الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • النازيّة الصهيونيّة والإسلام السياسي امتداد لاستبداد واحد

النازيّة الصهيونيّة والإسلام السياسي امتداد لاستبداد واحد
وسام_مشهور_أبو_حسون

كما سبق وذكرت في الجّزء الأول، إنّ الصّهيونية الّتي دمجت الديّن اليهودي بالعمل السّياسي ساعدت على إيجاد حركات الإسلام السّياسي والّتي دمجت الإسلام بالعمل السّياسي، قسمت أيضاً فيما بعد الحركات اليساريّة بين موالٍ ومعارض، وهنا أريد أن أقدّم وجهة نظري فيما يخصّ مواقف التّيارات اليساريّة.


بدايةً لا بدّ من التّذكير بما كتبته بأحد المقالات السّابقة عن أنّ الماركسيّة ليست ديناً وليس لها أيّ علاقة بالأديان السّماوية، وإنّما هي ديالكتيك يتعامل مع الصّراعات الطبقيّة على الأرض.


يسار العالم العربي ما بين ديكتاتورية السّتالينين وغزل الإسلاميين



لا بدّ من الإشارة هنا إلى حركة الاشتراكيين الثوريين في مصر وجهودها الجّبارة في تصدير الفكر الماركسي بشكل حديث وثوري، ولكن من دون أن تخلو من بعض الشّوائب الّتي تفرضها طبيعة مجتمعاتنا المحافظة.


إنّ أيّ نضال هو عبارة عن منهج، وأدوات المنهج لم تكتب للحركات اليساريّة العربيّة النّهوض بكلمة يساريّة حقيقيّة تنبع من مبادئ الماركسيّة ولو بخطوطها العريضة، كما أنّ تبني الدّيالكتيك الماركسي لا يمكن أن ينبع من ردّ فعل على واقع معينّ لكون أنّ مقارعة النّمطية هي نمطية بحدّ ذاتها، ولا يمكن مجابهة النّمطية السّتالينية بنمطية تروتسكيّة، ودراسة مجتمعات العالم العربي يجب أن تتمّ بعناية وحذر من جديد حتى يستطيع الاشتراكيون واليساريون الثّوريون، الّذين هم أمل الماركسيّة المتبقي، من تحديد ماهيّة أعمدة الدّولة البورجوازية لتفكيكها وقلبها من الأسفل إلى الأعلى.


بالعودة إلى تاريخ الانتفاضات في العالم العربي وما قبلها أيضاً، فإنّ تداول الدّولة والسّلطة بالأغلب كان محصوراً ما بين العسكر والإخوان، هذان التياران لا يفرق أحدهما عن الآخر، ولا بديل لليساريّين والاشتراكيين الثّوريين عن جعل هذا الحراك نواة شعبيّة من أجل تيار يساريّ جديد يكون بعيداً عن كافة النّمطيات ويحاكي الوقائع الثّورية من دون مغازلة أحد هذين التّيارين، وهذا لا يتمّ عن طريق غزل الإسلاميين وإنّما التّفريق ما بين الإسلام والإسلام السّياسي.


لا استفادة من غزل الإخوان حتّى لو أصبح محمد مرسي ماركسيّاً:



لم تخلُ بيانات رفاقنا الاشتراكيين الثّوريين في مصر من بعض عبارات الغزل للإخوان والإسلام السّياسي في بياناتهم وخطاباتهم. ففي صفحة الاشتراكيين الثّوريين في مصر، بيان نشرتهُ حول صفقة القرن بعنوان “كلّ الدعم للمقاومة الفلسطينية، تسقط صفقة القرن” كتب الرفاق، وهنا أقتبس:


“لا تخدعنا عبارات الشّجب والتّنديد الّتي ترددها السّلطة الفلسطينيّة، ونرى حقيقة جعجعتها الفارغة ضدّ الصّفقة، نعلم أنّ أبا مازن وسلطته إنّما يستنكرون استبعادهم هم بالذّات وليس الشّعب الفلسطيني من المفاوضات حول الصّفقة، وتاريخ السّلطة الفلسطينيّة يمتلئ بالصّفقات مع الاحتلال، نحن نرفض الصّفقة ونثق تمام الثّقة أنّ نضال الشّعب الفلسطيني وفصائل مقاومته ستجعلها حبراً على ورق، وندعو كافة أنصار القضية الفلسطينيّة حول العالم لمواجهة سعي الاحتلال وحلفائه لتصفية القضية”.


