الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
خطأ لا يمکن أن يغتفر
فريد ماهوتشي

منذ أن شرعت البلدان الغربية في اتباع سياسة المسايرة واسترضاء النظام الإيراني والتعويل على إمکانية أن تؤدي هذه السياسة في النتيجة النهائية إلى تغييره من الداخل، فإن إلقاء نظرة على الحصيلة المستخلصة من وراء اتباع هذه السياسة منذ أواسط التسعينيات من الألفية الماضية وحتى يومنا هذا، نجد أنها لم تحقق أي هدف من الأهداف المرجوة من ورائها فقط، بل وحتى إنها کانت في خدمة وصالح النظام ألحقت ضرراً کبيراً بالنضال من أجل الحرية التي يخوضها الشعب الإيراني.

سياسة المسايرة والاسترضاء التي ثبت بأنها سياسة ليست غير مجدية فقط، وإنما فاشلة جملة وتفصيلاً، لأنها توفر أرضية وأجواء مناسبة للنظام الإيراني کي يستمر ويبقى واقفاً على قدميه، وکما هو معروف فإن هذه السياسة هي التي استخدمها ويستخدمها النظام کوسيلة من أجل الإيحاء للشعب والمعارضة الوطنية الإيرانية الفعالة المتمثلة بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بأنه نظام معترف به دوليا کأمر واقع ولا يجدي نفعاً أي صراع أو مواجهة معه.

العالم، عموماً، والدول الغربية، بشکل خاص، قد شهدت أکثر من أربع انتفاضات غاضبة ضد هذا النظام. اعترف خامنئي بنفسه بأن مجاهدي خلق هي من قادت هذه الانتفاضات إلى جانب آلاف التحرکات الاحتجاجية في سائر أرجاء إيران، بل حتى إن الإيرانيين المقيمين في الشتات قاموا بإضرابات واعتصامات حاشدة ضده في مختلف دول العالم، لکن الذي يبعث على الأسف هو أن الدول الغربية لا تقوم بقراءة دقيقة للمشهد الإيراني، وترى في ضوئه الدور والتأثير الذي ترکته سياستها المذکورة على هذا المشهد، وإن هذه الدول التي ترغب بأن يحدث التغيير الحقيقي في إيران فإن سياستها القائمة على أساس استرضاء ومسايرة النظام الإيراني هي التي وقفت وتقف کأحدى العقب الرئيسة بوجه التغيير الجذري الحقيقي في إيران.

الانتفاضة الحالية الجارية ضد النظام القمعي الاستبدادي وعدم تمکن النظام من قمعها بل وإنها تسير بوتائر مسرعة وتتسع دائرتها يوماً بعد يوم، بحيث إن کافة شرائح وطبقات وأطياف الشعب الإيراني تشارك فيها، والأهم من ذلك إنها انتفاضة ترکز على النظام عموماً، وشخص الولي الفقيه خامنئي، خصوصاً، وتٶکد علناً بأن الشعب لم يعد يريد بقاء واستمرار هذا النظام وتريد إسقاطه مهما کلف الأمر، وإن المجتمع الدولي عموماً، والدول الغربية خصوصاً، مطالب بإلحاح بأن يحدد علاقته مع هذا النظام وأن يکف عن منحه أسباب البقاء لکي يستمر في قمع واضطهاد وإفقار الشعب والاعتراف بحق الدفاع المشروع بجمیع الوسائل المتاحة للمتظاهرين في مواجهة القوى القمعية، لا سيما أن النظام الإيراني کان على الدوام هو المستفيد الأکبر من سياسة التواصل والتفاوض الغربي معه، وکان الشعب وقواه الوطنية هم المتضررون من وراء ذلك، لکن النقطة المهمة جداً التي يجب على البلدان الغربية الانتباه لها جيداً هي أن هذا النظام  قد وصل فعلاً إلى آخر الخط، وأنه في أيامه الأخيرة، وأن إلقاء طوف نجاة جديد له سوف يکون بمثابة خطأ لا يغتفر وسيتسبب بالأضرار الفادحة لهم أيضاً، وليس للشعب الإيراني فقط، فهل ستتعظ الدول الغربية ولا تقدم على ارتکاب هکذا خطأ لا يمکن أن يغتفر؟

 

ليفانت – فريد ماهوتشي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!