الوضع المظلم
الثلاثاء ١٥ / أبريل / ٢٠٢٥
Logo
عن الإ.ر.هاب الشيعي
أسامة أحمد نزار صالح 

(اذهب واقلع الظلم من جذوره) كانت هذه فتوى السيد جمال الدين الافغاني لتلميذه ميرزا رضا كرماني الذي تقدم الى موكب ناصر الدين شاه ملك ايران من السلالة القاجارية بذريعة تقديم عريضة له واطلق عليه النار من مسدسه لتكون هذه اول عملية إرهابية للإسلام السياسي في الاول من مايو 1896 م بفتوى من رجل دين شيعي. 


ان الجيل الاول من الإسلاميين السياسيين السنة ،يمكن ان نطلق عليه جيل المفكرين والمصلحين ،ظهر بعد الموجات الاستعمارية الغربية على البلاد الاسلامية ،هذا الجيل الذي كان جله من الشباب العثماني حول السلطان عبد الحميد الثاني ،عرف مفهوم جديد للجهاد هو جهاد العقل فجعل فريضة الجهاد مرتبطة بالبعد التنويري ومكافحة الفقر والجهل ،والتعايش مع اصحاب الملل والديانات الاخرى ،وتنصل من معاني العنف والقتل وحتى الغزو وذلك في محاولة لتطوير المجتمعات الاسلامية وتحديث الخلافة العثمانية بحيث تحاكي الدول الغربية مع الحفاظ على الطابع الاسلامي للدولة وسلطة الخليفة الدينية والدنيوية ،لكن هذا الجيل انتكس مع خلع السلطان عبد الحميد الثاني 1909م وفشل أي محاولة لإعادة احياء الخلافة الاسلامية امام تمدد وصعود التيارات القومية.


لا شك في أن جمال الدين الافغاني (شيعي المذهب) هو الشخصية الحقيقية الملهمة لجماعات الاسلام الجهادي ،التي اصبحت تهمتها الدامغة بعد احداث 11 سبتمبر وما تلاها من هجمات لندن ومدريد هي الارهاب بل (الإرهاب السني). 
رغم ان ما سمي (الإرهاب السني) وهو الجيل الثاني من الاسلام السياسي لم تكن له قيادة موحدة ،واغلب جماعته عبارة عن افراد وخلايا ،او حتى مجموعات تبنت طروحات متطرفة واعتمدت جهاد القتال باعتباره وسيلة للتغير ،وتصرفاتها اقرب الى الذئاب المنفردة دون مرجعية او دولة ترعاها ،غير ان خطرها وقوتها وحجمها تم تضخيمه بشكل خاص من الولايات المتحدة التي ضربها في عقر دارها بعد تحالف غير معلن معه ابان الغزو السوفيتي لأفغانستان ،على عكس الارهاب الشيعي الذي لم ينال أي قدر من الاستهجان الامريكي او الدولي ربما لأنه تستر بجهاد دولة (ايران) تبحث عن مشروعية وجودها في الوسط السني عبر مشروع (المقاومة) ،او لان اغلب ضحايا هذا الارهاب من العرب السنة ،بل وحظي الارهاب الشيعي بعد احداث 11 سبتمبر بغض الطرف الامريكي والدولي على قاعدة دعم كل ما هو عدو للسنة واهل الجماعة ،فنمت اذرع إيران وتمددت في الوسط السني كالسرطان (مليشيا الحشد في العراق والحوثي في اليمن وحزب الله في اللبنان وسوريا).


لم تكن المجازر والاعمال الترويعية التي قام بها حزب الله في سوريا ضد العرب السنة هي الضربة الوحيدة للإرهاب الشيعي ،بل ضرب هذا الارهاب مباشرة او عبر الوسطاء المصالح الدولية في المنطقة وخارجها على سبيل المثال وليس الحصر (بداية من الهجوم على قوات المارينز في اللبنان 1982م مرورا باغتيال الشهيد الحريري 2005م وهجوم بلغاريا 2012م ،وليس انتهاء" بتهديدات الحوثيون للملاحة في البحر الاحمر التي اجبرت 75 % من السفن الأميركة على تجنبه). 


مما لاشك فيه ان الارهاب الشيعي يخدم مصلحة ثابتة لدولة أنشأته ليتوافق معها (ايران طبعا) لفرض هيمنتها على الشرق الاوسط ،ومما لاشك فيه ايضا ان ايران في عهد ادارة اوباما الامريكية اصبحت اقرب الى اعادة امجاد القرن الشيعي (الفترة الزمنية 945 – 1055م كانت الانظمة الشيعية كالفاطميون والبويهيون يسيطرون على الاراضي المركزية في العالم الاسلامي).  


ان سقوط نظام الاسد في سوريا هو نقطة البداية لتصفية الارهاب الشيعي في المنطقة ،وان تولي الادارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس احمد الشرع حكم البلاد قد يكون بداية لجيل اسلام سياسي ثالث في دمشق برعاية ودعم  وتوافق (الرئيس اردوغان والامير تميم وولي العهد محمد بن سلمان) هذا الجيل يؤمن بالجمع بين القيم الاسلامية وقيم الديمقراطية والاقتصاد الحر لتحقيق طفرة اقتصادية ومعدلات نمو مرتفعة ،كما يؤمن بالحوكمة والمساحات الحرة لتمثيل سياسي ومجتمعي واسع وبناء الروابط مع العالم العربي والاسلامي وتصفير المشاكل مع دول الجوار لتصبح دمشق مركزا جيوسياسيا" بدبلوماسية ممتدة ومتعددة الاطراف. 


لاشك ان المهمة امام الرئيس الشرع صعبة لكنها ليست مستحيلة. 
  

ليفانت:  الدكتور أسامة أحمد نزار صالح 
 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!