الوضع المظلم
الجمعة ١٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • عبد العزيز جويدة: أنا ذلك الطفل الممسك بذيل ثوبها أتعرف على مفردات الجمال من خلالها

عبد العزيز جويدة: أنا ذلك الطفل الممسك بذيل ثوبها أتعرف على مفردات الجمال من خلالها
عبد العزيز جويدة

يتميز بمفردات شديدة الخصوصية، يعتبره البعض شاعراً عاطفياً متمكناً من أدواته وأيضاً شاعراً وجدانياً وسياسياً متميزاً جداً ترجمت جميع دواوينه الي اللغة الإنجليزية.

إنه الشاعر عبد العزيز جويدة المولود في محافظة البحيرة والتي تقع غرب الدلتا من جمهورية مصر العربية له دواوين عديده منها:

أحبك يا رسول الله.
ضيعت عمري في الرحيل.

وكاد العشق يقتلني.

أنت المفاجأة الأخيرة.

ليس كل النساء سواء.

العشق بلد من بلاد الله.

وقد كان لصحيفة ليفانت نيوز اللندنية الحوار التالي مع هذا الشاعر الأنيق:

◄ الرومانسية هي تلك التفاحة التي سقطت على القلب لنعرف كلنا بعدها قانون الجاذبية القلبية والسكتة القلبية.

◄ الحب علاقة متداخلة ليس لنا فيها ناقة ولا جمل بل هي الأقدار تحملنا على بساط الريح إلى بلدان العشق.

◄ نحن في كل حالات الحب أحياء وعلى قيد الحياة لكن اختفاء الحب فجأة مثل اختفاء الشواطئ لغريق كان يحلم بالنجاة.

◄ مهما كانت كمية النقد التي ستوجه لي ما دمت أستحقها فسوف أتقبلها برحابة صدر.

◄ يخاف الشرق من لغة الحب لأن العربي تعود على أن يكون له وجهان، واحد كإمام المتقين والآخر عكسه تماماً.

نص الحوار كاملاً:

السؤال الأول: كانت البدايات بعبد العزيز محمد ما سبب التمرد على نصيحة الشاعر الكبير فاروق جويدة لتعود إلى اسمك الحقيقي الشاعر عبد العزيز جويدة؟

لا شك أن الاسم كان سيعرف عاجلاً أم آجلاً وستكون النتيجة واحدة وأنا لا أجيد السباحة خارج نطاق أسم حملته ومعروف به وكان لزاماً علي أن أدافع عن موهبتي مهما كان حجمها وأنا أتذكر جيداً أن الشاعر الكبير فاروق جويدة قال لي وقتها لا مجاملات في الأدب ولا في كرة القدم مهما كان اسم أخيك فأنت في النهاية صاحب موهبة وصاحب تجربة وعليك أن تقدم نفسك للناس بما يليق بك والمتلقي لا يرحم فهو في النهاية يبحث عن منتج أدبي يليق به ويتوافق مع ذائقته لذا كانت عودتي لاسم عبد العزيز جويدة موافقة ضمنية مني بقبول التحدي وقبول الحرب، فأنا كنت أعلم جيداً أن الذين يحبون الشاعر الكبير فاروق جويدة سيقفون على الحياد ولن يناصروني أبداً لا ظالماً ولا مظلوماً، وأن الذين يحاربون فاروق جويدة سيحاربون ضدي بشراسة لأن حربهم ضد الشاعر الكبير الأستاذ فاروق جويدة كان محكوماً عليها بالفشل لأن جماهيرية فاروق جويدة كانت طاغية وتوزيع دواوينه كان مذهلاً وندواته ومسرحياته الشعرية تجوب الأرض شرقاً وغرباً وسط حفاوة واحتفاء لا نظير لهما.

