الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
رسالة إلى الأمير محمد بن سلمان وإلى القادة العرب
هدى سليم المحيثاوي

سمو الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية، القادة العرب

تحيةً عربيةً وبعد..

لابدَ وأنَ الدعوةَ العربية التي وُجهت لنظام الأسد، وحضورَه القمةَ العربية الأخيرة، والتي عُقدت في جدة أيار/مايو الفائت، أتت ضمن تصورِ النهج الجديد الذي اتخذتموه في المملكة وفي المنطقة عموماً، للنهوض بها، ولإخراجها من الدائرةِ الضيقة، والانخراطِ بالمجريات العالمية على أعلى مستوى، وما يتطلبه ذلك، من التركيز على البناءِ والتقدم، بعيداً عن الانشغال بالهدم والصراعاتِ الغيرِ مُجدية، ومن دون شك، نثق ومن خلال هذا النهج، أنَ ما تتطلعون إليه لسوريا ولكافة دول المنطقة، هي رؤيةٌ، تكتنفها الرغبةُ بالاستقرارِ، وبدء النهوض والشروع في تجسيد عوامل البناء، لتكون سوريا وكما كانت، عوناً لأبناء المنطقة، لا خنجراً في الخاصرة.

وحيثُ أنَ، وللمصالحِ والروابط العميقةِ، التاريخية والجغرافية والجيوسياسية التي تربطُ بين الدول العربية، وتشكلُ استحالةَ إمكانيةِ الانفكاكِ أو الانسلاخ من مصيرِ بعضها بعض، اسمحوا لنا، نحن أبناء الشعب السوري، أن ننقل لكم، ونضعَ بين أيديكم نقاطاً جوهرية، ربما لم يتسن للقائمين والعاملين على الملف السوري، مِن وَضعِ أيديهم والوصول إليها، وذلك جراء عجزِ غالبيةِ مَن تصدر المشهدَ من المعارضة خلال السنوات الماضية، عن تمثيل تطلعات الشعبِ في الساحات، إمَا لانشغالهم بمصالحَ شخصية ضيقة، أو لغرقهم في دوامة التبعية والخضوع لقرارٍ غيرِ سوري، في استمرارٍ للنهج السائد، فأساؤوا للأرض وللسيادة وللتاريخ السوري، ولدم أبنائه.

سمو الأمير-القادة العرب

إنَ إعادةَ النظام السوري إلى الحضن العربي، وإبعادَ شريحة الغالبيةِ من أبناء الشعب السوري، هو الرهانُ الأقلُ جهداً في الوقت الحالي، لكنه الأكثرُ تكلفةً ووباءً، على مستقبل أبناء سوريا وأبناء المنطقة ودولها.

فخلال السنين الماضية، وبعد أن اعتاد النظامُ على تأويل وإنكار رفض السوريين له بتأويلاتٍ وصلت حدَ الخيال، وكما فضَل حرق البلد على تقديم أي تنازلٍ أو تلبيةِ أية مطالب، للشعب الذي يتحمل مسؤوليته ومسؤولية تحقيق مصالحه، ها هو يضرب بعرض الحائط، المبادرةَ التي قدمتموها لمحاولة ترميم ما جرى، في تعنتٍ يُنبئُ بأنها ستلقى المصيرَ ذاته، والطريقة ذاتها التي اختار التعامل بها مع الشعب السوري، ليتبينَ لنا ولكم، أنَ حالة الجمود الفكري والسياسي التي يعاني منها، عصيةٌ على التغيير، وأنَ مصالحَه الفئوية وارتباطاته الإيديولوجية العضوية، هي الأولويةُ القصوى لديه ولن يتخلى عنها، وأنَ مصير أبناء المنطقة، لن يكون لديه أهمَ من مصيرِ أبناء الشعب السوري، لذا لن يتوانى عن استمرار الدفع، لإغراقهم بالحبوب المخدرة، بعد إغراقه للداخل السوري بها.

