الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • إيران واقعها.. حاجتها وبديلها الديمقراطي (ج1)

  • إيجاز لأوجه واقع الحال في إيران
إيران واقعها.. حاجتها وبديلها الديمقراطي (ج1)
د. محمد الموسوي

إيران الجارة المشرقية غير العربية للعرب شريكة الجغرافيا والحضارة والتاريخ، وبوضعها الحالي تحت سلطة حكم ولاية الفقيه لا تكتفي بأن تكون شريكة الجغرافيا والحضارة والتاريخ مع العرب بل تريد مترفعة أن يكون العرب تابعين لها تريد الترفع على تركيا جارتها وجارة العرب وشريكتها في صناعة الحضارة الإسلامية وتلك هي حلقة الصراع والقلق المتصاعدة حد الحيطة والتربص والحذر والنفور والكراهية وقد نسي الجميع التاريخ الذي لم يقرأوه وتفاصيله جيداً، والعرب هنا هم الحلقة الأكثر رخاوة وليست الأكثر ضعفاً وهو ما يجعلهم على ما هم عليه الآن ضعيفي الخطاب قراءة وصياغة؛ بلا أدوات ولا رؤية تعزز رؤيتهم ووجودهم وتقيم شوكتهم وتبرز وجودهم كرقم إلى جانب الأرقام الأخرى التي إن لم تمشِ في ركبها وبما يتواءم معها فلا بد أن تمشي في خطوط موازية لها غير متقاطعة معها؛ وتلك صورة لا يصعب رسمها كأمر واقع على الجميع.