 

والشاعر المبدع القدير فاروق جويدة مقاتل بدرجة فارس نبيل وهو مقاتل شرس واستطاع وسط كل هذه المعارك أن يقف ويصمد وينتصر لذا كنت أعرف أن هذا الوسط الثقافي كل شلل ومجاملات وتربيطات والحروب فيه لا تتوقف من أجل اللاشيء وما زال هذا الوسط يحمل بحمد الله وتوفيقه كل أنواع الكراهية الخام لذا ليس هنالك شعر ولا أدب ولا ثقافة ولا يحزنون هنالك قتال على تمرة أو نصف برتقالة لأن هذا الوسط تربى على ذلك العبث ومن المستحيل تغيره وعليك أن تتواجد فيه بشروطهم هم لذا ظللت بعيداً لأكتب وأتنفس هواء صحياً وإلا كنت مت مختنقاً من هذه الكمكمة الثقافية اللزجة التي تشبه الكهوف المظلمة.

السؤال الثاني: المرأة ـ الحب ـ الرومنسية أضلاع ومثلثات ثابتة في تفكيرك فماذا تمثل تلك الصور الثلاثية في قصائدك؟

المرأة هي ذلك الرحم الذي وُلِدت منه الحياة فلولا المرأة لكانت هذه الحياة انقرضت منذ زمن سحيق لأن الحياة دون المرأة سوف تتآكل ذاتياً دون تجديد. إذن الله خلق المرأة وحملها تلك المهمة الصعبة جداً ومنحها ذلك الدور الأزلي ألا وهو الحفاظ على مقومات التواجد والوجود في هذا العالم ولا يوجد مخلوق على ظهر الأرض إلا وله أم ينتمي إليها بشكل مطلق ولا يوجد إنسان على ظهر الكرة الأرضية إلا وله  أم تؤثر فيه، حتى إن علاقة الأمومة مذهلة وعجيبة في كل الكائنات وسائر المخلوقات وهي سر الله الأعظم، ولأن المرأة مفتاح الكون وسر العالم ومشكاة النور ولا توجد لها بديل ولا تستقيم الحياة بدونها وكل من فقد أمه، كبيراً كان أم صغيراً، مبكراً كان أم متأخراً، لديه مشكلة حقيقية في الحياة ومع الحياة لا تنتهي وليس لها علاج.

لقد جاء الحب ليكون هو حضن الأم وعبقرية الدفء والتدليل وفقدان حضن الأم كارثة وفقدان حِجر الأم مصيبة تلك الملاعب الصغيرة هي كل دنيتنا، ونحن أطفال والأم لا تكل ولا تمل من أين كل هذا الصبر والمثابرة، إنه الحب المتدفق في شرايين الأمومة منابع الحب عند الأم لا تتوقف ونختلف مع كل نساء الأرض إلا الأم ونحب، ونكره في النساء كما نريد إلا الأمومة حبها المقدس لا يدنس أبداً لأن الأمومة هي عبقرية التواصل والتواجد والتجدد في كل مناحي الحياة لكي تبقى ديمومة الكون والوجود متواصلة.

والرومانسية هي ذلك الحبل السُري الذي يربطنا بمقومات الحياة، ولولا الرومانسية ما عرفنا لمسة اليد ولا نظرة العين ولا الطبطبة ولا الحضن ولا الدمع ولا التنهيدة ولا الانتظار ولا الشغف ولا الود ولا الصدق ولا الحنين ولا الوجع ولا الألم ولا القلق.

الرومانسية تلك التفاحة التي سقطت على القلب لنعرف كلنا بعدها قانون الجاذبية القلبية والسكتة القلبية والرومانسية جاءت لتكون ذلك النسيم المُلطف لسخونة الحياة وضجرها عرفنا من الرومانسية الغناء والموسيقى والشعر والمسرح والفن التشكيلي والأوبرا والرسم والنحت وكل أنواع الفنون.

إذن هذه الثلاثية المقدسة، المرأة والحب والرومانسية هي وقود الحياة وشمسها، ودون هذه الثلاثية لا حياة ولا فنون ولا جنون.

