الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
الانسحاب الأمريكي.. هل يعود التطرف والإرهاب من جديد؟
امريكا

 


الولايات المتحدة حسمت أمرها تماماً بموضوع خفض عديد قواتها في الخارج، سواء أتعلق الأمر بالعراق أو بأفغانستان، وذلك بناءً على قرارات قد تصدر من داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً من الكونغرس، لتقليص النفقات وضغطها إلى حد كبير بالنسبة للمؤسسة العسكرية والقوات الأمريكية المتواجدة خارج البلاد، لأن ذلك الأمر يستنزف القدرة الاقتصادية لواشنطن بشكل كبير، ومن ناحية أخرى تعمل وزارة الدفاع (البنتاغون) على خفض عدد العسكريين في أفغانستان، إلى أقل من خمسة آلاف جندي، على خلفية محادثات السلام بين الأطراف الأفغانية، بالإضافة للمحادثات العراقية الأمريكية لسحب القوات الأجنبية من العراق.


 


وتأتي هذه الخطوات الأمريكية في إطار إعادة ترتيب الملفات السياسية وأدوار واشنطن فيها، فيبدو أن الإدارة الأمريكية تودّ التخلص تدريجياً من هذا الوجود العسكري في عديد المناطق الساخنة وبؤر التوتر بالنظر إلى أن انعكاساته السلبية كانت أكثر بكثير من منافعه على الولايات المتحدة الأمريكية، نظراً للكلفة المالية الباهظة التي تتكبدها الولايات المتحدة في ظل أزمة اقتصادية خانقة، بسبب انتشار فايروس كورونا وتأثيراته على الاقتصاد العالمي.


 


في المقابل حذّر الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، من أن تصبح أفغانستان “مرة أخرى ملاذاً آمناً للمنظمات الإرهابية الدولية، التي تسعى لإلحاق الأذى بالدول الغربية إذا غادرت القوات الأجنبية بشكل مفاجئ”، مشدداً: “نحن في أفغانستان، منذ ما يقرب من 20 عاماً، ولا يريد أي حليف في الناتو البقاء لفترة أطول من اللازم، لكن في الوقت ذاته، قد يكون ثمن المغادرة مبكراً جداً أو بطريقة غير منسقة مرتفعاً للغاية”.


 


الانسحاب الأمريكي.. تكتيكي أم حقيقي؟


في 5 يناير/كانون الثاني 2020، صوّت مجلس النواب العراقي على إلزام الحكومة العراقية بالعمل على إنهاء وجود جميع القوات الأجنبية على الأراضي العراقية، ولم يكن من الواضح ما إذا كان القرار ملزماً ولم يتم تحديد جدول زمني للانسحاب، وفقاً لرسالة بعث بها قائد أمريكي رفيع المستوى إلى مسؤولين عراقيين في 6 يناير/كانون الثاني 2020، إن الولايات المتحدة قد تستعد لسحب قواتها، ولكن بعد فترة من الوقت قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي. ، أنه كان مشروع وتم إرساله بالخطأ.


 


وحول ما إذا كان هذا الانسحاب حقيقياً أم أنه مجرد بروباغندا تكتيكية كعادة الولايات المتحدة في قيادة الحرب النفسية يقول الدكتور “جاسم محمد” رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب لـ”ليفانت“: الانسحاب الأمريكي هذه المرة، هو بسبب وعود انتخابية قدمها ترمب لناخبيه خلال حملته الانتخابية، وأنا استبعد أن يكون الانسحاب تكتيكياً، على الرغم من أنه احتمال قائم بطبيعة الحال”، مؤكداً أن  “ترمب استخدم هذه الانسحابات أكثر من مرة، واعاد انتشار القوات الأمريكية في عدة قواعد، منها قاعدة عين الأسد والقيارة، وقواعد أخرى، ولكن من المرجح أن هذا الانسحاب حقيقي وإيفاء لوعوده الانتخابية”.


