الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
التكلفة الأمنية لـ «بركسيت»
التكلفة الأمنية لـ «بركسيت»

محمد كركوتي


«نحن ملتزمون بمغادرة الاتحاد الأوروبي في أكتوبر المقبل، بلا أعذار أو استثناءات»

بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا



هذه المرة المخاطر ليست فقط على التجارة والصناعة والسياحة والعقارات والخدمات وغيرها، جراء انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريسكت» من دون اتفاق، بل انتقلت وبصورة يلفها قلق متعاظم إلى الساحة الأمنية.


الخسائر على هذه الساحة لا يمكن أن تعوّض، كما أن آثارها ستبقى لأمد بعيد. قد تغامر أو تقامر حكومة ما على الصعيد الاقتصادي والسياسي، لكنها ستكون غير مسؤولة لو شملت مقامرتها هذه الأمن القومي. مسألة «بريسكت» تتفاعل على أكثر من صعيد، في وقت ترتفع فيه مخاطر الإرهاب ومعها الجريمة بأنواعها على الساحة العالمية ككل. والتعاون الدولي في هذا المجال على وجه الخصوص، يمثل الأداة الأهم والأقوى لمواجهة هذه المخاطر، بصرف النظر عن طبيعتها وأهدافها.




خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، يعني ببساطة خسارة الأجهزة الأمنية في المملكة المتحدة امتياز الاطلاع على البيانات الأوروبية الخاصة بالمجرمين الخطرين والإرهابيين، هذا ما أعلنه نيل باسو، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في البلاد. الرجل لا تعني له السياسة شيئاً وليس مهتماً بالاقتصاد، ولا بطبيعة الاتفاقات التجارية التي قد توقع بين لندن وبروكسل. همه الوحيد أن يستمر انسياب المعلومات الحاسمة في عمليات ملاحقة المجرمين والإرهابيين، فضلاً عن أهميتها في تفادي وقوع أعمال إجرامية، وتدميرها قبل تنفيذها.




فرغم أن بريطانيا ليست منضمة لمنطقة «شنجن» الأوروبية، إلا أنها تتمتع بحرية الحصول على معلومات هذه المنطقة، وسجلات أسماء المسافرين منها وإليها، كما أن للمملكة المتحدة حالياً القدرة على استخدام أوامر الاعتقال الأوروبية.




كل هذه الامتيازات وغيرها، بما في ذلك حقها في استخدام وكالة «فرونتيكس» الخاصة بمراقبة الحدود، وهيئة الشرطة الأوروبية، وبالطبع المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب، ستنتهي بلحظة واحدة، فور الخروج من دون اتفاق. وهذا أمر بات مرجحاً مع اقتراب الموعد النهائي للانسحاب في آخر أكتوبر المقبل، وفي ظل وجود حكومة جديدة ترفع شعار الخروج بأي ثمن. التكلفة الأمنية لمثل هذا الخروج لا حدود لها.




وتكفي الإشارة هنا، إلى أن الشبكات الإرهابية متصلة في الواقع بين أكثر من بلد أوروبي، عبر خلاياها وأدوات التنفيذ التخريبية. وهذا يعني أن لندن ستكون «عمياء» أمنياً لأنها ستخسر الوصول لقواعد البيانات الخاصة بهذا الشأن. ولهذه الأسباب، يخرج مسؤولو الأمن في البلاد للتحذير من المخاطر، وللتأكيد على الفائدة التي لا تقدر بثمن جراء التعاون مع بقية دول الاتحاد الأوروبي في هذا الميدان.




«بريسكت» بلا اتفاق، يهدد الأمن القومي البريطاني. وكأن هذه القضية الحاضرة تنقصها التهديدات التي بلغت حداً صار فيه الحديث عن انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، مطروحاً على الطاولة! وأصبحت إمكانية وضع حدود بين بريطانيا وإيرلندا الشمالية واردة! وعدم الاتفاق، يعني أن كندا ستكون «أقرب» للاتحاد الأوروبي من بريطانيا التي يمكنك أن ترى شواطئ فرنسا منها!


التكلفة الأمنية لـ «بريسكت» التكلفة الأمنية لـ «بريسكت»

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!