الوضع المظلم
الخميس ١٤ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
معارضة كالكافيار.. إن كانت تناسب موائدكم
هدى سليم

لم يكن مُنتظراً أن تُخرِج المعارضة السورية رأسَها من التراب وتردّ على كلام رئيس الوزراء القطري ووزير خارجيتها الأسبق، حمد بن جاسم، فبالتأكيد لم تغرق في سباتٍ لتستفيق منه وترى نفسها قد تحلّت بشجاعة الاعتذار من الشعب السوري، ولا بشجاعة البدء بموقفٍ وطنيٍ لم تطرحه منذ بداية تمثيلها للشعب الثائر.

لا تخلق الظروف شخصيةً مقاوِمة عنيدة وذات مبادئ، تُعلي ثوابتها إن كانت شخصية أو وطنية على أمور الحياة الأخرى، صغرت أم كبرت، ولم تكتسب الشخصيات القيادية المقاوِمة عبر التاريخ الكرامةَ بين ليلةٍ وضحاها، بل هي وُلِدَت وبدمها الرفض للانحناء وكافة مظاهر التبعية والاستكانة، لتتحول في ظرفٍ تاريخي إلى رمزٍ يُخلَّد.

كلام السيد حمد بن جاسم، لا بد أن يحرّك القيمة السورية بداخل كل سوري ما زال يؤمن بسوريا دولة حرة وذات سيادة، بعيداً عن أي مرحلة وعن أي أفراد.

ليست الظروف المواتية ما تجعل التغيير خياراً، فقد كان ضرباً من الخيال أن يتغلّب الشعب السوري على خوفه من المواجهة، أثبتت الأيام أنّها ليست كمواجهة نظام ابن علي في تونس، ولا نظام مبارك في مصر، ولا حتى نظاماً كنظام القذافي في ليبيا.

ولم تكن الظروف مواتية لتعلن رواندا الثورة على حربها وتبدأ ببناء دولتها الجديدة لكل الروانديين وعلى أسس الدولة الحديثة، ولن يكون هناك ظروفٌ مواتية يوماً، بل لا بد من خلقها والإصرار على تطويعها.

قرار البناء لا يمكن أن يكون سورياً إلا بأيدي السوريين أنفسهم وإيمانهم وحدهم بشكل ومصير دولتهم المستقبلية، يحتاج طريقاً طويلاً وإصراراً دون مُنتهى، لكنه السبيل الوحيد، هكذا يقول التاريخ وهكذا قال مارتن لوثر كينغ الابن (1929-1968) "الآن دعونا نبدأ، الآن دعونا نـَنـْذُر أنفسَنا من جديد للنضال الطويل والمرير، لكن الجميل، من أجل عالمٍ جديد".

سيد حمد بن جاسم، ما زال لغزاً مُحيّراً لكثير من السوريين، تسمية الائتلاف السوري الذي تم تشكيله في العاصمة القطرية الدوحة بـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة". إن كنتم تملكون الإجابة من ضمن مخزون الذاكرة الجميل الذي نُصغي إليه في مقابلاتكم، علَّه يسعفنا في طريقنا إلى الحرية.

كيف تم تلبيس الثورة لشخوص المعارضة، وكيف تم إقحام المعارضة وقوى الثورة في بيدقٍ واحد؟ هل كانت الثورة بحاجةٍ إلى المعارضة، أم أنّ المعارضة هي من تلبست ثوب الثورة؟

فبينما توجد المعارضة لزاماً بوجود السلطة، لتموضع نفسها كندٍّ تختلف في المشاريع والرؤى وتعمل سياسياً لاستلام السلطة أو حتى تقاسمها لتنفيذ رؤيتها، تأتي الثورة لتكون لحظة تاريخية فارقة، تهدف للانقلاب التام بدون مهادنة ودون مساومة، منطلقةً من فطرةٍ إنسانيةٍ لرفض الظلم والخنوع وتحقيق أهداف الحرية والكرامة، مستمدةً قوانينها من نبض الشارع وعفويته، بعيداً عن قوانين الأحزاب وأنظمتها.

أنتم يا سيدي نعتُّم المعارضة السورية "التي رأيتموها" بالسلَطة، ولكن هذا الطبق الذي يأكله الناس وهم جالسون على طاولاتهم في المطاعم، يمرُ بمراحل، دعني أوضحها، فربما عملكم ومركزكم لا يتيح لكم التعرف على تفاصيل كيفية إعداد الطعام، فهناك يا سيدي من يحضِر الطعام، وهناك من يقدمه، وهناك من يأخذ الفاتورة ثمناً لهذا الطعام، اسمح لي أن أقول لكم إنكم رأيتم فقط من أخذ فاتورة الطعام.

أما عن المطبخ السوري فهو وكما تعلمون يا سيدي، كبيرٌ ومتنوع، فتفضلوا ادخلوا مطبخ الثورة السورية، لترَوا الصانع الحقيقي لها، عندها سترون معارضةً كالكافيار، إن كانت تناسب موائدكم.

ليفانت - هدى سليم

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!