الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
التاريخ يرتد على نفسه.. لا للعنصرية
إبراهيم جلال فضلون (1)

"لقد تحولت الأقدار"، وكأننا في لعبة (القط والفأر)، لفرح السود بارتقائهم المراتب الدنيا، فلم يكن للعالم الأسود إلا أحلام ولم يتخيلوا مطلقاً "تطوراً أكثر أهمية" من هذا التعيين، بعد أوباما الإفريقي، ليكون الطعم هذه المرة بتميز حكومة الملك تشارلز بنكهة آسيوية هندية، تلك المستعمرة البريطانية التي حكمتها بريطانيا 300 عام، لتحتفل مؤخراً بالذكرى الـ 75 لاستقلالها في أغسطس الماضي.

ليُصبح بعدها المصرفي السابق ووزير المال "ريشي سوناك" خامس رئيس وزراء لبريطانيا منذ العام 2016 وخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، والثالث خلال شهرين، وأول زعيم بريطاني من أصل هندي هندوسي، وأصغر رئيس حكومة في التاريخ المعاصر لها بعد ارتقاء سريع في السياسة، لكن تقييمه لم يحن بعد، فهل سيكون خلفاً لجونسون أم يُفتح الباب لخروجه سريعاً كسابقته "تراس"؟ وذلك لا نعرفهُ إلا من خلال أداء سلوكه مهنياً، وشخصياً، وعمله بفريق جاد.

ولكن السؤال هو: هل قرار التعيين لغير الأصل البريطاني ميزة لحكم الملك تشارلز الثالث؟ وكأن الأقدار تتشكل بتشكيل مبدأي للعهد "التشارلزي"، في سبق تاريخي شق هدفه لمرمى التاريخ بفوز "سوناك" بزعامة حزب «المحافظين»، ثم رئاسة الحكومة.. حتى قالت قناة "ndtv" الإخبارية "ابن الهند يسطع فوق الإمبراطورية، فقد ارتد التاريخ على نفسه".. ليفرح الهنود بتعيين ريشي، في لحظة حاسمة للعلاقات بين الهند والقوة الاستعمارية السابقة.

إذاً، تعيين "سوناك" قد يشكل عقبة إضافية أمام الاقتصاد البريطاني المثقل بإرث التضخم وفترة غير مسبوقة من عدم الاستقرار، لذا لا نعرف عدد الساعات أو الأيام أو الأسابيع التي سيمضيها في منصبه، خاصة بعد انتقادات بريطانية لـ"سوناك" بعد إعلان غيابه عن مؤتمر المناخ، حيث هاجمت زعيمة "حزب الخضر" كارولاين لوكا. إن غياب "سوناك" كان "طريقة مخزية لإنهاء الرئاسة البريطانية لمؤتمر الأطراف (كوب27)، التي كانت بريطانيا مضيفة له العام الماضي (جلاسكو باسكتلندا)، وسيُقام بمصر العالم الحالي، وأعتقد أنها ستكون طامة إذا لم يحضرها سوناك.

فهل يستطيع "سوناك" إنهاء الفوضى البريطانية داخلياً ولملمتها خارجياً مع استعادة مصداقية بريطانيا، وانتشال أمة مترنحة بعد فترة (تراس وجونسون) الكارثية وسط فضائح لا نهاية لها وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي وافق عليه الأخير مع الاتحاد الأوروبي؟ ولسوء حظ "سوناك"، أنه ورث حزباً سياسياً "حزب المحافظين" قضى السنوات القليلة الماضية في تمزيق أجزاء منه، لعدة تيارات أكثر من اليسار واليمين، ليتعين عليه مواجهة شعبية مع مجموعات مختلفة لأسباب مختلفة، منها تقشف الموازنة، وفرض الضرائب المفاجئة على شركات الطاقة، وإزالة القيود المفروضة على مكافآت المصرفيين.

يمكن الحدوث، فنظرياً، أمامه عامين حتى إجراء الانتخابات المقبلة، وقد يكون الوقت كافياً لـ"سوناك" لإدارة البلاد واستعادة شعبية حزب المحافظين في الاستطلاعات لكنه يحتاج أن يشرك حزبه معه وقبله المجتمع البريطاني، إلا إذا أغاثته الهند بنفحة من خيراتها، وهو يُطلق الوعود بالاستقرار والوحدة بمواجهة "تحد اقتصادي عميق" في بريطانيا، وبينها "مودي" قائلاً: "إنه يتطلع إلى فرصة تحويل علاقاتنا التاريخية إلى شراكة حديثة، فهل سيحدث الأمر أعتقد.. نعم، ليطول أمد عُمره في القصر، لكن على حسابات أمور أخرى قد تُنتهك فيها السياسة حصاناتها كحقوق الإنسان والأقليات المسلمة في كلا البلدين.
 

ليفانت - إبراهيم جلال فضلون

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!