الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
فراشة وطلقة أنقذت أسرى.. وعلموا الإعلام إعلام
إبراهيم جلال فضلون (1)

نساء ما قبل التاريخ اعتدن الصيد كالرجال، بل كن أفضل منهم في التلاؤم جسدياً مع تلك المهمة، من الناحيتين الفيزيولوجية والبيولوجية. إذاً فلا غرابة أن تظهر مقاتلات حماس مُدججة بكامل السلاح وأحدثه عند تبادل الأسرى، وهذه المرة الأولى التي يظهرن فيها، كأنهن أميرات تترقبن الحياة بحبارير من رق، بينما هناك من المحتلين وأشجع جنودهم من يبكي ويتبول عند رؤية أحد مقاتلي غزة، أو حتى طفل صغير يدافع عن حقه وأرضه.. لكننا هنا اليوم يهُمنا فئة غالية دورها كبير الفضل على كل العالم، ما بين سترة صحفية، وخوذة إعلامية، وكاميرا تصويرية، وميكروفون إذاعي، أنبل وأبجل من قلم يكتب بعيداً عن مواقعهم، فوالله، لإني أغبطهم جميعاً على الشهادة الحقة، وعلى المراتب الآخروية التي لحقوا بها، وهنيئاً لمن يقف في الميدان مثلهم بأي مكان، فإنهم تاج على رؤوس صاحبة الجلالة بعرشها، والإعلام.

تلك السُلطة الخالدة، وضمير الأُمم كُلها، فما بالنا نحنُ لا نتذكرُ إلا أحياءنا ومتاع الدنيا الزائلة، لما لا نقف يوماً واحداً للقلم والكتاب والصحافة والإعلام بإذاعاته وفضائياته، لهؤلاء تضامناً واحداً، ونكتب عنهم وعما شرفونا به، هُم من وقفوا بأسلحتهم التي شرفوها أمام بوارج الدعم الأمريكي الغربي ليهود الماسونية وخُزان المال والاقتصاد الذي نأتمر بأمره هنا وهناك، هُم من قالوا كلمة ونشروا صوراً فتحت ضمائر بني البشر التي صارت كجلمود صخر حط عليها السيل من علٍ، ورق حال طُغاة العالم لما يمُرُ بها أكثر من مليوني ونصف فلسطيني على مساحة اجتمعوا عليها 365 كم من مساحة فلسطين 6,020  كم²، أكثر بقاع الأرض اكتظاظاً بالسكان، (غزة) مساحة هي لا تُذكر من بين قائمة دول العالم الحالية بمساحتها 510,072,000 كم²، منها 148,939,063 كم² يابسة (%29.2) والباقي ماء، يمنعونهُ عن أطفال غزة، ليستمتعوا بشراب دمائهم الطاهرة، وإبادة أكثر من 15 ألف شهيد منهم 46% أطفال، وتهجير وتشريد الباقين، في جرائم حرب ومجازر همجية وحشية لا إنسانية ترتكبها الصهيونية وتتباهى بأفعالها والعالم لا روح فيه.. فأي قيم تلك؟ وأي قوانين يعيشون ونعيش تحتها؟ وقد خلقنا الله أحراراً لكننا يا زعيم الأمة المصري "مصطفى كامل" لسنا الآن كذلك، بل إننا عبيد للمال والاقتصاد، عبيد لمن كُنا سادتهم، عبيد في عالم بلا مروءة ولا نخوة.. فتباً لحالنا ولما نعيشهُ في تلك الغابة، وهنيئاً لمن سكن الفردوس بجنانه، أميراً بحورية (أميرة) تتغنى بالدُعاء الذي بخلنا عنهم به.. فما بالنا أفي آخر الزمان نحنُ أم في الرقاد نائمين كأهل الكهف؟