 


الانسحاب الأمريكي.. هل تنفست التنظيمات المتطرفة الصعداء؟


يخشى حلف الناتو من أن يؤدي انسحاب الولايات المتحدة إلى انسحاب الدول الأخرى في التحالف، نظراً لاعتمادها على القدرات اللوجستية للولايات المتحدة بشكل كبير، فيما حذّر زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي، السناتور ميتش ماكونيل، حليفه الرئيس دونالد ترامب، من الانسحاب السريع، معتبراً أن من شأن هذا الإجراء أن يهدي الحركات المتشددة “نصراً دعائياً عظيماً”، وإن “عواقب انسحاب أميركي سابق لأوانه قد تكون أسوأ حتى من انسحاب (الرئيس الأميركي السابق)، باراك أوباما، من العراق في 2011، والذي أدى إلى صعود تنظيم داعش”.


امريكا


ويشير الدكتور جاسم محمد في تصريحاته لـ”ليفانت“: القوات الأمريكية تقدم للقوات العراقية المعلومات الاستخبارية والدعم اللوجستي والغطاء الجوي، وجهاز مكافحة الإرهاب والجيش العراقي قادر على تنفيذ عمليات مكافحة التطرف والإرهاب، وبشكل خاص ضد داعش”، ويرى محمد، أن “هذه الجهود تحتاج إلى الغطاء الجوي والمعلومات التي تحصل عليها القوات الأمريكية، وبلا شك الانسحاب يترك فراغ ميداني وعسكري في جهود مكافحة الإرهاب في العراق”.


 


أنا بالنسبة لأفغانستان، التي كانت تحت حكم طالبان في فترة التسعينيات، ملاذاً آمنا للحركات المتشددة وزعمائها البارزين، وأهمهم زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، وبعد هجمات القاعدة في 11 سبتمبر عام 2001، أطاحت الضربات الجوية الأميركية الحركة من السلطة، حيث يرى خبير عسكري أمريكي “استبعد أن يؤدي سحب إضافي للجنود من هناك إلى أي تداعيات سلبية”.


 


فيما يرى رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب: “التنظيمات المتطرفة في أفغانستان لها خصوصية وبشكل خاص القاعدة بقيادة بن لادن والظواهري، اللذين قدما البيعة لزعيم طالبان الملا عمر، ولذلك طالبان وأفغانستان لها رمزية عند التنظيمات القاعدية أكثر من العراق، بالرغم من أن العراق كان نقطة انطلاق تنظيم داعش، ولعل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لا شك يشجع التنظيمات المتطرفة فيها على تعزيز قوتها وإعادة نشاطها.


 


هل مازالت العراق وأفغانستان ملاذات آمنة للتطرف؟


بعد إعلان بغداد وواشنطن، هزيمة التنظيم في أواخر عام 2017، استمرت القوات الأميركية وقوات التحالف الأخرى في عملها بتدريب القوات المحلية وتنفيذ ضربات جوية وعمليات مراقبة بطائرات من دون طيار لمنع عودة عناصر التنظيم، وبحلول أواخر عام 2018، كان هناك ما يقدر بنحو 5200 جندي أميركي في العراق، وكانوا يشكلون الجزء الأكبر من قوات التحالف البالغ عددها آنذاك 7500، وأشار مسؤول في البنتاغون، إن القوات الأميركية لديها القوات الخاصة التي تستطيع منع عودة داعش، مؤكداً أن القوات الأمريكية قامت بجهود كللت بالنجاح خلال السنوات الماضية، بعد إعلان هزيمة التنظيم.


 


وفي هذا الصدد يقول الدكتور “جاسم محمد” رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب لـ”ليفانت“: “تنظيم داعش حالياً ضعيف في العراق، وموضوع حصول التنظيم على ملاذات آمنة بالانسحاب الأمريكي، هذا يعتمد على قدرة الحكومة العراقية، وقوات سوريا الديمقراطية، من الحد من تنقلات داعش بين العراق وسوريا، وسياسيات العراق المستقبلية في إعادة بناء البنى التحية ومحاربة التطرف ودفع التنمية و تحسين الاقتصاد، هذه العوامل من تقرر إعادة ظهور داعش من عدمه”، مشدداً على أن “المنطقة الغربية باتت بيئة طارئة للتنظيمات الإرهابية ولم تعد ملاذ آمن لداعش، وحالياً هناك ملاذات آمنة على أطراف المدن وهي ملاذات صغيرة جداً لا تأثير حقيقي لها


 إعداد ومتابعة: مرهف دويدري

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!