الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
نبذة عن حياة الفقيد .. مسودة نعوة حزب الله 
حزب الله وإيران/ أرشيفية

ليفانت :  أوس نمر

لفت نظري حديث أحد الإعلاميين على قناة الجزيرة مخبراً حول تحضير الصحافة الأمريكية مسودات نعي لحسن نصر الله ، إلا أني أرى النعوة تكاد تستوجب في الفقيد "حزب الله" ذاته ، فكيف قد تكون !! 



تراها تبدأ على الطريقة الشامية  بذكر أب الفقيد روح الله الخميني مثلا و عم الفقيد البائس علي خامنئي ، وشقيق الفقيد الأكبر الحرس الثوري الإيراني ، وزوجته عائلة البهرزي الكاكائية ..  لا أظن أن شيئاً قد يهم الناس في سيرة فصيل عسكري كهذه إلا آخر معاركه ..


بالرغم من استعادة لبنان لأراضيها المحتلة عام 2000 باستثناء بضع كيلومترات ملتصقة بالجولان السوري هي -مزارع شبعا- ظل الحزب طوال الأعوام الماضية يطور قدراته العسكرية ، ويجمع ترسانة الصواريخ مقابل انتهاج إسرائيل خيار احتوائه أمنياً ، عبر التعقب و الاختراق بمختلف المستويات و جمع المعلومات التي تضمن قدرة إسرائيل على تدمير هذه الترسانة في اليوم الذي قد تشكل فيه خطراً حقيقياً عليها.
لقد كانت إسرائيل تقف بجوار حسن نصر الله تناوله ذاك الطوب الذي بنى فيه ما يصفوه بجدار و معادلة الردع .. طوبة طوبة ، و صاروخا صاروخا، و بيجراً بيجراً..
ولم يتم ذلك عبر الاختراقات المباشرة في صفوف الحزب وحدها إنما أيضاً عبر الاختراقات العميقة التي يحققها الموساد في النظامين الإيراني و السوري الموردين الرئيسيين لترسانة الحزب ، لقد ضمنت إسرائيل منذ اليوم الأول وصولها لجذور أعصاب حزب الله في كل مفصل و ناب ..

وهو مافسر لاحقاً عدم خشية اسرائيل من تطاول و مغامرات الحزب الإقليمية في سورية أو سيطرته الكاملة على لبنان ، خاصة وأن دور حزب الله كان تخريبياً على الصعيد الوطني في سورية أو لبنان ، فكان اتساع نفوذه هذا فضلاً إضافياً يجود به على إسرائيل ، فيزيد من كراهية شعوب المنطقة للحزب من جهة ويسهم في تدميرها من جهة أخرى.

ومع سابقة طوفان الأقصى فجرت حماس ينبوعاً من أحلام كاد المسلمين والعرب أن ينسوها ، و تلك الأمال والعواطف وفق تقدير الإسرائيليين هي سلاح العرب الوحيد الذي قد يزعجها يوماً ، كانت ضربة الطوفان كبيرة جداً على كل المستويات و أدت لإعلان قادة إسرائيل حرب بقاء و عزمهم إزالة جميع التهديدات دون تردد ، وفعلاً تبدى هذا الخيار استراتيجية واضحة فرضته ضرورة ترميم دعوى التفوق الصهيوني و هيبة أمنها قبالة الخطر الوجودي الذي تعرضت له.

وضع السنوار حزب الله في "خانة اليك" وهو تعبير فارسي بالمناسبة  ، وسواء كان قاصداً شركاءه الإيرانيين بذلك أم أنها فلسطينُ سئمت من تجار قضيتها فانبثقت من صفحات القدر تفعل بأيدي السنوار ورفاقه أفاعيلها ..

ومع صباح طوفان الأقصى جهدت كل من إيران و حزب الله لإنكار معرفتهما المسبقة بالعملية  في محاولة للنأي بنفسيهما عن تبعات الأمر الجلل ، فقد أدرك حزب الله وإيران حجم الألم الإسرائيلي ، وجدية هذه المعركة منذ الأيام الأولى لطوفان الأقصى ، ولم تدخر إيران جهداً  في محاولات المناورة للمحافظة على الحزب أو الوضع الراهن والتملص من عواقب طوفان حماس ، سواء بالتصعيد المدروس أو التهديد بالتصعيد ، لكن شيئاً لم يجدي في الحقيقة ..

