الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
سيناريوهات نهاية العالم.. الجزء الثاني
أسامة مرشد

سيناريوهات نهاية العالم.  2

والحياة ما قبل ذلك.

الروبوتات

في القرن التاسع عشر صدرت بعض من هذه الروايات، لكن في القرن العشرين مئات الأفلام والروايات صدرت تحت ما يسمى الخيال العلمي.

سيطر أدب الخيال الأسطوري لفترة طويلة من التاريخ، ربما لا يوجد فرق حقيقي بينهما، فكلاهما يقصد الانعتاق من قوانين الفيزياء الأرضية المعروفة، كان الخيال الأسطوري يستند على رغبة الانسان من الانعتاق من قيود الأرض ومن قوانينها. والتمثل بقوى عظمى الهية ربما، ولم يستند الى أي اكتشافات أو اختراعات أو حقائق علمية، لذلك بقي خياله ملازماً للشخصيات الأسطورية أو الإلهية.

ربما، أقول ربما، وإذا صدقت بعض التخمينات، من أن مخلوقات فضائية قد زارت الأرض من قبل، سيكون عندئذ هذا الأدب الأسطوري، مستنداً لمشاهدات حقيقية.

كتب هوميروس في كتابه الثامن عشر من الالياذة عن تمثالان متحركان مصنوعان من الذهب، وطبعاً لم يسمهما ربوتات، وأساطير أخرى كثيرة. وفي القرن السادس عشر ذكرت أسطورة غولم في التلمود عن رجل طيني يتحرك، أما الرجل الحديدي في قصيدة ادموند سبنسر Edmund SPENSER  1580 الشاعر والكاتب الإنكليزي فكانت مهمته تحقيق العدالة،

 لكن الخيال العلمي يختلف عن الخيال الأسطوري فهو خيال استند على بعض الحقائق والاكتشافات العلمية الجديدة، وقام الكتاب بتخيل ما بعد هذه الاكتشافات وهذه الاختراعات، فكانت خيالاتهم مستندة لمنطق علمي يقبله العقل نسبياً، ويسلّم على أنه واقع قادم لا محال، ونحن الآن نعيش ما كان خيالاً منذ عشرات السنين.

منها رواية The future ave للكاتب الفرنسي Auguste Villiers de l'Isle-Adam   من عام 1886 عن امرأة ميكانيكية تدار بالكهرباء. والجدير بالذكر انه تم في هذه الرواية ولأول مرة نشر كلمة اندرويد Android على نطاق شعبي واسع، ومعنى كلمة أندرويد هذه هو ما يشبه الإنسان أو الإنسان المؤتمت.

كانت ولا زالت الروبوتات مادة دسمة يكتب عنها جميع الكتاب، وأفلام كثيرة بشرت بها، لكن كيف سيكون مستقبل الانسان مع الروبوتات هذه؟، تكهنات كثيرة، منها ما شطح بعيداً جداً، ومنها ما كان قابلاً للتصديق.

أول من أطلق مصطلح الروبوت على الانسان الآلي هو الكاتب التشيكي كارل شيبيك في مسرحيته Rossum's Universal Robots وهي مسرحية خيال علمي كتبت عام 1920، وكلمة Robota في اللغة التشيكية مشتقة من كلمة Rab، وتعني في ترجمة تقريبية "العامل المستعبد"، لكن الحكايا والأفلام عن الروبوت نفسه على اعتباره كائن مصطنع وجد قبل ذلك بكثير. 

في البداية كانت الكتابات عن الروبوتات "والتي لم تعرف في البداية بهذا الاسم كما أسلفنا، بل ربما عرفت بإنسان آلي أو حديدي"، كنوع كتابةٍ فانتازيا، وربما استمراراً لخيالات كتّاب الأساطير. في أدب نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين أصبحت الكتابة عن الروبوتات تنبؤاً للمستقبل، واستجلاءً له، ربما في القادم من الأيام، وخاصة مع تقدم علوم العصر.

كانت الروبوت في هذه الروايات ذوو قدراتٍ خارقة في مجال معين، وتلقفتها الأوساط الأدبية والعلمية بحماسٍ شديد على اعتبارها الأدب المقترن بالعلم.

