الوضع المظلم
الخميس ٢٦ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • تركيا والناتو.. توسّع الدعوات للرد بحزم على ابتزازية أردوغان

تركيا والناتو.. توسّع الدعوات للرد بحزم على ابتزازية أردوغان
أردوغان والناتو \ ليفانت نيوز

ذكر تقرير رسمي عرض منتصف مايو الماضي، قبل قرار للسويد بشأن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، أن خطوة من هذا النوع للدولة الاسكندنافية ستقلل خطر نشوب نزاع في شمال أوروبا، وجاء في التقرير الذي أعدته الحكومة والأحزاب السياسية أن "عضوية السويد في الناتو سترفع عتبة (اندلاع) نزاعات عسكرية، وبالتالي سيكون لها تأثير رادع في شمال أوروبا".

تلك المعلومات ومعطيات أخرى غيرها، شجعت دولتا السويد وفنلندا على الخروج من حالة الحياد بين الناتو وروسيا، إلى حالة الاصطفاف إلى جانب الناتو، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، لكن أنقرة كان لها موقف مغاير، إذ رفضت انضمام الدولتين إلى الناتو، قبل تغييرهما نظرتهما للقوى الكردية وخاصة في سوريا، في ابتزاز جلي وسعي للمقايضة، واستغلال الموقف.

الموقف الرسمي التركي

حيث صدر الموقف الرسمي التركي عن مجموعة مسؤولين، على رأسهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي أعرب عن تشاؤم أنقرة إزاء خطط السويد وفنلندا للانضمام إلى حلف الناتو، مظهراً قناعته بأن حلف شمال الأطلسي سبق أن ارتكب خطأ من خلال منح اليونان العضوية فيه، موضحا: "سلوك اليونان بحق تركيا معروف للجميع، ولا نريد ارتكاب خطأ ثان من هذا النوع"، محملاً الدول الاسكندنافية وكذلك هولندا المسؤولية عن "استضافة الإرهابيين" من "حزب العمال الكردستاني"، حسب تعبيره.

كذلك، قال نائب رئيس حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، إيفكان علاء، إنه يتعين على السويد وفنلندا مراجعة علاقتهما مع حزب "العمال الكردستاني"، وأوضح أنه في الوقت الذي تطالب فيه فنلندا والسويد بعضوية الناتو من أجل "التصدي لمشاكلهما الأمنية"، كذلك تركيا "لديها أيضاً مشكلة إرهابية، ويجب على هذين البلدين أخذها في الاعتبار"، حسب زعمه.

مفاوضات دون جدوى

ولحل الإشكال بين الطرفين، خاض الجانبان مجموعة مناقشات، لم تسفر عما يروق لأنقرة سماعه، إذ صرحت وزيرة الخارجية السويدية، آن ليندي، في الخامس عشر من مايو، بأن فنلندا والسويد لم تتوصلا إلى أي اتفاق مع تركيا، بشأن احتمال عضوية هاتين الدولتين في حلف الناتو، وذلك في تعليقها على نتائج لقائها، إلى جانب نظيرها الفنلندي، بيكا خآفيستو، مع نظريهما التركي، مولود جاويش أوغلو، على هامش اللقاء غير الرسمي لوزراء خارجية دول حلف الناتو، ببرلين.

إذ قالت ليندي في حديثها لقناة "SVT": "لدينا مواقف مختلفة، لكننا أفهمنا بأننا نعتبر حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، ومثل العديد من شركائنا في حلف الناتو، نجري أيضاً مباحثات مع المنظمات الكردية الأخرى التي تعتقد أن كل الأكراد في شمال شرق سوريا ينتمون إلى منظمة واحدة، نحن لا نعتقد ذلك ولا تعتقده الولايات المتحدة وغيرها".

أردوغان يحاول اقتناص الفرصة

لكن هذه الفرصة التي سنحت لأردوغان، للوي ذراع السويد وفنلندا، اللتين فرضتا حظراً على تصدير الأسلحة إلى تركيا في أكتوبر العام 2019، إبان غزو تركيا، لمناطق من شمال سوريا بين مدينتي رأس العين وتل أبيض، ضمن ما سمي وقتها بـ"عملية نبع السلام"، لن تذهب هدراً، أو ذلك ما يتمناه ويعلن عنه بصريح العبارة، حيث أكد إردوغان في السابع عشر من مايو، أن بلاده "لن تتنازل" في موضوع انضمام فنلندا والسويد الى حلف شمال الأطلسي بعدما قدم البلدان ترشحهما رسمياً، وعن زيارة وفد دبلوماسي سويدي لتركيا "لمعرفة كيف يمكن حل المسألة" بحسب وزير الدفاع السويدي، حذر اردوغان قائلاً: "سيأتون لإقناعنا؟ أجدى ألا يتكبدوا عناء ذلك!".

علاقة تركيا والناتو قد تتضرر

لكن وإن كانت تركيا تجد أنها قد حصرت السويد وفنلندا، ومن خلفهما واشنطن والناتو بأسره، في خانة الـ يك، عبر مساومتهم على مواقفهم من القوى الكردية في سوريا أو غيرها، مقابل القبول بانضمام الدولتين الإسكندنافيتين إلى الحلف، فإن الأمور قد ترتد على أنقرة، خاصة أن الأخيرة باتت معروفة خلال العقدين الأخيرين، بكثرة المواقف المتعارضة مع الأمريكيين خصوصاً، والغرب عموماً.

