الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
هل بدأ بايدن يفكر بالطريقة الإسرائيلية تجاه إيران؟
عبد الناصر الحسين

في المحادثات المتعلقة بالملف النووي الإيراني والتي أفضت سابقاً لتوقيع البروتوكول النووي بين إيران ومجموعة الـ(5+1)، كانت الدبلوماسية الإيرانية تشعر بالغرور والارتياح بأن العالم يفاوضها، وأنهم يحققون انتصارات ضخمة، في مناورات التفاوض، مع أن فكرة التفاوض من أصلها قائمة على عنوان مهين للإيرانيين وهو «منع إيران من حيازة السلاح النووي».

اليوم تختلف الأجواء تماماً فلا مجال للدبلوماسية الإيرانية أن تستعرض أمام العالم لأن المحادثات تحدث في أجواء متوترة من ناحية إسرائيل تحديداً، لا سيما وأن نقاطاً سلبية كثيرة سجلت على السياسة الإيرانية، خلال السنوات الأخيرة، التي أعقبت انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي في بداية عهد الرئيس الأمريكي السابق «دونالد ترامب».

بعد أن أرسلت أمريكا إلى إيران تعديلاتها الأخيرة على المقترح الأوربي والتي حملت بصمات إسرائيلية، تنتظر إيران ردّ الولايات المتحدة على ملاحظات تقدمت بها الأسبوع الماضي بشأن النص المقترح للاتفاق النووي المفترض مع القوى الكبرى، فيما اعتبرت واشنطن أنّها "غير بنّاءة".

وقال المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني: "إن إيران تنتظر إجابة الأطراف المقابلة، وعلى وجه الخصوص الحكومة الأمريكية"، معتبراً أن موقف بلاده "بنّاء وشفاف وقانوني". وأن "إيران تسعى لإلغاء العقوبات لتوفير الفائدة الاقتصادية للأمة الإيرانية، وهذا ضمن أولوياتنا".

تركز إيران على أمرين أساسيين في جدلها مع الدول الغربية، الأول هو توقيع اتفاق يتمتع بالديمومة، فطالبت بضمانات بعدم نقضه لاحقاً كما فعل ترامب. والثاني هو إقفال الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف مواقع إيرانيّة يشتبه بأنها شهدت أنشطة غير مصرّح عنها، قبل العودة للاتفاق بشكل كامل.

وقد أكد وزير الخارجية الإيراني، «حسين أمير عبد اللهيان» الأربعاء، من موسكو، الحاجة إلى نيل ضمانات أوثق في نصّ التفاهم المقترح من الاتحاد الأوروبي. مكرراً مطلب طهران بأن تقفل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملف المواقع الإيرانية، قبل العودة للاتفاق بشكل كامل.

في الوقت الذي ظهر فيه الرئيس الأمريكي «جو بايدن» مهتماً بتوقيع الاتفاق النووي مع طهران بل ومستعجلاً في ذلك، برز الدور الإسرائيلي نشطاً مجتهداً في تعويق توقيع الاتفاق وتعطيله مهما تكن صيغته، فقد مارس الإسرائيليون ضغوطهم على الإدارة الأمريكية متضامنين في هذا مع بعض أصوات «الجمهوريين» في الكونغرس الأمريكي، الرافضين للتساهل مع إيران.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، «يائير لابيد»، الأحد، إن بلاده أطلقت حملة ترمي إلى الحيلولة دون إبرام إيران والقوى الكبرى اتفاق بشأن برنامجها النووي، وتشمل الحملة إجراء اتصالات مع الولايات المتحدة، يشارك فيها رئيس الموساد، «ديفيد بارنياع» الذي سيسافر إلى واشنطن للقاء المسؤولين الأمريكيين بشأن الاتفاق النووي الذي يبدو أن إبرامه مع إيران بات قريباً.

الضغط الإسرائيلي يؤتي ثماره، فالولايات المتحدة أخذت بالاعتبار الملاحظات الإسرائيلية، وبايدن تعهد برفض إسقاط التحقيقات في آثار اليورانيوم التي تم العثور عليها في مواقع إيرانية والتي تضغط طهران من أجل غلقها قبل التوقيع على الاتفاق النووي، وهذا ما أبلغ به بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد.

لكن الأهم من ذلك هو تعهد الرئيس الأمريكي بألا تكون إسرائيل مقيدة بضرب برنامج إيران النووي أو استهداف مواقع إيرانية في سوريا، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.

علمت إيران بأن اليد الإسرائيلية على الزناد وأن الأمريكان بصدد إطلاق الإشارة المناسبة في التوقيت المناسب، فاتخذت القيادة الإيرانية إجراءات أمنية تحسباً للقادم المحتمل، فجهزت 51 من مدنها وبلداتها بأنظمة دفاع مدني ورفعت مستوى تأهب قوات الدفاع الجوي لإحباط أي هجوم أجنبي محتمل، وسط تصاعد للتوتر مع إسرائيل والولايات المتحدة.

إن احتدام السجال التفاوضي في الأرض انعكس في الفضاء بتحليق قاذفتين من طراز «بي 52»؛ القادر على حمل رؤوس نووية، فوق منطقة «القيادة الوسطى» التي تشمل الشرق الأوسط، وقالت «قيادة المنطقة الوسطى»، في بيان: إن القاذفتين حلقتا إلى جانب طائرات مقاتلة تابعة لسلاحي الجو الكويتي والسعودي فوق شرق البحر الأبيض المتوسط وشبه الجزيرة العربية والبحر الأحمر، قبل مغادرة المنطقة.

وفي السياق نفسه، قال الجيش الإسرائيلي إن 3 مقاتلات إسرائيلية من طراز «إف 16» رافقت القاذفتين الأمريكيتين عبر سماء إسرائيل في طريقهما إلى الخليج، واصفاً تعاون إسرائيل مع الجيش الأمريكي بأنه مفتاح للحفاظ على الأمن الجوي في إسرائيل والشرق الأوسط.

وتم توسيع نطاق «القيادة المركزية الأمريكية»، العام الماضي، ليشمل إسرائيل، في خطوة تهدف إلى تشجيع التعاون الإقليمي ضد إيران في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الأمر الذي واجهته طهران بالاستياء والاستنكار.

ويبقى السؤال قائماً: هل يعلق رفض إيران تقديم تفسيرات للمواد النووية واشتراطها إغلاق هذا الملف مقابل حسمها محادثات فيينا العودة للاتفاق النووي؟

 

ليفانت - عبد الناصر الحسين

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!