-
توجيه اللوم إلى إيران بشأن الأنشطة النووية ينطوي على مخاطر أقل من رفض القيام بذلك
ويأتي الاتفاق بعد رحلة إلى طهران، قام بها، في اللحظة الأخيرة، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قبل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة، والذي من المتوقع أن تناقش فيه القوى الغربية لوماً رسمياً للنظام الإيراني.
ويعتقد المحللون ووسائل الإعلام، عموماً، أن فرصة هذا اللوم قد تراجعت بشكل كبير في أعقاب جهود غروسي، على الرغم من أنّ الاتفاقية الجديدة لا تحلّ أي شيء حقاً.
وعزا مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاتفاق إلى معالجة "القضية الأكثر إلحاحاً" المتعلقة بمراقبة الأنشطة النووية الإيرانية. ومع ذلك، قد يكون لدى المراقبين المختلفين تقييمات مختلفة للإلحاح، وحتى ملاحظات غروسي السابقة تشير إلى أنّ القضايا الأخرى قد تكون أكثر أهمية إلى حدّ كبير، حتى لو كانت المشكلات المرتبطة بها، تبدو أقل وشيكة.
خلال رحلته إلى إيران، ورد أن جروسي ظل يركز على فكرة الاحتفاظ بالقدرة المحتملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية لفحص البيانات الحالية من المنشآت النووية الإيرانية، في وقت ما، في المستقبل.
ولتحقيق هذه الغاية، حصل على التزام من طهران بالسماح لموظفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء الصيانة المتأخرة على المعدات التي من المفترض أن تجمع تلك البيانات.
وتم الإشادة بالاتفاق على نطاق واسع في وسائل الإعلام لمنع اللوم الذي اعتبره الكثيرون تعقيداً محتملاً للعملية الدبلوماسية، وحتى شرارة محتملة لانسحاب النظام الإيراني من المفاوضات المتوقفة، في جنيف، منذ يونيو. لكن مثل هذا الثناء يقلل من أهمية مجموعة من القضايا العالقة ويبالغ في تقدير إمكانية حدوث اختراق، حتى مع افتراض استئناف محادثات جنيف.
وتوقع العديد من المحللين أنّه من المتوقع أن تصعد الإدارة الجديدة في إيران عدداً من الأنشطة الخبيثة للنظام، بما في ذلك الأنشطة في المجال النووي. وتعزّزت هذه التوقعات بتعيين رئيسي لمحمد إسلامي كرئيس جديد لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية.
وشارك إسلامي في جوانب تسليح المشروع النووي الإيراني منذ البداية. وفي الثمانينيات، عقد اجتماعات مع عبد القدير خان، الأب الروحي للبرنامج النووي الباكستاني، وفي عام 2008 تم إدراجه من قبل الأمم المتحدة لجهوده المستمرة في الحصول على المعدات والمعرفة التي لها تطبيقات واضحة في تطوير الأسلحة النووية. ويجب أن يجعل الدور الناشئ لإسلامي المجتمع الدولي متشككاّ للغاية بشأن استراتيجية إيران النووية في ظل إدارة رئيسي.
ويحل إسلامي محل رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية الذي تفاخر علناً لوسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بخداع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخلق "تدابير مضادة" لتجنب الامتثال الطويل الأمد للاتفاق النووي لعام 2015.
ويبدو أن اتفاق رافائيل غروسي مع النظام يعكس احتضاناً غير نقدي للجهود الجارية لإنقاذ خطة العمل الشاملة المشتركة.
لكن هذا مثير للدهشة في ضوء حقيقة أنه أقرّ، في مايو، بأنه لن يكون من الملائم ببساطة استعادة الصفقة الحالية. وصرّح للصحفيين قبل إصدار التقرير الفصلي السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية: "لقد راكمت إيران المعرفة، وراكمت أجهزة الطرد المركزي، وراكمت المواد". وأوضح أن هذا يشكل أساساً لاتفاق بديل أو تكميلي بخلاف خطة العمل الشاملة المشتركة. ومع ذلك، الآن، بعد إصدار أحدث تقرير ربع سنوي للوكالة، يبدو أنه تراجع عن تبني إصرار الدول الغربية الموقعة على الحدّ الأدنى من إحياء اتفاقية 2015.
https://youtu.be/mzxOyfArflw
تركيب وتد مربّع في حفرة مستديرة مع المفاوضات الإيرانية - نيسان 2021
يمكن أن يكون هناك القليل من الشك في أنّ غروسي والوكالة الدولية للطاقة الذرية بأكملها يدركان أن هذا الإحياء غير كافٍ. وكان هذا صحيحاً بينما كانت إدارة روحاني ما تزال في السلطة، بل إنه من الأصح الآن أن تولت إدارة رئيسي زمام الأمور.
لم تكن إيران ملتزمة تماماً بشروط خطة العمل الشاملة المشتركة قبل الانسحاب الأمريكي في عام 2018، وتؤكد الانتهاكات الأخيرة هذه الحقيقة من خلال إظهار أنّ إيران كانت قادرة على استعادة وتجاوز ذروتها السابقة للنشاط النووي بسرعة في إطار زمني كان ينبغي أن يكون تقدمه مستحيلاً بسبب القيود التي فُرضت على تخصيب اليورانيوم والأنشطة ذات الصلة.
والآن، بدأ النظام الإيراني في تخزين اليورانيوم المخصب إلى مستوى 60 في المائة، وهي خطوة تقنية قصيرة جداً بعيداً عن درجة تصنيع الأسلحة. ونما حجم هذا المخزون بسرعة إلى 10 كغ، وفقاً لأحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي يسلّط الضوء أيضاً على إنتاج النظام المستمر لمعدن اليورانيوم، وهي مادة ليس لها دور فعلي سوى كونها مكوناً رئيسياً في رأس حربي نووي.
وبالطبع، يواصل النظام الإيراني إنكار أن لديه أي نية لتطوير سلاح نووي، لكن هذا الإنكار يصبح أقل معقولية في كل منعطف. وليست فقط أنشطة النظام المعروفة هي التي تدحض هذا الإنكار. إنها أيضاً الأنشطة السابقة التي يرفض الكشف عنها.
هذه مسألة أبرزها غروسي قبل أيام فقط من رحلته إلى طهران، في إشارة إلى تقرير موازٍ للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يصف النقص المستمر في الإجابات المرضية حول ثلاثة مواقع غير معلنة، حيث تم العثور على آثار لمواد نووية بعد دخول خطة العمل الشاملة المشتركة حيز التنفيذ.
إن عرقلة النظام تمنع المجتمع الدولي من الحصول على فهم أساسي مناسب لمدى اقتراب النظام من قدرة الأسلحة النووية.
هذا، تماماً مثل "الإجراءات المضادة" لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية، يهزم بشكل أساسي الغرض من الاتفاق النووي JCPOA.
وعندما ينتهي صانعو السياسة من الكشف عن آخر اختراق دبلوماسي مفترض بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران، سيحتاجون إلى التفكير بجدية في الآثار الحقيقية لذلك التطور، خاصة إذا كان هدفه الوحيد هو منع طهران من الانسحاب من اتفاق نووي لم يؤخذ على محمل الجد في المقام الأول.
إن التقييم الصادق للوضع سيكشف بالتأكيد أن هناك مخاطرة أكبر من عدم توجيه اللوم لإيران أكثر مما يوجد من القيام بذلك. وسيكون من الأفضل لو انسحب النظام من الاستمرار، في إحساس متجدد بالإفلات من العقاب في أعقاب استفزازات لا حصر لها.
ليفانت - د. أليخو فيدال كوادراس
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!