السؤال الثالث: دائماً تقول العشق بلد من بلاد الله فأين ذاك البلد؟ وهل نحتاج إلى جواز سفر للدخول إليه أم إن المقولة شاملة بلا حدود وفقط التأشيرة هي الحب؟

العشق بلد من بلاد الله في قلب كل إنسان محب وعاشق للحياة لأن الله العادل وزع الأرزاق والأخلاق والحب وكل منا له فيها نصيب، والعشق تجديد لكل خلاياك، ولذا تجد الوجوه مشرقة وناضرة  وهي في حالة عشق نجد لمعة في العيون تخطف الناظر إليها لأن الحب هو الصيانة الدورية لكل مقومات إنسانيتك، فالعشق يترك فينا رصيداً هائلاً جداً من الذكريات لذا العشاق لا يموتون أبداً، قصصهم تطاردنا طوال الوقت  لأن عمر ذكرياتهم أطول بكثير من طول أعمارهم على قيد الحياة وفي داخل كل قلب منا بلد من بلاد الله مخلوقة ومجهزة للعشق وعلينا إعمارها وتلك هي القضية الكبرى وهي إعمار القلوب بالحب والأمل والذكريات، والصدق والعمل والحب لا يحتاج إلا لتأشيرة دخول وهذه التأشيرة تأتي من الله سبحانه وتعالى دون وعد ولا موعد وهذه التأشيرة لها عمر منها ما يكون شهوراً ومنها ما يكون سنوات ومنها ما يكون أعماراً لا تُعد وأنت وحظك في الحياة فليس بوسعنا أن نُقيم في قلب عبد من عباد الله إلا بإرادة الله سبحانه ولو أنفقنا كل ما نملك نظير لحظة حب نشتريها بأي ثمن فلن نستطيع لأن ثمن الحب الحقيقي هو أن تمنح الحياة لغيرك وغيرك يمنحك الحياة هذه العلاقة المتداخلة ليس لنا فيها ناقة ولا جمل إنها الأقدار تحملنا على بساط الريح إلى بلدان لم نعرفها من قبل ولم تخطر ببالنا في أي يوم من الأيام كيف تصبح قلوبنا وعقولنا ووجهتنا في يوم وليلة تعيش في عالم آخر لم نكن نتوقعه لكنه الحب يصنع المستحيل لو كان صادقاً ويفعل المعجزات، لو كان حقيقياً ويمنحنا رغبة أزلية في الحياة لم نعهدها من قبل.. سبحان الله مقلب القلوب.

السؤال الرابع: ما سبب دعوتك؟ لنصرة المرأة وحبذا لو تضع القارئ في مجريات وشرح قصيدتك [قالت عشقتي الآن غيري] وهل انقلبت النظرة الى مناصرة الرجل؟

الحقيقة إنني مُدان للمرأة منذ اللحظة الأولى من حياتي وحتى نهايتها لأن أمي -رحمها الله- كانت بكل لغات العالم امرأة مختلفة تماماً، تلك المرأة المدهشة استطاعت أن تمنحني كل الذي أريده دون ضجر منها ولا ملل ولا كلل كنت أتعرف على مفردات الجمال من خلالها. أنا ذلك الطفل الممسك بذيل ثوبها أينما تكون، وعلى هذا الأساس كنت المدلل عندها ولم أتذكر في حياتي كلها أن أمي عاقبتني ولو مرة واحدة على سبيل التغيير لم تضربني قط ولم تعنفني قط ولم توجه لي يوماً من الأيام كلمة تؤذيني لذا أنا كنت أعشقها بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، والعجيب إنني في هذا العمر ولم أزل أتذكر كل تفاصيل الحياة معها وأتذكر كل مفردات الطفولة بيني وبينها لذا أقول أن أمي حببتني في النساء وحببتني في الدنيا لأن حياتي معها كانت رائعة بحق رغم بساطة الإمكانيات، ثم إن أخواتي البنات لهن في قلبي منزلة عظيمة جداً فقد قدمن لي الكثير والكثير في حياتي ولهن علي فضل عظيم، لذا أنا جئت إلى الحياة بتجربة رائعة مع المرأة ولم يكن بيني وبينها خلاف فمدرستي منذ اليوم الأول مشتركة بنين وبنات والجامعة نفس الشيء.