أما عن السيادة، ومنذ ثلاث سنوات، فقد تحدثت مستشارةُ رأس النظام، الإعلامية لونا الشبل، وفي تغييبٍ مقصودٍ لإرادة الشعب السوري وبعيداً عن التعبير عنها، عن "ثقافاتٍ ثلاث" على الأرض السورية، وفي هذا انتهاكٌ لطالما قاومه الشعب بشتى أنواع الوسائل، إذ أنها ثقافاتٌ غيرُ مرحبٍ بها في سوريا، ولن يستويَ الوضعُ طالما أنَ هناك نفوذاً يسيطرُ على النفوذ السوري، ويُجَيَر فقط من أجل الحفاظ على مصالح الفئةِ الحاكمة، حتى لو كان الثمنُ، هو سيادةُ الدولة وطمسُ معالم الهوية السورية.

أصحاب السمو والمعالي

إنَ التغافلَ عن مطالب الشعب السوري، والتعاملَ مع هذه الفئة على حساب أبناء سوريا، وكأنه اختيارٌ لأن تكون سوريا خنجراً في قلب أبنائها وقلب المنطقة، بدلاً من أن تكون عوناً لهم ولكم، ولن يُفضي سوى إلى الغرق أكثر، في دوامة اللاجدوى والفوضى التي تعمُ سوريا، إذ أنها وبعد ما مارسته على سوريا الدولة بكل مكوناتها، شعباً وأرضاً وهويةً وتاريخاً وفكراً، وكما كانت بعيدةً عن مصالح الشعب والاكتراث بحريته واستقلاليته ومستقبله، كذلك هي بعيدة عن مصالح المنطقة العربية، وعن المبادئ الأساسية اللازمة لنهوضها وتقدمها، ولن تتوانى فيما بعد، ومن خلال أدواتها العلنية والخفية، عن العمل على تعطيل النهوض الذي تسعَون إليه، والحؤول دون تحوله إلى واقعٍ، يُشكل خطراً على وجودها.

سمو الأمير محمد بن سلمان

إنَ متطلبات الدور القيادي المناط بالمملكة العربية السعودية، تاريخياً وقَدرياً، يتطلبُ منها، أن تكون المُساهمَ الأكبرَ، في إيجاد حلولٍ لمشاكل المنطقة، من خلال إفساح الدور للشباب، الذين يمتلكون الأدوات والأفكار التي تُحفز على التجدد والتغيير، وإعطائهم الفرصةَ للتعبير عن رؤيتهم المستعدة والحاضرة، وتنظيمها، للالتحاق بمسار التقدم، وها هم قد عادوا ليصدحوا في الساحات السورية في الداخل والخارج، فهم الصوت السوري الصادق، الذي يمتلك رؤية المستقبل.

سمو الأمير

نحتاج منكم، ضميرَ الملكية، الذي استخدمه رأس الدبلوماسية خاصتكم بقوله: "حلب هي حلبُ-نا"، فالهويةُ السوريةُ باتت في خطر، والمصالحُ الضيقة وفكرُ تأويل الحقائق والهروب من الواقع، قد أعمى بصرَ وبصيرةَ الفئة الحاكمة، ولم يثنها حتى خطرُ زوالِ الوجود السوري، عن إعادة التفكير ومحاولة التغيير.

سمو الأمير والقادة العرب

ها هو الجنوب السوري "جنوب-نا"، وبعد معايشته وطوال اثني عشر عاماً، لشريط الدم والتهديم الذي طال المدن السورية كافة، لم يتوان عن الشروع من جديد، لإيجاد مخرجٍ من عتمة الوضع القائم، مؤكداً بذلك أنَ لا مناص من التغيير، ولا فرارَ من القطيعة مع نهجٍ استنفذ فرصه في العلاج، فاشرعوا في دعم حراك الجنوب وحراك المناطق السورية كافة، لفتح مخرجٍ، يُغلق البابَ بشكلٍ كامل، في وجه مزيدٍ من الأمراض في الجسد السوري، ولا تكونوا بصمتكم أو بعدمِ إعطاءِ الأولوية للقضية السورية، طرفاً في خنقه واعتلاله، كما يعمد النظامُ وحلفاؤه للقيام به.

ولكم منَا نحن، أبناء سوريا، أصدقَ أمنياتِ التوفيق والنجاح، فيما تسعون إليه من تقدمٍ واستقرارٍ ورفاهية، ولنا في ذلك لقاء، إذ لن يكبو شبابُ وشيب ونساءُ وأطفالُ سوريا، عن الاستمرار في محاولات الخروج من نهج الموت، الذي غيب فيه نظامُ الأسد شعبَه، ولابدَ للمحاولةِ من نجاح.

ليفانت: هدى سليم المحيثاوي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!