الوضع المظلم
الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • "محمد علوش" من الاستثمار في دماء السوريين إلى الاستثمار في مطاعم إسطنبول!

محمد علوش من الاستثمار في دماء السوريين إلى الاستثمار في مطاعم إسطنبول

شهدت مدينة أسطنبول التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لتركيا، ليل أمس السبت، حدثاً اقتصادياً كان يمكن أن يكون اعتيادياً لو أن صاحب الحدث ليس "محمد علوش"، كونه عرف حتى وقت قريب بأنه مُتحكم أو بالأحرى مُستثمر ملف غوطة دمشق المحاصرة، والتي كان مسلحوه ومسلحو مليشيا "فيلق الرحمن" يتنازعون السيطرة والهيمنة فيها.


ليكشف ذلك الوجه الحقيقي لمن صعد على آلام السوريين وسرق منهم حلمهم بوطن يستحق العيش فيه، فلا هم أبقوا الوطن، ولا بقوا فيه، بل سلبوا ما أمكن لهم على حساب عذابات السوريين، قبل أن يلوذوا بالفرار، ويستقروا في أمكان مترفة، متفرغين لأعمالهم الخاصة التي افتتحوها من أموالٍ تلقوها باسم السوريين.


التقبل الروسي لـ علوش..


"محمد علوش" هو ابن عم "زهران علوش"، المتزعم السابق لمليشيا "جيش الإسلام" والذي قتل في غارة لقوات النظام في الخامس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر 2016، وبدأ أسمه بالبروز عقب تعيّنه كبيراً للمفاوضين، في ينابر العام 2016، ضمن الوفد الممثل للمعارضة في المفاوضات السورية، في إطار "الهيئة العليا للمفاوضات" المنبثقة عن اجتماع الرياض.


ويبدو أن علوش قد حظي بالقبول الروسي، رغم أن مليشيا "جيش الإسلام" مصنفة على قوائم الإرهاب لدى موسكو، ففي الثامن عشر من يناير العام 2017، قال “سيرغي لافروف” وزير الخارجية الروسي، في مؤتمرٍ صحفي، إنّ جميع الفصائل التي وقعت على اتفاق وقف إطلاق النار مدعوةً للمؤتمر الاستانة، عبر مُمثليها الذين وقعوا على الاتفاق أنفسهم، وأضاف الوزير إنّ بلادهُ لا تُعارض مُشاركة “محمد علوش” مُمثلاً عن “جيش الإسلام” لمُشاركته في الاتفاقات التي تم التوصل إليها، إضافةً إلى أنّهُ غير مُدرج على قوائم المُنظمات الإرهابية لدى الأُمم المُتحدة، واستطرد بالقول: “يُمكن لكل فصيل، غير مُرتبط بداعش أو جبهة النُصرة، الانضمام إلى اتفاق /29/ ديسمبر/كانون الأول، ونحن ندعو كافة الفصائل لذلك”.


تنفيذ أجندات تركية..


وكان واضحاً مدى الاستجابة والخدمات التي نفذها "علوش" عبر مسلحيه للجانب التركي، حيث سعى لاستغلال منصبه في إطار اتهام باقي المكونات السورية بالإرهاب، دون محاولة التحاور معها، والوصول إلى توافقات قد ترضي جميع السوريين على اختلاف مشاربهم العرقية والسياسية والدينية.


وفي هذا السياق، قال الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب ”ريدور خليل” في السادس والعشرين من يناير العام 2017، أن قواتهم حاربت وتُحارب الإرهاب منذ تأسيسها، وأن ما طالب به رئيس وفد المعارضة إلى “أستانة” وهو "محمد علوش" لوضع اسم قواتهم في لائحة الإرهاب، لهو "مطلبٌ تركي".


وقال خليل: "لم يخفي رئيس وفد المعارضة المسلحة إلى محادثات أستانة محمد علوش حقده الدفين تجاه الشعب الكردي ووحدات حماية الشعب وما تم إنجازه في عموم الشمال السوري حين طالب وبدعوة من المخابرات التركية بإدراج قواتنا في قائمة الإرهاب أسوة بتنظيم داعش الإرهابي".


صراع الاحتكار.. 


وخلال سنوات الحصار على الغوطة الشرقية في ريف دمشق، كان واضحاً الجهد الذي بذله قادة مليشيا "جيش الإسلام" وقادة مليشيا "فيلق الرحمن"، لكن ليس لحماية السوريين وأو صون حيواتهم، بل لتوسيع نفوذ الأطراف الأقليمية، إذ شهدت الغوطة الشرقية، نيسان العام 2017، بداية الاقتتال بين "جيش الإسلام" من جهة، وبين "فيلق الرحمن" و"هيئة تحرير الشام" من جهة أخرى، ما أسفر عن مقتل وجرح العشرات بينهم مدنيون، فيما اتهم "جيش الإسلام" كلاً من "فيلق الرحمن" و"تحرير الشام"، نهاية أيار العام 2017، بـ"اعتقال وتهجير عناصره أو أي مدني مقرّب منهم، من مناطق سيطرتهم في الغوطة الشرقية باتجاه مدينة دوما (15 كم شمال شرق العاصمة دمشق).