وحين تخرجت من كلية الزراعة - جامعة الإسكندرية عملت في أكبر شركة لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل وكان معظم الذين يعملون بالمصنع بنات ونساء. إذن المرأة وجدت في حياتي كأكبر نافذة أطل عليها وأرى تفاصيل الحياة اليومية من خلالها. لذا لم أجد صعوبة في تعاملي مع المرأة بل لم تتغير معاملتي مع المرأة طيلة حياتي، فأنا أحترمها وأقدسها وأعلم أنها تستحق معاملة خاصة لأن تكوينها يحتم ذلك دون مناقشة ودفاعي المستميت عن المرأة ليس تفضلاً مني عليها ولكن هذا واجبي وليس تقرباً مني لها بالقصائد فأنا قريب من المرأة على الدوام ولم أبتعد عنها لأقترب.

والحال مع المرأة هو الحال مع الحياة مد وجزر شد وجذب وهذه الحالة متماثلة معها في كل قصائدي بين اللحظة والأخرى غضب وحب وهجر وخصام وحنين وعودة واستعطاف. في قصيدة قالت عشقت الآن غيري لم تكن سوى تعبير عن حالة من حالات الملل حين يستعصى على الرجل والمرأة التجديد أو حين يكون التباين في وجهات النظر عن الحب من المستحيل تقريب وجهات النظر فيها لأن علاقة الرجل بالمرأة والعكس لا يمكن أن تستمر على وتيرة واحدة مهما كانت الظروف وهذه الخلافات تمنح الحب قدراً من القوة والصلابة لأننا في الحب في كل مرة نبتعد نعود أقوى بكثير مما كنا عليه من قبل، هذه هي حالة العشاق في الحب لأن الحب في حياة الإنسان عموماً من أعظم الدوافع لكي تستمر الحياة بغض النظر عن صحة أو سلامة الحالة لأننا في كل حالات الحب أحياء وعلى قيد الحياة لكن اختفاء الحب فجأة مثل اختفاء الشواطئ لغريق كان يحلم بالنجاة.

السؤال الخامس: هل تمت ترجمة أعمالك ودواوينك إلى لغات أخرى؟ وماذا تعني الترجمة للشاعر عبد العزيز جويدة في حال تم ترجمة صور الحب في قصائده إلى لغة أخرى؟

هنالك مترجمة عظيمة جداً وهي الأستاذة الرائعة سعاد نجيب قامت بترجمة معظم دواويني إلى اللغة الإنجليزية، والحقيقة إنها استطاعت أن تقرب المسافة جداً بين اللغتين العربية والإنجليزية لأنها قادرة على نقل الصورة والإحساس والمعنى من لغة إلى لغة بنفس الإتقان الزائد عن الحد.

الشعر لغة نورانية لذا عند ترجمتها من لغةٍ إلى أخرى يجب ألا تفقد اللغة أي جزء من ضوئها تحت أي ظرف والترجمة مشروع عظيم جداً لنقل مشروعنا الشعري العربي إلى لغات أخرى كي نتواصل مع العالم الآخر وأنا رغم سعادتي بهذه التجربة إلا أنها لم تنل القدر الكافي من الاهتمام لأن مشكلة الترجمة تحتاج إلى وقت ومال وجهد وعمل متواصل دؤوب وهذا يحتاج إلى مؤسسات ترعى ذلك العمل وتزيل من أمامه كل العقبات.