لقد راح من أعلامنا شُهداء التحقوا بسلسلة من أرقام غير مسبوقة، خطفت الحرب الدائرة أرواح عدد من العاملين على الجبهات الأولى في الميدان، منهم صحفيون دفعوا حياتهم ثمنًا لنقل الحقيقة، بلغوا رقماً أكثر من 53 صحفياً وعاملاً في وسائل الإعلام مُنذُ السابع من أكتوبر ونصر الطوفان على تحالف الشيطان الماسوني، وما زال يُذيقهُم ويلات العار، كما خسر صحفيون آخرون أفرادًا من عائلاتهم، وكان أبرزهم مراسل الجزيرة في قطاع غزة وائل الدحدوح، والذي قُتل لهُ 12 شخصًا‘ من بينهم 9 أطفال في غارة إسرائيلية استهدفت المنزل، وما زال دحدوح بمهنته واقفاً منذ أن تلقى خبراً ثم حملهم ودفن عائلته في الميدان أسداً يُبكينا الحسرة، ونحنُ فقط نكتب ولا نتأمل، قد يكون فينا من يكتب مثلي تلك الكلمات ويبكي، لكنها والله كغيري يبكون لا يكفي ما نفعلهُ، فالله الله لهم ويا فرحتاه وهنيئاً لهم، ومنهم الفلسطيني البطل محمد صبح الذي قُتل في غارة إسرائيلية مع عدد من الصحفيين أثناء وجودهم أمام أحد مستشفيات غزة التي خرجت بنيتها التحتية من الخدمة لا حياة ولا ما ولا كهرباء (لا سمح الله)، فهُم مدنيون يقومون بعملهم في أوقات الأزمات والصراعات، لا ذنب لهم وبالرغم من ذلك تستهدفهم الآلات الدموية المُتحالفة مع إسرائيل، دون أن تحميهم الأطراف باتخاذ الخطوات والتدابير اللازمة لضمان سلامتهم، حتى من مات منهم من صحفي إسرائيل (4) وماتوا بيد جنودهم وبني جلدتهم، لينتقلوا جميعاً للسماء 46 فلسطينيًا، و3 لبنانيين، كما وإصابة أكثر من 11 صحفيًا، وفقدان ثلاثة واحتجاز 18 آخرين، بالإضافة إلى استمرار الهجمات والاعتقالات والتهديدات والرقابة، وفق منظمة لجنة حماية الصحفيين والمواثيق الدولية.

فرحم الله (آيات خضّورة آلاء طاهر الحسنات وبلال جاد الله وعبد الحليم عوض وساري منصور وحسونة سليم ومصطفى الصواف وعمرو أبو حية وأحمد فطيمة ويعقوب البرش وأحمد محمود القرا ومحمد أبو حصيرة ومحمد الجاجة ومحمد أبو حطب ومجد فضل عرندس وعماد الوحيدي وماجد كشكو ونظمي النديم وياسر أبو ناموس ودعاء شرف وسلمى مخيمر ومحمد عماد لبد ورشدي سرّاج ومحمد علي وخليل أبو عاذرة وسميح النادي ومحمد بعلوشة وعصام بهار وعبد الهادي حبيب ويوسف دوّاس وسلام ميمة وحسام مبارك وأحمد شهاب ومحمد فايز أبو مطر وسعيد الطويل ومحمد صبح وهشام النواجحة وأسعد شملخ ومحمد الصالحي ومحمد جرغون وإبراهيم لافي وفرح عمر وربيع المعماري وعصام عبدالله)، ومن القتلى الإسرائيليين: (وروي إيدان وشاي ريجيف وأيليت أرنين ويانيف زوهار).

رحم الله شُهداءنا، وألهم ذويهم وعائلاتهم الصبر فهُم يدفعون ثمن عمل أبنائهم، ولقد أثار مقتل عائلة الدحدوح غضبًا كبيرًا، يوثق ردة فعل أبطال المهنة، قائلا: "بينتقموا منا في الولاد، بينتقموا منا في الولاد، معلش.. إنّا لله وإنّا إليه راجعون".

إنّ الصحفيين والإعلامين والعاملين معهم يقدمون تضحيات كبيرة، خاصة من يتواجد داخل القطاع، إذ دفعوا وما زالوا يدفعون ثمنًا باهظاً، ويواجهون تهديداتٍ كبيرة، وسط الغارات الإسرائيلية شمال ووسط قطاع غزة، لتكون هناك صعوبةً في رصد الحقيقة وتوثيق الجرائم المرتكبة بفعل كثافة الغارات، وقتل الصوت والصورة، لتكون التحقيقات الإسرائيلية "الصندوق الأسود" في طول مدتها وسريتها، إذ لا توجد وثيقة سياسات تصف طبيعة عملية التحقيقات الدموية منذ عام 2014، وانتقدت جماعات حقوق الإنسان هذه التحقيقات، قائلةً إنها تستند إلى شهادات الجنود دون القيام بجمع أدلة أخرى، كما أنهّا تُجرى بعد وقت طويل من وقوع الحوادث التي يتم التحقيق بها.. لهم الله ولنا، لكن علينا ولو بما نملك أن نقف يوماً واحداً كل الوسائل الإعلامية والصحفية ولو ساعة نتكلم عنهم، فهُم قد نجحوا في الاختبار أما نحن فلا ندري من يجتازهُ وبأي درجة.. فلنا الله.

ليفانت - إبراهيم جلال فضلون

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!