-
غطفان غنوم : السينما توفّر الوثيقة الفاضحة لما يحاول النظام الديكتاتوري مسحه من الذاكرة
حوار: نور مارتيني
تتابع ألوانه، فتقع في سحرها، إحساسٌ عالٍ يبعث في الروح دفئاً، ينتقل عبر الألوان المتميّزة التي بستعين فيها بصوره، مضفياً جمالية خاصة على اللقطات التي ينتقيها بحسّ العاشق للصورة والجمال، فيسكب فوق الصورة الجميلة، رحيقاً من جمال روحه…
هذا الإحساس بالجمال هو جزء لا يتجزّأ من شخصية “غطفان غنّوم” الفنية، فهو إلى جانب الحس الفني يتمتّع بعفوية وصراحة عالية، تجعل منه حاملاً حقيقياً للواء الحرّية، تجلّت من خلال الرسالة الإنسانية، التي قدّمها في فيلمه الوثائقي المستقل Moon in The Skype، والذي حصد جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، في “مهرجان هوليوود العالمي للأفلام المستقلة” لعام 2016.
رغم الظروف الجوية العصيبة في فنلندة، القابعة في أفصى الشمال الأوروبي، تمكّن غطفان من خلال عدسته التي وظّفها لرصد قيم الجمال والعدالة، من تكريس نفسه كمحرجٍّ ذي بصمةٍ فريدة، أوصلته إلى مكانةٍ قلّما حظي بها مخرج سوري.
حيث يرأس غطفان غنوم حالياً مهرجانين سينمائيين في فنلندة، وهما مهرجان هلسنكي السينمائي، وتمّ تعيينه مؤخّراً، مديراً لـمهرجان كوتكا السينمائي.
فرادة تجربة “غنوم السينمائية” تنبع من كونه عمل جاهداً على أن يصنع فناً بلا أجندات، واستغنى عن المموّل بشكل كلي، حيث أن فيلمه الأول Moon in The Skype، أنتج بتكلفة لا تزيد على الـ 500 دولاراً أمريكياً، ورغم ذلك حصد جائزة من أهم الجوائز العالمية، والحال نفسه مع الفيلم الذي يتمّ الترويج له حالياً “الابن السيئ”.
ليفانت نيوز، حاورت المخرج السينمائي “غطفان غنوم“، وأبحرت معه في رحلةٍ بحرية إلى مياه بحر البلطيق حيث يقيم في فنلندة حالياً، واستعرضت معه المحطّات التي مرّ بها في رحلة انتقاله من مياه المتوسط الدافئة، إلى أقصى الشمال، وعلى تخوم القطب المتجمّد الشمالي، حاملاً معه رصيداً إبداعياً، وذاكرة مليئة بالنّدبات التي خلّفتها سنوات المعاناة بعد اندلاع الثورة السورية.
- أن تشارك في مهرجان غربي يعدّ إنجازاً بحد ذاته، كيف تمكّن المخرج السوري من التأسيس لمهرجان سينمائي في فنلندة؟ وما هي التحدّيات التي مرّ بها؟
وصلت لفنلندة منذ ما يقارب السبع سنوات، وفور وصولي قمت بتعديل شهادتي بالإخراج السينمائي وهذا سهّل لي الأمور كثيراً، وبعد ثلاثة أشهر فقط بدأت بالتفكير بتأسيس مهرجان سينمائي في هلسنكي، الأمر كان خيالياً في البداية ولم يكن من السهل إقناع أي جهة بتبنّي الفكرة.
تمّت كتابة المشروع بكل تفاصيله، وطرحها على جهات ثقافية كثيرة، حتى تمكنّا من الاتفاق مع المركز الثقافي “كايسا” والذي كان يديره “تومي بورافارا” ،على أن تقام الدورة الأولى للمهرجان الذي سمي بـ”المهرجان الاسكندنافي السينمائي الدولي” في المركز نفسه.
- تتالت الدورات لاحقاً، وعرضنا حوالي الستين فيلماً في آخر دورة في المكتبة الكبرى بهلسنكي “أودي”، والتي حازت على لقب أفضل مكتبة حديثة في العالم، منذ تأسيسها قبل سنوات.
نجاح المهرجان الاسكندنافي خلال دوراته المتعاقبة، دفع بمدينة كوتكا، ممثلة ببلديتها وجهات ثقافية مهمة كالمركز الثقافي والمتحف “فيللامو” للتواصل معي بشأن تأسيس وإدارة مهرجان سينمائي في مدينة “كوتكا” البحرية.