الحب في كل لغات العالم مثل لغة العيون، من السهل فهمه لأن الأحاسيس والمشاعر الإنسانية متشابهة بين خلق الله ولكن المهم كيف يتم التعبير عنها من خلالنا لذا أجزم أن الترجمة الواعية الدقيقة تستطيع أن تختصر علينا عشرات السنين لتقنع بلغتنا العربية أقواماً لم تكن مقتنعة.

السؤال السادس: كيف يعيش الشاعر عبد العزيز جويدة مع النقد الموجه إلى أعماله؟ وهل يغيظك إذا كان حاداً؟

النقد عملية استكمال لرحلة المبدع والحركة الإبداعية الجيدة يتبعها حركة نقدية أكثر منها جودة لأن الإبداع وجهة نظر والنقد هو تسويق لوجهة نظر المبدع وإذا خلا النقد من الشخصنة والأحقاد سيصبح الناقد إضافة في غاية الأهمية للنص لأن الناقد المحايد رأيه سوف يحترم سواء كان ذلك سلباً أو إيجاباً، ففي النهاية نبحث عن جودة المنتج الذي سوف نقدمه للناس وعليه يكون النقد جاء في مكانه الصحيح. لقد كان هنالك مدارس نقدية سلطت الضوء على الكثير من الإبداع وأهله ولولا هذه الحركة النقدية لطُمست عشرات الأسماء الجيدة في عالم الإبداع وأنا عندي رغبة شديدة في أن أتعلم من الصغير قبل الكبير إذا كان ذلك في صالح العملية الإبداعية ومهما كانت كمية النقد التي ستوجه لي ما دمت أستحقها فسوف أتقبلها برحابة صدر بل وأشكر الناقد على توجيهي أو تعديل المسار لأننا دائماً وأبداً ومهما وصلنا نحتاج إلى من يوجهنا شريطة أن يكون أميناً وليس لديه من النقد غرض وليس في قلبه مرض.

السؤال السابع: هل تعتقد أن القصيدة الغنائية إحدى صور النجاح والانتشار الواسع للشاعر عندما يرى أطفالاً يلهون وهم يرددون تلك القصيدة غناءً.

 

القصيدة المغناة هي أكبر فاترينة عرض في ميدان عام لذا كل القصائد المغناة ذاع صيتها ونالت من الشُهرة ما لم ينله الشاعر صاحب العمل. فمثلاً نقول أم كلثوم تغني الأطلال وقد لا نذكر الشاعر الكبير إبراهيم ناجي ونزار قباني الشاعر الفذ العبقري كانت له دواوين عدة والناس تقول عنه شاعر أيظن التي غنتها نجاة الصغيرة لأن الغناء حالة من العدوى تصيب الصغير والكبير فالغناء يشارك فيه من يحب القصائد ومن لا يحبها لأنه يعيش حالة من النشوة ولولا القصائد المغناة ما كنا عرفنا شعراء كبار مثل الهادي آدم وجورج جرداق والأمير عبد الله الفيصل وشوقي وحافظ إبراهيم وأبو فراس الحمداني وطاهر أبو فاشا. والقصيدة المغناة هي التي منحت المطرب الراقي كاظم الساهر تلك المكانة بين أبناء جيله لأن القصيدة العربية المغناة تقال فيفهمها  العالم العربي كله وكل من ينطقون العربية لكن اللهجة تختلف من بلد إلى بلدٍ بل أحياناً في البلد الواحد هنالك لكل محافظة لهجة ولكل قبيلة لهجة ولا يفهمها سوى أهلها لذا ستبقى القصيدة العربية جواز سفر يحمل تأشيرة مفتوحة لكل بلدان العرب على اختلاف لهجاتهم لتبقى اللغة العربية، فحين تشدو كوكب الشرق بأغنية الأطلال فسوف يفهما الجميع دون عناء هذه اللغة التي لا يوجد لها مثيل بين لغات العالم فهي لغة الضاد ولغة القرآن الكريم ولسان حال أهل الجنة.

