-
سوريا الغابة.. من يعيدها وطناً ؟!
هنادي زحلوط - ليفانت نيوز
أخبار ناقصة، اشاعات، معلومات من هنا وهناك، بهذه الطرق المتنوعة عرف السوريون بحصول مشكلة بين بشار الأسد وابن خاله رجل الأعمال المتنفذ رامي مخلوف.
وفي المعلومات المتداولة غير المؤكدة بعد، أن بشار الأسد قد طلب من رامي مخلوف مبلغاً مالياً وقدره ٢ مليار دولار فلم يستجب رامي مخلوف لطلبه متذرعاً بعدم توفر هذه السيولة بين يديه.
وبين مشكلة، وإقامة جبرية، ووضع رامي مخلوف في السجن، اختلفت المصادر في تحديد حجم السخط على مخلوف واخوته وبعض رجال الأعمال الذين شملتهم "التحقيقات والعقوبات".
الحجة التي ساقتها السلطات السورية هي غسيل الأموال والفساد، وهي حجة جاهزة معلقة لديها تستخدمها ضد من تريد من أزلامها في كل لحظة تحتاج لتعاقب أحد الأتباع.
الملفت أن السلطات السورية لا تشعر بأي حرج من اخفاء المعلومات عن مواطنيها، لأنها أصلا لا تعتبرهم مواطنين, بل أتباعاً تخبرهم بما تريد وبالطريقة التي تريدها هي وفقط, لا معلومات واضحة, لا تهم واضحة, بل اشاعات تنشرها عبر أجهزتها الاستخباراتية وتستفيد منها وتوعز بتداولها كيفما أرادت.
تستطيع السلطات السورية القول للناس بأنه ثبت لهيئة مكافحة الفساد تورط مخلوف وأيمن جابر وسواهم بأعمال فساد, سعياً منها لتبييض سمعتها القذرة في الاشتراك هي ذاتها في هذه الأعمال ومحاصصة الفاسدين الذين تطلق أيديهم منذ سنوات في جيوب السوريين ليعيثوا فيها فساداً وسرقة.
وتستطيع أن تخبر الناس مطولاً أن عهد الفساد ولّى, وأنها منذ اليوم ستضرب بيد من حديد ولن تنفع مع هذا صلة قرابة, في الوقت الذي باعت فيه البلاد وطلبت أموالاً من هؤلاء الفاسدين لترضي سلطات الاحتلال الروسي!
ومن يعلم, قد تتمكن السلطات السورية باحتجاز هؤلاء ومعاقبتهم من إعادة تلميع صورتهم في حال امتثالهم لطلباتها, وهو أمر مرجح, لتعيد اطلاقهم كأدوات فساد متجددة في كل قطاعات التجارة والصناعة والخدمات في سوريا.
للسوريين مع نظام الأسد تجربة سيئة للغاية في ما يخص تعامل النظام مع رجالاته, في الثمانينات استخدم حافظ الأسد أخاه رفعت كقائد لسرايا الدفاع ومرتكب لمجزرة حماه, لينفيه لاحقاً ويتخلص منه منظفاً صورته ومقدماً نفسه بصورة المعتدل, بالطبع فإن رفعت خرج وفي أرصدته ثروة هائلة هي حصته من مزرعة الأسد سوريا التي لم تعد وطنا منذ العام ١٩٧٠.
في أيار من العام ٢٠٠٠ تخلص النظام من رئيس مجلس شعبه الأبدي محمود الزعبي, زاعماً أن الأخير انتحر بطلقات في الرأس لخوفه من انكشاف فساده!
انتحار آخر, هذه المرة كانت الرصاصات في رأس غازي كنعان تشرين الأول سنة ٢٠٠٥ , وكنعان كان اليد الطولى للنظام في لبنان وحاكمه الفعلي لسنوات من عنجر, جلبه وزيراً للداخلية لسنتين و بعدها قال النظام لأتباعه أنه انتحر, غامزاً لقناة فساد كنعان في لبنان, وغير عابئ بتورط كنعان في قضية اغتيال رئيس لبنان الأسبق رفيق الحريري, وربما كان مقتل كنعان المخرج المحلي قبل الدولي لتورط النظام في ذاته ليس في اغتيال الحريري فقط وإنما في سلسلة الاغتيالات التي تلته وطالت رموزاً لبنانية طالبت باستعادة حرية وسيادة واستقلال لبنان عن نظام القمع في دمشق.
ومنذ اندلاع الثورة السورية شهدت البلاد سلسلة اغتيالات منها تفجير خلية الأزمة ومنها اغتيالات مدبرة لضباط بارزين، إلى اغتيال لجنود رفضوا الانصياع لأوامر القتل والفتك واطلاق الرصاص العشوائي, إلى جنود تركوا ليموتوا بيد عناصر داعش والنصرة, كانت يد النظام دوماً ملطخة بدماء هؤلاء جميعاً ولم يكن بريئاً من قتلهم.
يعرف السوريون من تاريخ نظام القمع والخوف أنهم أدوات بيده, وأن الجميع وجد ليخدم كرسي الرئيس حتى دائرته الضيقة باتت تعي ذلك أكثر من أي وقت مضى, مما يعزز الخوف أكثر فأكثر في نفوس الناس, البسطاء خصوصاً الذين لا ظهر يحميهم ولا سند لهم, هؤلاء وهم غالبية سوريي الداخل يعرفون أنهم متروكون لقدرهم دون أن يستطيع أحد ايصال صوتهم من داخل مملكة الخوف, والصمت!
على صفحتها الشخصية كتبت السيدة نسرين محمد مخلوف, إحدى أفراد عائلة مخلوف الشريكة في دم السوريين: إنها فعلا غابة!
كلفتنا هذه العبارة ثمان سنوات ونصف من دم السوريين وأعمارهم وأعمار أطفالهم, أجل إنها فعلاً غابة!
فهل نسعد لهذا الاعتراف الذي جاء من دائرة النظام الضيقة أم نحزن لمجيئه المتأخر بهذه الأثمان الباهظة؟.
سوريا الغابة.. من يعيدها وطناً ؟! سوريا الغابة.. من يعيدها وطناً ؟!
جل ما أعرفه أنه لم يعد أمام السوريين ما يفعلونه سوى أمر واحد, مهمة واحدة: العمل وبأقصى ما يستطيعون لاستعادة وطنهم من مخالب الفاسدين والقتلة ومن فم احتلال لن يبقي ولن يذر،
فهل يبدؤون بالاتحاد في سبيل هذا الأمر؟.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!