نجد في هذه الكتابات الروبوت الجيد الخادم الوديع، المستجيب لمتطلبات الإنسان، المعين له على قضاء مهام صعبة لا يستطيع الانسان القيام بها، وفي نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين نجد أن الروبوت أصبح شريراً يخرج عن أمرة سيده الإنسان، فتمرد وأصبح مجرماً، ربما تزامن ذلك مع بدايات المطالبة بالحريات المدنية في أمريكا، فامتلك الروبوت في هذه الأعمال شخصية وهوية مستقلة، وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ يظهر الروبوت المؤنسن، فأصبح يمتلك مشاعر إنسانية مختلفة، تارة روبوتاً عاشقاً وتارة حنون، بدأ الكتاب يستمتعون بأنسنته، وبتنا نراه في الكثير من الأفلام والكوميك، وغدا الروبوت المادة الأكثر جاذبية، للكتابة والقراءة والمشاهدة، والحاضر دوما في كتابات الخيال العلمي والتنبؤ بالمستقبل،

تفنن الكتاب وصناع السينما في تصوير الروبوت، كان أحيانا على شكل إنسان، أحيانا أخرى على شكل حيوان أليف، أو إنسان آلي بعيون وفم، من صناعة عالم مختص، أو مهووسٍ بعالم الإلكترونيات، أو ربما كانوا روبوتات قادمة من الفضاء لغزو الأرض.

ومع ظهور الآلات المؤتمتة والروبوتات بشكل فعلي أكثر وأكثر في مجالات متعددة في الصناعة، وفي المعامل، ومع تقدم صناعة الروبوتات، والذكاء الصنعي، بدأ الكتاب وصناع السينما بالتخوف حقيقة من تغول الروبوت هذه في الحياة اليومية للإنسان، وبدأ البعض يتحدث عن عصر تسيطر فيه الروبوت على كل مفاصل الحياة، ويصبح هو السيد بلا منازع، بدأت المخاوف من الذكاء الصنعي تأخذ مكانها شيئاً فشيئاً في قلوب وعقول الكتاب والصناع السينما في النصف الثاني من القرن العشرين،

ربما أول التحذيرات أتت من فيلم Metropolis تحفة Fritz Lang الخالدة، وذلك عام 1927جسدت الروبوتة ماريا، إن صح التأنيث، الوحشية المحتملة للعلم وتطوره.

حتى ذلك الوقت لم تكن الروبوتات الحقيقية سوى ماكينات مبرمجة على أداء مهام معينة بقدرة وكفاءة فائقة، لم تكن قادرة على اتخاذ القرار، لكن مع تطور علم البرمجيات، أصبحت هذه الروبوتات قادرة على اتخاذ القرار وحساب الاحتمالات، أصبحت قادرة على لعب الشطرنج، وحساب ملايين العمليات الرياضية في أقل من ثانية واحدة، هنا بدأت هواجس المطّلعين على هذا التقدم تأخذ شرعيتها في الوجود.

بدأت هذه المخاوف عندما افترض الكتاب أن الروبوت سيحل محل الإنسان في كل شيء، في الصناعة والزراعة، في المعامل في المكاتب، في كل مكان، وربما على فراش الزوجية، أو عند افتراضهم لروبوتات تمردت وسيطرت على مفاصل صناعة القرار وبالتالي استبعاد البشر، ومن ثم استعبادهم، وكانت هذه المخاوف حقيقية ولها ما يبررها،   

تنوعت الأفكار عن طريقة تطوير الروبوتات في السينما والأدب، منها ما كان تطوراً تلقائياً، ومنها ما افترضها طفرة في الصناعة، ومنها ما كانت تمازج بين الإنسان والآلة، وهذا ربما كان أكثرها غرابة وإثارة درامية، ومن منا لا يذكر مسلسل ستيف أوستن، لكن ما مدى قربها من واقع مفترض بعد مئة عام من الآن؟

والسؤال الآن، وبعيداً عن افتراضات الكتاب وصناع السينما، كيف سيكون حال الروبوتات بعد قرن من الزمن.؟ كيف سيكون تعايش البشر معهم قبل انقراض الجنس البشري. ما هو دورهم في هذا الانقراض، وأين سيكونون بعد عودة الحياة الى الأرض؟

ليفانت: أسامة مرشد

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!