موضوعنا إيران اليوم ليست كما كانت عليه من حال عندما كان رضا بهلوي جندياً من بيئة اجتماعية بسيطة يخدم في صفوف جيوش القاجاريين حتى رأى زهو زيه العسكري فسحره فسولت له فانقلب عليهم بمساعدة القوى الاستعمارية فقال أكون سلطاناً فقالوا له فلتكن سلطاناً على إيران وما يتعلق بنا يبقى الحال كما هو عليه ولن تكون سلطاناً علينا فأصبح شاه إيران مترامية الأطراف متعددة النفوس منزوعة الإرادة.. ولما سولت له نفسه مرة ثانية أن يكون له رأي ورؤية ساء لهم ما فعل وهو جنديهم فعزلوه ونفوه إلى أقاصي الدنيا وولوا ابنه الذي قبل أن يجلس محل أبيه على سلطان سلبه أبيه؛ فآل إليه ما لم يكن له ولا لأبيه وراح يحتفل ببهرجة وترف وإسراف ومجون بسلالة آلاف السنين من السلطة المتعاقبة التي لا ينتمي لها ولم يكن ولا يستطيع أن يكون جزءا منها بدءاً من خيانة أبيه للقاجاريين وتسليم إرادة تلك الإمبراطورية للاستعمار ويستمر هو بدوره على النهج نفسه يقود دولة وحكومة سليبة الإرادة وممارسٌ إرادته وسطوته على الشعب الإيراني بالبطش والاستبداد والقتل والسجن والتعذيب والنفي وكان الأجدر به أن يستبعد على الأقل عقوبة النفي التي وقع فيها أباه ذلك إن كانت له عاطفة تجاه أباه تصارع في داخله نزوة النزوع إلى السلطة وكل الجرائم والانتهاكات والتنازلات مباحة من أجل السلطة، ولما جاء الزعيم الخالد الدكتور محمد مصدق ليعيد لإيران سيادتها وإرادتها السليبة ولم يكن طامعا في سلطة قام فجمع شياطين الإنس وتآمر على الدكتور مصدق وأسقط حكومته وحكم متسلطا ظالما لشعبه مسيئاً لجيرانه ورضي بأن يبقى خاضعا سليب الإرادة أمام الغرب لدرجة أنه نسي هويته هوية أبيه وجده فراح يأمر في مجتمع محافظ بسفور المرأة متأسياً بالغرب الموالي له ولم يترك للمرأة رأياً ولا خياراً في ذلك، وراح يضطهد الأقليات الأخرى في الدولة الإيرانية المعاصرة في معتقداتها وتراثها وأسمائها، وبطغيانه وبطشه وسجونه التي امتلأت بالسجناء السياسيين ومقاصل الإعدام التي أقامها ارتجالا معطياً جهاز السافاك الدموي القمعي سيء السمعة مطلق الصلاحيات، وهنا فقد شرعيته السطحية وكل مسلوب مفقود وانهارت قوات النخبة والقوات الأمنية أما ثورة الشعب الذي روى الأرض بدماء أبنائه حتى تخلص من حقبة سوداء بتاريخ إيران.. وخرج الشاه بعائلته من إيران حاملا معه حملين فعليين الحمل الأول فيه حملاً من المجوهرات قد ورثها أبيه عن أجداده وبعض الأموال البسيطة إجمالي راتبه الشهري ومعاش أبيه بضعة مليارات فقط من الدولارات كحق مكتسب، والحمل الثاني فيه أهم الممتلكات المفقودة التي أورثها  لابنه وعائلته وهي أن إيران ملكا مطوباً لهم وسرقه ذاك الشعب منهم الشعب الذي لا يعنيهم ويكرهونه وثورته على الملأ أما شعبهم الذي يعنيهم فهو مجتمع الصفوة الذي شاركهم كل الجرائم دموية ومالية، ووفقاً لهذا الحمل الثاني يريد رضا محمد رضا ابن شاه إيران المخلوع ملك أبيه من الشعب الإيراني المغدور المنتفض ليس من باب السعي لاسترداد حقهم في السلطان والسلطنة وإنما من باب التنكيل بالشعب وبثورته وانتفاضته علما بأنه شريك وحليف غير مباشر مع الملالي خلفاء أبيه المخلصين لجده وبعضهم لأبيه وما يزال البعض من رجال وأدوات أبيه يشاركون الملالي في قمع واضطهاد الشعب الإيراني، والمُلفت في الأمر اليوم والمثير للاستهجان والاشمئزاز هو المطالبة الفجة لابن الشاه بالشاهنشاهية وانتهاج من لف لفه لنفس تلك النمطية المنتهجة أيام سلطان أبيه لم يتغير شيء على الرغم أنهم يعيشون في منفى بين مجتمعات متحضرة وراقية إلا أنهم متمسكون بجذورهم السيئة وما زالون يسيئون للشعب الإيراني وثورته ثورة فبراير 1979 التي أطاحت بأبيه كحاكم غير شرعي؛ مجموعة من الأسئلة الهامة تطرح نفسها هنا للتشخيص والوقوف على الحقائق وبناء رأي ورؤية ينطلق منهما المرء نحو بناء قراره ومن هذه الأسئلة والتساؤلات: إن لم يستطع ابن الشاه المخلوع الإعتذار للشعب الإيراني عن آثام أبيه وجده فكيف يتجرأ على طلب إعادة السلطة إليه وهل كان يملك إيران أرضاً وشعباً حتى يتجرأ على هذا الطلب الفج.. وهل يجوز للمرء أن ينادي بحق من اضهدهم واستعبدهم ونزع منهم أبسط الحقوق وهي الحق في الموروث الاجتماعي منها الاسم والفلكلور والتاريخ وغير ذلك من الموروثات الطبيعية للشعوب.. أليس الأجدر بابن الشاه وأعوانه وخفافيشه أن يستعيروا شيئا من الحياء والأخلاق ليضبطوا به ألسنتهم المثيرة للقرف على مواقع التواصل الاجتماعي؟

خلف نظام ولاية الفقيه المتسلط  اليوم على إيران وشعبها وشعوب وشعوب المنطقة نظام الشاه ملتزما ومنضبطا بالميراث بعد أن تمسكن حتى تمكن بالخداع والقتل والإجرام وفتاوى الإبادة الجماعية مستعينا بقطعانٍ من المتردية والنطيحة وما عف عنها السبع ليؤسس لسلطة أكثر دموية من سلطة سلفهم الشاه، وبلغ طغيانهم حدا لا يحتمل الصبر بعد لعب الملالي وتيار الاسترضاء في الغرب معهم بكل أوراق اللعب والمناورة وسقط في أيديهم جميعا ولم تبقى لدى الشعب قابلية لتحمل وجود الملالي في السلطة خاصة بعد تفاقم نهج القمع والإعدامات والاستبداد ووصل حد المساس بالكرامة وأرواح الأطفال وتسميم فتيات المدارس وكثير من الكوارث التي لا حصر لها ولا عد، ويمكن القول بأن ولي الفقيه نفسه قد استشعر النهاية ولم يعد هو نفسه أيضاً مؤمنا بالمناورة بشطري اللعبة إصلاحيين ومحافظين بعد سماعه لصرخات المتظاهرين بشعار (لا إصلاحيين ولا محافظين.. انتهت اللعبة).

لا خلاص لشعوب المنطقة ولا استقرار لها مما هي فيه إلا بزوال نظام ولاية الفقيه المتسلط على إيران والمنطقة.

د. محمد الموسوي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!