-
الخناق الاقتصادي يدفع أردوغان باتجاه دول الجوار.. حقبة جديدة مع الإمارات
تشهد العلاقات التركية الإماراتية في الآونة الأخيرة حقبة جديدة توطّد وشائج التعاون والحوار، بعد أن شهدت خلال السنوات الماضية قطيعة على خلفية قضايا عدة على رأسها دعم تركيا للإخوان المسلمين، وتعاونها مع قطر الداعمة للإسلام السياسي، إلى جانب تدخلها في ملفات ليبيا وسوريا واليمن.
ولا يخفى على أحد محاولات أنقرة مؤخراً لتعزيز علاقتها بدول المنطقة، فبعد زيارة الإمارات، سيستقبل أردوغان الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ في مارس المقبل، في زيارة هي الأولى لرئيس إسرائيلي منذ زيارة نظيره شيمون بيريز لأنقرة في 2007
يأتي ذلك في وقت يعاني فيه الاقتصاد التركي من أزمة عنيفة أطاحت بقيمة الليرة التركية أمام الدولار.
وتبادل الطرفان خلال الأشهر الماضية زيارات تخللها مباحثات بين قادة ومسؤولي البلدين.
وفي 14 فبراير/ شباط الحالي وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في زيارة تأتي بعد 3 أشهر من الزيارة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية لتركيا، في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
زيارة أردوغان التي تستغرق يومين 14 و 15 من الشهر الجاري، أسفرعنها توقيع 13 اتفاقاً في قطاعات منها التجارة والصناعة والصحة والعلوم الطبية والنقل البري والبحري والمناخ، كما وقع البلدان اتفاقاً دفاعياً.
وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية في مقدمة مستقبلي أردوغان حيث عزف النشيد الوطني.
أيضاً، وقع البلدان بياناً مشتركاً "بشأن النية في البدء باتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما".
خطوة أشاد بها وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ثاني الزيودي، وصرّح لرويترز إن الإمارات تتوقع زيادة التجارة مع تركيا بشكل كبير بمجرد دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة حيز التنفيذ، مضيفاً أنه يأمل في أن ينجز الجانبان وضع اللمسات الأخيرة عليه في غضون فترة تتراوح بين ستة أشهر وعام.
اقرأ أيضاً: الإمارات وتركيا توقعان 13 اتفاقاً في قطاعات التجارة والصناعة
سبقها حفاوة من الشيخ محمد بن زايد عبّر فيها عن حرص الإمارات على التعاون مع تركيا لمواجهة التحديات المشتركة المتعددة التي تشهدها المنطقة عبر الحوار والتفاهم والتشاور والحلول الدبلوماسية".
فيما اعتبر المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي أنور قرقاش على تويتر عشية وصول أردوغان، أن الزيارة "تفتح صفحة إيجابية جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين".
وكانت زيارة ولي عهد أبوظبي السابقة قبل ثلاثة أشهر قد عززت جهود دولة الإمارات لتثبيت الاستقرار وبناء دعائم الأمن في الشرق الأوسط. بينما تشهد تركيا مصاعب اقتصادية كبرى وتبحث عن استثمارات أجنبية جديدة.
اقتصاد تركيا المأزوم
يرغب الرئيس التركي في جذب استثمارات جديدة لبلاده التي تعاني مستوى تضخم قياسي هو الأعلى منذ 2002.
لقد أدت خسائر الليرة التي بلغت 44 في المائة العام الماضي إلى تضخم متسارع - بلغ معدل تضخم أسعار المستهلكين 36.1 في المائة في ديسمبر، وهو أعلى مستوى منذ عام 2002.
ارتفع معدل التضخم السنوي في تركيا إلى 36.1 في المئة الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى له في 19 عاما، على خلفية تقلبات تاريخية في سعر الليرة.
إلى ذلك، أظهر استطلاع أجرته رويترز يوم الجمعة، أنه من المتوقع أن يصل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ 20 عاما عند 47 في المئة في يناير كانون الثاني.
حسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، تراجعت تركيا، التي كانت تحتل المرتبة 16 بين أكبر الاقتصادات في عام 2015، إلى المرتبة 20 في عام 2020. في عام 2021، ستنخفض إلى المرتبة 21. ومع ذلك، في حين كان اقتصادها في الترتيب السادس عشر في العالم في عام 2015، فقد تراجع إلى المركزين التاسع عشر والعشرين، على التوالي، في عامي 2019 و 2020. وتشير التقديرات إلى أنه في عام 2021، سوف يتراجع إلى المركز 21 ويعود إلى مكانه في عام 2003.
وقاد خروج رؤوس الأموال الغربية من تركيا خلال السنوات القليلة الماضية إلى انكماشها كسوق ناشئة من خلال مؤسسات مالية رائدة، إلى انخفاض معدل تصنيفها الائتماني.
مع الحالة الخانقة التي يعيشها الاقتصاد التركي يسعى أردوغان لفتح صفحة جديدة مع دول الخليج، جرى تبادل العلاقات منذ عدة أشهر بين الجانبين الإماراتي والتركي، وقد أسفرت زيارة الشيخ محمد بن زايد لأنقرة، عن تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار لدعم الاستثمارات في تركيا، في خطوة أتت غداة تسجيل الليرة التركية انخفاضاً كبيراً أمام الدولار.
التبادل الاقتصادي بين تركيا والإمارات
منذ الشروع في التقارب بين البلدين، وقعت أبوظبي وأنقرة اتفاقاً لصرف العملة فيما بينهما، بلغت قيمته 4.9 مليار دولار، في الوقت الذي تعهَّد صندوق ثروة أبوظبي السيادي باستثمار 10 مليارات دولار في تركيا.
لا تتطلع الإمارات العربية المتحدة فقط إلى عوائد جيدة من استثماراتها، وإنما تعتبر تركيا أيضاً حائط صد محتملاً ضد إيران، في حين تشكل عوائد نفط الإمارات العربية المتحدة، قوة بمنظور تكنولوجي واقتصادي في المنطقة.
اقرأ أيضاً: الرئيس التركي يصل الإمارات اليوم
وبلغت قيمة التجارة بين تركيا والإمارات في النصف الأول من عام 2021 أكثر من سبعة مليارات دولار بنمو بلغ 100 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020، بحسب إحصائيات إماراتية رسمية.
وتأتي تركيا في المرتبة الـ11 بين أكبر الشركاء التجاريين للإمارات، فيما تمثّل الدولة الخليجية الشريك التجاري الـ12 لأنقرة عالمياً والشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى منطقة الخليج.
وثمة ما يقرب من 400 شركة في تركيا مؤسسة برأس مال إماراتي ويعتبر قطاع العقارات على رأس قائمة الاستثمارات الإماراتية في هذا البلد إلى جانب استثمارات كبيرة في قطاع المصارف وتشغيل الموانئ والقطاع السياحي. ومن المفترض أن يزور أردوغان جناح تركيا في معرض إكسبو دبي الثلاثاء.
يسعى أردوغان إلى تحسين علاقاته مع دول الجوار الجغرافي، للحد من انعزال تركيا المتزايد في شرق البحر المتوسط. ولاسيما مع الشراكة التي تشهدها المنطقة بين إسرائيل، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، واليونان، وقبرص؛ في مجال الطاقة تحت مظلة "منتدى غاز شرق المتوسط"، وهي المنظمة التي تتطلع أنقرة إلى الانضمام إليها ذات يوم.
ليفانت نيوز_ خاص
إعداد وتحرير: عبير صارم
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!