الوضع المظلم
الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • منتدى أبو ظبي لتعزيز السلم واستراتيجية جديدة لمكافحة التطرّف والإرهاب

منتدى أبو ظبي لتعزيز السلم واستراتيجية جديدة لمكافحة التطرّف والإرهاب
معتصم الحارث الضوّي

في اختتام النسخة الثانية من المؤتمر الذي طالت مداولاته لثلاثة أيام في العاصمة الموريتانية نواكشوط، أطلقت كوكبة من المفكرين الأفارقة استراتيجية جديدة لمحاربة التطرف والإرهاب، ونشر ثقافة السلم والتسامح.

جاء هذا المؤتمر الذي نظمه منتدى أبو ظبي لتعزيز السلم تحت رعاية الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني تتويجاً لأعوام طويلة من التعاون المثمر بين المنتدى والأطر الموريتانية، وعلى رأسها المعهد الموريتاني للدراسات الاستراتيجية، وتفعيلاً لإدراك متعمق لطبيعة الواقع الذي اختلط فيه حابل التدين بوابل التطرّف، وساقت النيات الطيبة الممزوجة بالسذاجة الكثيرين إلى حتفهم.

لا عجب أن يختار منتدى أبو ظبي لتعزيز السلم موريتانيا لتنظيم هذا المؤتمر فائق الأهمية، ولم يكن لانتماء رئيس المنتدى، العلامة الدكتور عبد الله بن بيّه، إلى أرض المليون شاعر وفقيه أدنى تأثير في الاختيار، إذ إن الدولة الموريتانية كانت رائدة بين الدول العربية في إدراك حقيقة التهديد الإرهابي، فاطلقت دعوة وطنية لمجابهته عام 2009، وأصدرت في 2013 توصيات لإنشاء جهاز وطني لمحاربة الإرهاب ونشر قيم العدالة والتسامح، ووضعت رؤية استراتيجية شاملة لدحر الإرهاب ربطت بين المعالجات القانونية والتنموية والدينية والفكرية والأمنية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية، وكانت النتيجة باهرة بحجم التخطيط المُحكم، ففي منطقة ملتهبة لم تعرف الأمن سنوات عجاف استأصلت موريتانيا شأفة الهجمات الإرهابية منذ عام 2011، مما دفع الاتحاد الأوربي، في مارس 2019 إلى وصف التجربة الموريتانية بالأكثر نجاحاً وفاعلية، وأنها نموذج يُحتذى لبلدان الساحل والصحراء، كما حظيت التجربة بالإشادة والإعلاء من قبل الأمم المتحدة أيضاً.

مما يثلج الصدر أن توصيات المؤتمر، بخلاف ما عهدنا في المؤتمرات الكبرى، لم تتجه للخطاب المنمق وبذل الوعود الجوفاء؛ بل زاوجت بين الفكري والعملي، والتربوي والاقتصادي، والمعرفي والاجتماعي، والعملياتي والإعلامي.

إن تلاحم منتدى أبو ظبي لتعزيز السلم؛ الصوت المعتدل الذي يدرك القائمون عليه جوهر الدين قبل نصّه، ويعون مشقة المهمة التي وضعوا على عاتقهم من نشر الوعي وقيم السلم والتسامح، والجهود الموريتانية الفاعلة في مجابهة الإرهاب بكافة مستوياته وتمظهراته، ليبعث على التفاؤل بأن حربنا على التطرّف والإرهاب محسومة لصالح التدين الصحيح والمنطق العقلاني، وأن تيارات الظلام بشقيها المسلح والمؤدلج لن تنجح في مساعيها لبثّ الفتن وتأجيج الصراع، وأن جناحين؛ من أقصى مشرق الوطن وأباعد غربه يرفرفان بشمم لينعتق الطائر من ثرى التطرّف إلى ثريا الحقيقة.

ليفانت - معتصم الحارث الضوّي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!