اقتضت الوقائع الصاخبة والتسليم بها ، مبادرة حزب الله وباقي أدوات إيران لبدء أنشطة " استعراكية " وهو مصطلح افتتحه طازجاً ، مدفوعاً بموجة الاستهزاء التي أحاطت بالمشهد  وموضة المصطلحات الراهنة ، لقد كانت معارك استعراضية تحاول بها أطراف محور المقاومة التماسك في قضيتها و ترابطها المزعوم  أو حفظ ماء الوجه ،
 وتعرض حزب الله لسخرية محقة في وصف معارك إسناده ب "ذات العواميد" التي قرأها المتابعين كنكوث بعهد وحدة الساحات ومحاولة في سد الذرائع.. ، محرجاً ومضطراً تابع حزب الله تأدية ذلك الدور بانتظار تغيرات ما في المشهد يمكن للقيادة في إيران التعامل معها ..
.
فخيار الحرب الإسرائيلي كان قد اتخذ بالفعل ، ورأينا إسرائيل تسير إليه بخطى ثابتة ، ازدادت ثقتها مع اختبارها ردود إيران الهزيلة على الاستفزازات الاسرائيلية المباشرة لها ، حتى جاز القول أنها مرغت مراراً هيبة إيران في الوحل سواء بقصف سفاراتها او قتل رئيسها او اغتيال هنية على أراضيها ..  
كان أقصى مايطلبه المحور المسمى مقاوماً هو وقف إطلاق نار في غزة مع الاحتفاظ باعتبار المحور ولو جزئياً ، لم يستطع رفع مستوى تدخل أدواته في المعركة حيث لم تتعدى خسائر تدخلاتهم البشرية في إسرائيل أصابع اليد مقابل إبادة جماعية ارتكبتها اسرائيل على الهواء في غزة.

وفي الوقت الذي كانت أمريكا تؤكد أنها و حاملات طائراتها وجدن لمنع اتساع رقعة الصراع ، فهم العالم أن المطلوب من إيران مجرد الاستسلام والهدوء وإيقاف الشغب ريثما تقطع أيديها في المنطقة ، ويجدد استطراق الموازين بشكل يهدي اسرائيل السكينة التي تحتاجها.
مع وصول تلك الحاملات ، فاتت فرصة الطوفان العملياتية على أدوات المحور ، واستعادت إسرائيل زمام الأمور ، ثم بدأت في العقاب الجماعي ضد غزة وسكانها المقاومين مستفردة بهم بلا أي حليف حقيقي.

تابع حزب الله استعراكياته و تابعت إيران محاولات تفاوضها إلى أن بلغنا من الوضوح مبلغاً عجباً ، فهاهي إسرائيل تطارد قادة حزب الله في كل مكان و تصمم على تدمير قدراته الاستراتيجية  ومخازن صواريخه و إعادته لهيئته الأولى.
وسط تخلٍ فاضح ومهين من إيران ، وتكهنات بنية إسرائيل استمرار التحرش فيها لتفعيل الدعم الأمريكي واكمال استثمار الموقف .
ولا تزال اسرائيل تحظى بسعة في الدعم إذ تبدو سياسة الحلف الغربي مع إسرائيل هي تحقيق أمن اسرائيل وكل رغباتها بأقل التكاليف ، واستمرار دعمها على طريق زوال جميع التهديدات حول إسرائيل بدءاً من حزب الله وانتهاء حتى بالنظام الإيراني نفسه ، إذا مانجحت إيران في جر الولايات المتحدة الأمريكية رسمياً..
ومايجدر بالذكر أن دعوات التهدئة ومحاولات التفاوض جميعهاً كانت تسعى للحفاظ على جدولة العملية العسكرية لإسرائيل ، وإجبار المشاغبين على الاصطفاف برتابة لتلقي العقوبة .. فمنهم من تقلم أظافره ومنهم من يصفع وتسحب امتيازاته ومنهم من تقلع أنيابه ويترك لتتناهشه ضباع الغاب في عالم الغاب هذا الذي نعيشه.

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!