وفعلاً، تمّ التحضير ولازال جارياً للإعداد للدورة الأولى للمهرجان، والتي ستعقد في الشهر السادس المقبل، في “فييللامو”، وسيترافق المهرجان مع فعاليات ونشاطات ثقافية كمعارض فوتوغراف، وعروض مسرحية، مونودراما ومحاضرات ونشاطات ترفيهية.
- “سينما المهرجانات” عنوان عريض يفتح الباب على حديث شجون، ومؤخّراً شاهدنا ظاهرة وصول عدة أفلام سورية إلى مهرجانات عالمية مثل جوائز أوسكار وبافتا وكان، كيف تنظر بعين المخرج السوري إلى هذه الظاهرة؟
كان لابد وأن تنفجر الساحة بالأفلام السورية الوثائقية بعد انطلاق الثورة في سوريا، سيما وأن الكاميرا كانت الوسيلة الوحيدة، التي نقلت مايجري على أرض الواقع بعد أن مورس التعسف الشديد بحق الثورة والشعب إعلامياً، وهنا يبرز دور السينما المستقلة، التي نأت بنفسها عن آليات الإعلام التسويقي الرخيص.
- كمدير لمهرجان كوتكا السينمائي في فنلندة، كيف تقيّم الإقبال على المشاركة في المهرجان؟ وماهي معاييرك في انتقاء الأفلام المشاركة؟
المهرجان يخضع كأي مهرجان دولي لقواعد في انتقاء الأفلام، فهنالك لجان مشاهدة ولجان تحكيم ويتم انتقاء الأفلام المناسبة، تقنيا والملائمة للشروط الفنية والتقنية ثم عرضها على لجان التحكيم، وهي من يحدد لاحقاً الأفلام الاي ستعرض والأفلام التي ستفوز.
نأمل أن تكون المشاركات واسعة، حتى هذه اللحظة، وصلنا أفلام من٢٧ دولة مختلفة من دول العالم.
- أطلقت مؤخراً فيلم “الابن السيئ”، وحاولت من خلاله نقل معاناة السوريين الذين واجهوا النظام السوري.. هل تفلح السينما في محاربة بروباغاندا النظام في مواجهة المتطرّفين والمؤامرة الأجنبية؟
“الابن السيئ” هو فيلم وثائقي طويل أعمل عليه منذ ثلاثة سنوات، ولم يجهز بعد، وهو فيلم مستقل لا توجد وراءه شركة إنتاج أو تمويلات، لقد أطلقت ال “تيزر” الفيلم الترويجي الأول منذ سنة وأطلقت التيزر الثاني منذ شهر تقريباً..
قد لا تفلح السينما في قلب نظام الحكم، لكن وبدون شك السينما توفر الوثيقة الفاضحة لما يحاول النظام الديكتاتوري مسحه من الذاكرة. نحن نحاول جهدنا كأفراد بأن نوصل وجهات نظرنا وقراءتنا لما جرى في بلادنا.
- للبلدان الاسكندنافية بشكل عام خصوصية من جهة كونها ترفع شعارات حقوق الإنسان.. إلى أي حد تلتقي مقولة مهرجان كوتكا مع هذه الخصوصية؟
صحيح، الدورة الأولى للمهرجان ستقام تحت شعار “حرية، عدل، مساواة”، وهذه المفاهيم لها مالها في ذاكرتنا السورية، خاصة وأن الثورة السورية في شهورها الست الأولى قامت عليها قبل أن تتآكل بفعل التدخلات والانحرافات والقمع والتعسف والارتهان.
- إلى أيّ مدى تأثرت المشاركة في المهرجان، والتوقيت، بجائحة كورونا؟ وما هي العقبات التي واجهتك في الدورة الثالثة للمهرجان؟
أنا أدير المهرجان السينمائي الاسكندنافي الدولي في العاصمة هلسنكي، وهو الآن في دورته السادسة، طبعا كان لوباء كورونا أثر سلبي من حيث الإقبال والحضور في الصالات.
نأمل أن يكون الصيف القادم صيفاً نظيفاً، وأن نتمكن من دعوة الجمهور للمهرجانين سواء في هلسنكي، أو في مدينة كوتكا للمهرجان الجديد، الذي سينطلق بدورته الأولى هناك بالتعاون مع بلدية كوت
ليفانت نيوز
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!