لا تعليق على موقف الحركة من أبي مازن والسّلطة الفلسطينيّة، حيث إنّ توصيف الرّفاق هنا لحالتهم هو دقيق بالمطلق، ولكن ما أعتبره التفافاً حول الحقائق دون مواجهتها هو ذكر عبارة فصائل المقاومة من دون تحديدها، و”هنا” أودّ توجيه هذه الأسئلة: هل حماس فصيل مقاوم فعلاً؟ هل الدعوة الموجهة لأنصار القضية الفلسطينيّة حول العالم تتضمن أيضاً حزب الله بصفته أحد أكبر المتبجحين بتبني القضية الفلسطينيّة؟ وهل فعلاً حماس وحزب الله بفكرهم الرّجعي هم أنصار للقضية الفلسطينيّة؟


علينا هنا تذكير الرّفاق بأنّ اليمين الإسرائيلي باقٍ ببقاء حماس وحزب الله وإيران وتركيا والسّعودية وغيرها من هذه الأنظمة السّياسيّة الدينيّة، ومن “وجهة نظري” وأنا أعلم هنا بأنّي سأفتح النّار على كلّ من الجّوانب_ التّحالف مع حركة النّضال الاشتراكي في إسرائيل على المدى الإستراتيجي، هو أفضل من التّحالف مع حماس وحزب الله، لا حلّ من دون إضعاف اليمين في المنطقة عن طريق تصدير تحالف جديد لليسار قائم على أساس أممي وليس قومي.


لو انطلقنا من كتاب مرض اليسار الطّفولي لِـ “لينين”، وبالذّات من عنوان فصله الثّامن عندما قال: “هل من الصّحيح القول: لا مساومة أبداً؟”. طبعاً وبكلّ تأكيد لا يمكن القول هكذا، فمن يقولها هم من تحدّث عنهم لينين بأنّهم طفوليون، ولكن من جهة أخرى، متى رأى لينين أنّ المساومة هي ضرورية؟.


حسب وجهة النّظر اللينينيّة، فإنّ المساومات غير المرغوب بها هي واقع لا مفر منه سيفرض على الانتفاضات الشعبيّة والعماليّة مجريات الأحداث المحليّة والدّولة فلا بدّ في بعض الأحيان من الدّخول في البرلمانات البرجوازيّة أو الدخول بتحالف مع تيارات غير ثوريّة أو إصلاحيّة.


وهنا يأتي السّؤال، لماذا على الاشتراكيين الثّوريين مغازلة الإخوان في مصر؟ إنّ غزل الإخوان وتبنّي البعض لخطاباتهم لا يمكن أن يعطي لليسار أيّ نفوذ في حاضنتهم الشّعبية، وحتّى لو نجح ذلك على الفترة القصيرة، وهنا لا بدّ من التّذكير بكلام الرّفيق “مهدي عامل” عندما كتب، وهنا أقتبس: “إنّ سياسة التّحالفات الطّبقيّة تنطلق بالضّرورة من تحديد العدو الطّبقي الرّئيسي في المرحلة المحدّدة، وفي تحديد العدو الرّئيسي يتحدّد الحلفاء الطّبقيين”.


وهنا علينا أن لا ننسى الإخوان المسلمين، أنّهم تنظيم عالمي مضاد لحقوق الطّبقة العاملة بكلّ تطلعاتها وعضو فعال في حلف النّاتو وداعم نفطي كبير له، وعليه هل فعلاً يمكن للرّفاق الاشتراكيين الثّوريين أن يعتبروا الإخوان المسلمين أقل خطراً من نظام العسكر؟ هل فعلاً الدّفاع عن المسلمين يتطلب غزل الإخوان وتيارات الإسلام السّياسي، ومن ضمنها حماس وحزب الله وتسميتها بالمقاومة؟


برأيي الشّخصي، لا يمكن للشّخص أن يكون ماركسيّاً إن أراد تحييد الأشخاص من ضمن الحراك الثّوري فقط لأنّهم مسلمون أو متدينون، ولا يمكن أيضاً أن يكون ماركسيّاً بإعطاء الفرصة للإخوان المسلمين بتلميع صورتهم أو بالتّحالف معهم أو اعتبارهم مقاومة.


وفي النّهاية، سأطرح رأياً وأنا أعرف بأنني سأفتح النار على نفسي بأننا إذا أردنا أن نكون أممين وماركسيين فإنّ تحالفنا مع اليسار الإسرائيلي هو الموقع الماركسي الأصح للنّضال، أكثر من اعتبار حماس وغيرها من فصائل الإسلام السّياسي حلفاء ولو على المدى القصير.


ليفانت – وسام مشهور أبو حسون

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!