الوضع المظلم
الإثنين ١١ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
نظرة مختلفة في التصريحات الأوروبية 
أيوب نصر

لم يكد العالم يستوعب تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي ألقاها على المسامع من الصين، حتى جاءت تصريحات رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، مؤيدة لتصريحات ماكرون ومتوافقة معها.

ومما جاء في تصريحات الرئيس الفرنسي قوله: " إن على أوروبا ألا تتبع أمريكا أو الصين بما يخص تايوان بل يجب أن تعمل على اتباع استراتيجية مستقلة في هذا الصدد"، و" "أسوأ ما في الأمر أن نعتقد أننا يجب كأوروبيين أن نكون تابعين في هذا الملف وأن نتأقلم مع الإيقاع الأمريكي أو رد الفعل المبالغ فيه من الصين".

ثم جاء تعقيب شارل ميشيل داعماً ومؤيداً، لما ذهب إليه ماكرون من ضرورة الاستقلال الاستراتيجي لدول أوروبا عن الولايات المتحدة الأمريكية، معتبراً أن "أسوأ ما في الأمر أن نعتقد أننا يجب كأوروبيين أن نكون تابعين في هذا الملف وأن نتأقلم مع الإيقاع الأمريكي أو رد الفعل المبالغ فيه من الصين"، كما يرى في تصريحات ماكرون "قفزة إلى الأمام بشأن الاستقلالية الاستراتيجية مقارنة بسنوات مضت".

وبالنظر في هذه التصريحات، يمكن الانتهاء إلى نتيجتين، أولاهما تؤدي إلى الثانية. فأما النتيجة الأولى، فهي أنه دائماً ما كنا نسمع من الأوروبيين إنكارهم لأي تبعية إلى أمريكا، وأنهم لا يخضعون لها وأن أي قرار استراتيجي يتخذونه إنما يتخذونه بناء عن ظهر اقتناع منهم لا عن تبعية عمياء للولايات المتحدة، ولطالما أمعن الأصدقاء الأوروبيون في إنكار هذه التبعية، مصرين على استقلال قرارهم الاستراتيجي، ولكن من أبسط نظر في تعليقات الرئيس الفرنسي ورئيس المجلس الأوروبي، فإنه يظهر جلياً واضحاً رغبتهم في التخلص من التبعية الأمريكية، وكيف يستقيم في العقل أن يتخلص من شيء هو غير موجود أصلاً؟ فوفق مفهوم المخالفة فإن التبعية الأوروبية للولايات المتحدة الأمريكية أمر موجود، وإلا ما عبر القادة الأوروبيون عن رغبتهم في إنهاء هذه التبعية والتخلص منها.

أما النتيجة الثانية، إذا كان للأوروبيين القدرة على التخلص من التبعية للولايات المتحدة، فلماذا لا يستغلون قدرتهم على ذلك في التخلص منها في الملف الأوكراني، وهم أكثر الناس تضرراً من هذه التبعية في الملف الأوكراني؟ كما أن تصريحاتهم حول ملف تايوان، هي تصريحات غير متباينة للموقف الأمريكي الذي لا يتجاوز مبدأ "الصين الواحدة"، فحتى في قرارهم الاستراتيجي المستقل لم يخالفوا الولايات المتحدة.

إن هذه التصريحات، لا تزيد عن كونها مناورات سياسية غربية، تحاول الدول الغربية من ورائها كسب الصين و إبعادها عن روسيا، بعدما فشلوا في كسب روسيا وإبعادها عن الصين، وهي لا تخرج في مجملها عن تطبيق وصايا هنري كيسنجر الداعية إلى عدم ترك المجال أمام الصين وروسيا لتوطيد علاقاتهما وتوحيد جبهتهما.

ليفانت - أيوب نصر

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!