السؤال الثامن: تعيش منطقتنا العربية صرعات مريرة في العديد من الدول وكنت قد تحدثت عن الحب في الشرق، فهل مازلنا نعرف كيف نحب أم إننا أخذنا الماجستير في الكراهية والخوف في التعبير عن الحب؟

الحب ثقافة عامة ولغة من أهم اللغات في العالم لأنها لا تحتاج إلى نُطق فلغة الحب في نظرة عين وفي لمسة يد وفي طبطبة على كتف كلها صامتة دون كلمة واحدة لكن الشعور الإنساني يتقبلها كما هي وكل هذا يفهمه العربي والياباني والصيني والأمريكي والصومالي. إذن الحب لغة عالمية تفضح كل من يتكلمها لأنها تقول الحقيقة دون إرادة منك ودون إذن من أحد لذا يخاف الشرق من هذه اللغة الفاضحة لأن العربي تعود على أن يكون له وجهان يعيش بواحد كإمام المتقين والآخر عكسه تماماً. نحن العرب نخجل من ضعفنا في الحب ونفتخر بجرأتنا المطلقة في أن نبوح بالكراهية لأننا نعتبر الكراهية قوة وكلمة حق وهذا خطأ جسيم وقع فيه العربي منذ نشأته نقول للطفل رقيق المشاعر لو بكى إن الرجال لا يبكون رغم أن البكاء مظهر حضاري ومشروع إحساس وإنسانية وتسامح قادم إذا وفرنا له الظروف المناسبة نحن نقتل في الأطفال بذرة الإنسانية ليكونوا مثلنا، هذا التشويه المتعمد أنتج لنا في النهاية هذه الشخصيات الهاربة من إنسانيتها لأن المشاعر والأحاسيس نربيها كما نربي أطفالنا ظللنا نسمع في سنوات طفولتنا أئمة المساجد اللهم عليك باليهود اللهم خرب بيوتهم وشرد أطفالهم ورَمِل نساءهم حتى تشردنا نحن وترملنا نحن وتفرق العرب وبقيت إسرائيل ذلك لأننا نعالج مشاكلنا بالحناجر.

وعليه فنحن صُناع كراهية مطلقة بين الشيعي والسُني، بين المسلم والقبطي، بل بين أصحاب المذهب الواحد سادت الكراهية والحقد الأعمى والضغينة لأن الدين فرقنا والسياسة فرقتنا والكُرة فرقتنا بمبدأ من ليس معنا فهو علينا. نحن مجتمع يحتاج إلى تأهيل نفسي لعشرات السنين نراجع فيها هذا الدمار الذي خلفته فينا العِرقية والطائفية والحروب والكراهية ونرفع هذا الركام الذي دُفنت تحته أطفال تمسك الدُمى  ورجال يكبرون ونساء كن في طريقهن لشراء الخبز نحن أهدينا للعالم كراهيتنا لبعضنا البعض رغم أن لغتنا واحدة ووطننا واحد وديننا واحد وإلهنا واحد ونبينا واحد، نحن كل هذا وأكثر لو أن عدونا خطط ليل نهار ليفعل فينا وبنا ما فعلناه بأنفسنا لعجز عن فعله، ولذا نحن جامعة للكراهية ومن يتخرج من هذه الجامعة يحمل نفس الصفات البغيضة والجينات الكارهة للحق والحب والخير والعدل والجمال هنالك بعض الأفواه على السوشيال ميديا لا يريدون الشعر ولا الرسم ولا النحت ولا الموسيقى ولا الغناء يريدون أن نسمع صوت نعيقهم. لذا الحب نبي هذا العصر من يؤمن به سلم ومن لم يؤمن به خاب وخسر وسيبقى الحب آخر الحصون ويوم أن يُهدم ستقوم القيامة في غير موعدها.

ليفانت نيوز - نورشين اليوسف

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!