الاسترضاء والمهادنة التي أهلكت الشعب على مدى أكثر من 40 من السنين العجاف، وبصراحة فإن وصف هذه اللغة والأقوال بـالهدامة وصف رحيم إذ إنه لا يدفع بالثورة إلى الوراء والانكسار فحسب، بل ويساهم في تجديد صلاحية نظام انتهت صلاحيته بالأمس مساء ويسعى الشعب إلى إخراجه من أوكاره إلى مثواه الأخير.

بديهيات الثورة ومن هم الثوار

من بديهيات كل ثورة أن يكون لها دوافعها وأهدافها وأدواتها وأدبياتها، ومن ضمنها شعاراتها وطلائعها، ومن بديهيات الثورة الإيرانية أن الشعب الإيراني بجميع مكوناته يعاني نفس المعاناة ولديه نفس الرغبات والأهداف، ومن الشعب من يعاني معاناة مزدوجة ويقر بها باقي أبناء الوطن الواحد ونستدل على ذلك من الشعارات التي ترفعها الجماهير وفي هذا أيضاً نفي للشائعات المغرضة بأن الثورة عفوية، وتؤكد على أن للثورة أدبيات وأهداف وأكثر ما تنص عليها هي الحرية والكرامة.

من بديهيات الثورة الإيرانية أن المرأة الإيرانية من طلائعها، وأن انسجام الثوار فيما بينهم كأفراد، وتناغم شعاراتهم مع اختلاف الأماكن والمدن والمناطق دليل تنسيق وتنظيم وقيادة وحدة صف.

ومن البديهيات المسلم بها في الثورة الإيرانية أيضاً هي أن يكون أبناء وذوو الشهداء والمعدومون والمفقودون والمسجونون والضحايا في مقدمة الثوار ومن المستعدين للتضحية وما أكثرهم وما أكبر آلامهم ودوافعهم، وفي هذا ردٌ على المدعين بالباطل لتشويه الثورة وإسقاط شرعيتها.

من البديهي على أرض الواقع أن يكون الوجود السياسي والتنظيمي والتأثير الفكري والثوري متناسباً مع حجم وتاريخ وقدرات تيارات الشعب الحقيقية الصادقة.

من البديهي جداً أن يعترف المنصفون من أهل المعرفة، سواء كانوا من المجتمع الإيراني أو من خارجه من المهتمين والمتابعين والخبراء بالشأن الإيراني أن يعترفوا بأن هذه الثورة امتدادٌ متتابع لثورة 1979، وأن ثقافة رفض استخدام الدين وسيلة للإكراه من أجل السلطة ثقافة مترسخة متأصلة في التاريخ الثوري للشعب الإيراني وأول من بدأ بها نساء وبنات مجاهدي خلق المسلمات المحجبات وفي ذلك رسالة أسقطت شرعية الملالي منذ ذلك اليوم، وأن مظلومية المرأة والمساس بكرامتها أمر حاضر على الدوام في أدبيات وأنشطة وتحركات المقاومة الإيرانية على مدار اليوم والساعة.

ثبات واستمرار الثورة

لم يأتِ ثبات الثورة الإيرانية من فراغ، فهناك من عمل على كسر حاجز الخوف لدى الشعب، وخاصة الشباب، وأطاح بهيبة النظام في العديد من المواقف وجعل الشعب يرمي بمخاوفه خلف ظهره، إنها وحدات المقاومة التي تشكلت وفق مشروع ألف أشرف كتحدٍ لكائنات الملالي الضالة التي أغلقت معسكر أشرف بالعراق من خلال عملائها وساسة الاسترضاء والمهادنة، وهنا كيف تكون الثورة الإيرانية عفوية وبلا قيادة؟ الثورة الإيرانية ثورة فخر وقائمة حتى النصر.

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!