وعليه فقد اعتبر الباحث المستشرق الأمريكي دانيال بايبس، في نهاية مايو، أنه يجب استبعاد تركيا من الناتو، بسبب مجمل سياساتها خلال السنوات الماضية وموقفها من انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، قائلاً وهو رئيس منتدى الشرق الأوسط المؤسسة البحثية ذات التوجه المحافظ، في مقابلة تلفزيونية: "كانت تركيا في الفترة من 1952 إلى 2002 حليفاً جيداً جداً لحلف شمال الأطلسي، لكنها كانت على مدار العشرين عاماً الماضية حليفاً سيئاً للغاية".

واعتبر بايبس أن تركيا الآن "ليست حليفاً"، مضيفاً أنها "تنتهج سياسات معادية لحلف شمال الأطلسي، وهي عدوانية تجاه أعضاء الحلف، وأعضاء مثل اليونان، وتشارك في غزو سوريا، وتهدد أوروبا بالمهاجرين السوريين"، واصفاً سياسة تركيا بـأنها "ابتزاز"، وتقوم على قاعدة "أنتم تعطوننا ما نريد وسنقدم لكم ما تريدون"، وأضاف: "لا أعتقد أن تركيا تنتمي إلى حلف الناتو، لقد قلت هذا منذ عقد من الزمان، وقد حان الوقت لطرد تركيا من حلف الناتو، دعوها تذهب إلى روسيا، دعوها تذهب إلى الصين، هذا خلاص جيد".

حليف غريب وغير موثوق

بينما قال ديفيد فيليبس، مستشار وزارة الخارجية الأسبق في إدارات ثلاثة رؤساء أمريكيين، إن تركيا باتت حليفاً "غريباً وغير موثوق" لواشنطن بعد رفضها الانضمام للعقوبات المتعددة الأطراف ضد روسيا، مضيفاً في مقال نشرته صحيفة "ناشيونال إنترست": "تركيا دمرت الإجماع الدولي بأن أصبحت غريبة بين حلفاء الولايات المتحدة.. يلعب الرئيس رجب طيب أردوغان مع طرفي الصراع من أجل توسيع النفوذ في المنطقة والحصول على منافع اقتصادية".

وأشار المستشار السابق لوزارة الخارجية الأمريكية إلى أن تركيا تركز على الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع روسيا، وأوضح أن لتركيا "مصلحة أكبر مع روسيا تتمثل في توفير موارد الطاقة وتصدير الفواكه والخضراوات، ناهيك عن السياحة وبناء محطة أكويو للطاقة النووية"، مشيراً إلى أن تركيا "ترفض على عكس بقية دول الناتو إرسال معدات عسكرية إلى أوكرانيا، كما رفضت عرض واشنطن نقل أنظمة صواريخ أرض-جو إس 400 الروسية إلى أوكرانيا، ورفضت إرسال أسلحة أخرى تعود إلى الحقبة السوفيتية يمكن أن تساعد أوكرانيا".

عميل مزدوج

في حين ذهب الصحفي الألماني ماكسيميليان بوب، لأبعد من ذلك، إذ قال في مقالة نشرتها مجلة Der Spiegel الألمانية: "سيعتبر تصرف الناتو صحيحاً، إذا لم يرضخ لمطالب أردوغان.. في السنوات الأخيرة، يتصرف أردوغان كعميل مزدوج"، لافتاً إلى أن تركيا، رغم عضويتها في الحلف، حصلت على أسلحة من روسيا و "هددت بالحرب" على اليونان وهي من أعضاء الناتو.

وبحسب الصحفي، بسبب الأزمة الاقتصادية بلاده، يخشى الزعيم التركي خسارة الانتخابات الرئاسية المقبلة العام المقبل، لذلك يمكن الافتراض أنه في الأشهر المقبلة سيكون "أكثر غطرسة" في العلاقات مع الغرب، داعياً الناتو إلى وضع حد "لمحاولات ابتزاز" أردوغان لأنها ستشكل "سابقة خطيرة".

خلافات غير قابلة للتوافق

بينما تساءلت الزميلة الكبيرة في مجلس شيكاغو للشؤون العالمية والدبلوماسية الأمريكية السابقة، إليزابيث شاكلفورد، في مقال لها بداية يونيو الجاري، قائلةً: “هل تركيا اليوم هي نفس تركيا التي هرعت إلى الناتو كشريك قبل 70 عامًا؟”، وكتبت إليزابيث في مقال لصحيفة “شيكاغو تريبيون” الأمريكية، أن تركيا وحلف شمال الأطلسي تباعدا وأصبحت خلافاتهما غير قابلة للتوافق.

وفقًا للدبلوماسية السابقة، فإن “الطبيعة غير الديمقراطية” لتركيا تولد نظرة سيئة لحلف شمال الأطلسي وتقوض أمن الحلف، وحق النقض ضد أي توسع لحلف شمال الأطلسي، الذي تحتفظ به جميع الدول الأعضاء، تستخدمه تركيا كـ”هراوة” لانتقاد حلفائها في قضايا غير ذات صلة ترمي إلى معاقبة الدول التي ترفض هوس أردوغان بمعاقبة الأكراد.

وذكرت الكاتبة التدابير المحتملة ضد تركيا، بالقول: “يمكن لأعضاء الناتو البالغ عددهم 29 سحب تدابير الحماية الجماعية بموجب المادة 5 من تركيا، وتعليق مشاركتها بشكل فعال، وأي مساعدة تتلقاها من الناتو”، وأضافت أنه إذا لم يستطع الناتو الوثوق بتركيا في مشاركة أولوياته الجماعية ودعمها، فينبغي أن “يفكر في خياراتها”، حيث قد يكون (الناتو) أفضل حالًا على المدى الطويل، وقد تتمكن فنلندا والسويد من المساعدة"، وهو ما يمكن اعتباره دعوة من دعوات أخرى كثيرة، لطرد تركيا من الناتو، لصالح قبول طلبات العضوية للسويد وفنلندا.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!