الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
الاتفاق النووي والبوصلة القديمة
خالد الزعتر

تتجه المؤشرات الخاصة بالملف النووي الإيراني إلى رفع سقف الطموحات بالعودة إلى الاتفاق النووي، حيث ترى واشنطن بأن إحياء الاتفاق النووي مع إيران «في مصلحتها»، وبالتزامن مع استئناف المحادثات حول الملف النووي الإيراني، يوم الثلاثاء 8 فبراير 2022 في فيينا، اعتبرت الولايات المتحدة أن ملامح اتفاق ترتسم في الأفق، وأن إبرام الاتفاق حول المسألة النووية "بات ملحاً".

يبدو واضحاً من المؤشرات أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها سقف عال من الطموح بالعودة إلى الاتفاق النووي الذي سبق وأن انسحبت منه في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويبدو واضحاً أنّ إدارة الرئيس جو بايدن تعمل بنفس العقلية التي كانت تعمل بها إدارة الرئيس باراك أوباما في تعاطيها مع الملف النووي، والتي نجد أن الهدف منها هو "التوصل لاتفاق بشأن المسألة النووية" بغض النظر عن التأثيرات الإقليمية، وهو ما يعني أن إدارة بايدن تعاملت مع المسألة النووية من "منطلق البحث عن إنجاز شخصي"، كما هو الحال مع إدارة الرئيس باراك أوباما، بغض النظر عن انعكاسات ذلك على الوضع الأمني في منطقة الشرق الأوسط.

انسحاب إدارة الرئيس جو بايدن من الاتفاق النووي كان سيشكل فرصة وخطوة مهمة  لإعادة بناء اتفاق نووي يأخذ بعين الاعتبار كبح جماح المشروع الإيراني الطامح للتمدد والتوسع وزعزعة الاستقرار في المنطقة، حيث كانت الاستراتيجية الأمريكية في عهد الرئيس ترامب تركز على استراتيجية الضغط الاقتصادي والعسكري، وهو ما كان سيقود إلى تفكيك المشروع التوسعي الإيراني، خاصة بعد أن سعت إدارة ترامب إلى الانتقال بمسألة الخيار العسكري مع إيران من مجرد أداة من أدوات التهديد التي ظلت على الطاولة الأمريكية لعقود طويلة إلى واقع على الأرض، ولكن إدارة جو بايدن بدلاً من الاستمرارية في هذه الاستراتيجية ، فضلت انتهاج سياسة المرونة مع إيران  واستعادة الأدوات القديمة التي كانت تتعامل بها إدارة أوباما والتي كان من نتائجها الخروج باتفاق نووي بدرجة عالية من الخطورة وإطلاق الذراع الإيرانية في المنطقة.

برغم سقف التوقعات العالي الذي تتسم به السياسة الخارجية الأمريكية بشأن التوصل لاتفاق يعيد الاتفاق النووي مع إيران، سيظل هذا الاتفاق المبني على البوصلة القديمة التي كانت تتعامل بها إدارة باراك أوباما "اتفاقاً سيئاً"، يتسم بالهشاشة مبنياً على دبلوماسية المهادنة والتنازلات، وهو ما يجعل من "الاتفاق المرتقب" لا يعالج المعضلة الإيرانية بشكل جذري لأنه  سيكون اتفاقاً قائماً على الفصل بين المسألة النووية والطموحات الإيرانية الإقليمية، ففي ظل ذروة المحادثات النووية تسعى إيران إلى التصعيد الإقليمي، وبخاصة في اليمن، وتهديد الأمن القومي العربي، وهو بالتالي ما يجعل استمرارية هذا الاتفاق أمراً في غاية الصعوبة، لأنه سيكون اتفاقاً مبنياَ على الرغبات الإيرانية التي حاولت لعقود طويلة  توظيف المسألة النووية كنوع من أدوات الضغط لتحقيق مكاسب  سياسية وإقليمية تخدم مشروعها التوسعي.

 

خالد الزعتر

ليفانت – خالد الزعتر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!