وفي يوليو العام 2017، نفى الطرفان الأنباء عن عقد اتفاق بين "فيلق الرحمن" و"جيش الإسلام" في الغوطة الشرقية بريف دمشق، إذ قال "وائل علوان" الناطق باسم فيلق الرحمن، إن القضايا بين الطرفين لا يمكن حلها في لقاء، بل تناقش عبر قنوات محددة، فيما أتهم مراقبون الجانبين بأن صراعهما لا يتعدى كونه تنافساً على موارد المال، التي كانت تصل باسم "دعم الثورة في الغوطة".


الغوطة وعفرين..


لكن يبدو أن الامور قد تبدلت عقب السيطرة التركية المدعومة بمليشيات سورية موالية لتركيا على عفرين شمال سوريا، والتي تزامنت مع إخراج النظام لمليشيات الغوطة منها، في صفقة تبادل كانت واضحة بين الجانبين التركي والروسي، عبر استبادل مناطق تحت سيطرة كل منهما بالأخرى، فتنازلت بموجبها روسيا عن عفرين، التي كانت تحتفظ بوجود رمزي فيها، مقابل سحب تركيا لجميع المسلحين المتواجدين في أرياف دمشق وحمص وغيرها.


فعقب ترحيلهم إلى عفرين، وإثر اقتتالٍ دام لعدة سنوات في الغوطة الشرقية، اتفق في مايو العام 2018، كل من قادة "جيش الإسلام" وقادة "فيلق الرحمن"، حيث نشر ناشطون صوراً لاجتماعٍ ضمّ كلاً من "عصام بويضاني" عن جيش الإسلام و"عبد الناصر شمير" عن فيلق الرحمن، وهو ما أكد أن الخلافات بين الجانبين لم تكن في أي وقت قضية وطنية تعني السوريين، بل حرباً بالوكالة عن دول تموّل مليشيات لتحارب عنهم، ولم يعد هناك من داع لها، بعد أن أصبح ممول كليهما هو "التركي" الذي يبدو أنه قد قرر لهما أن يتفقا.


ملفات كثيرة..


ولا يبدو أن ملفات علوش مقتصرة على موضوع استثماراته ذات التمويل المشبوه في تركيا، حيث تلاحقه شبهات أخرى تتعلق باتهامات حول طلبه في العام 2017 بمبلغ مليون دولار للانضمام إلى الائتلاف! ثم أسباب استقالته من هيئة التفاوض في خامس جولة من “الأستانا”، عقب مشاركته فيها وتحاوره مع الروس، حيث لم يفِ "علوش" وفق ناشطين بتعهداته لأهالي “الغوطة الشرقية” حين قال إن “جيش الإسلام” لن يقدم أي تنازل في الغوطة خلال المباحثات مع الجانب الروسي مطلع 2018، ليقدّم استقالته بعدها بشهرين من رئاسة المكتب السياسي لـ”جيش الإسلام” عقب اتفاق التسوية الذي خرج بموجبه مسلحوه من “الغوطة” نحو “إدلب”، لتدخلها قوات النظام.


التفرغ للاستثمارات الخاصة..


ويتبيّن أخيراً أن علوش قد قرر الأكتفاء ربما مما استحصله باسم السوريين، وتوجه على إثر ذلك للتفرغ لمطاعمه واستثماراته، وهي ربما كانت غائبةً عنه في أكبر أحلامه، لولا تحوله إلى "تاجر حرب"، كانت آخر نتجاتها افتتاح مطعمٌ بُرجي أمس السبت، ليضاف إلى مطعم أصغر وأقدم منه (تم افتتاحه مطلع 2016) وبنفس الاسم، وهو "إيوان"، حيث تواجد المفاوض السابق باسم السوريين بنفسه في افتتاح المطعم ويقف في الصف الأول للمستقبلين، فيقطع معها الشك باليقين، حيث جاء افتتاح المطعم الذي يقدر بمئات آلاف الدولارات بالتزامن مع الحملة التي يشنّها النظام والروس على إدلب، لتؤكد أن علوش وأمثاله ليسوا معنيين سوى بمصالحهم الشخصية، وإن على أنين الثكالى وعذابات المُيتمين.


ليفانت-خاص


متابعة وإعداد: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!