-
"طائفة النظام" وليس "النظام الطائفي"
يشبه النظام الذي يحكم سورية في تكوينه عصابة مافياوية تقوم على قاعدة الولاء المطلق لزعيم العصابة فقط مقابل الحصول على نسبة من المصالح تتناسب طرداً مع الموقع في العصابة دون الحق في النظر الى ما في يد الطبقة الأعلى.
ومن البديهي أن يقوم القائد أو رئيس العصابة باختيار حرسه الشخصي ودائرته الضيقة من شخصيات تتمتع بولاء لرئيس العصابة يتميز عن سبب ولاء افراد العصابة الابعد عن الدائرة الضيقة المحيطة بالزعيم بحيث يعتبر كل فرد منهم رئيس العصابة بنسبة أقل بنسبة قليلة علما حتى هذه الشخصيات يمكن لرأس النظام تصفيتها عند أدنى ارتياب.
وفي نظام الأسد اعتمد على الأجهزة الأمنية واعتبرها حارسه الشخصي، وقادة الأجهزة الأمنية يشكلون الدائرة الضيقة التي تدين بولاء مضاعف لرأس النظام، ولأن رابطة القطيع هي أقوى الروابط الفطرية البشرية، فكان من الطبيعي أن يعتمد في اختيار افراد الدائرة الضيقة من الأقارب او من معارف الأقارب الموثوقين، ومن الطبيعي في هذه الحالة ان يكونوا من الطائفة العلوية.
واتفق في العصابة السورية الحاكمة أن يكون زعيم العصابة "علوي" فاختار الدائرة المحيطة به وأفراد قوته الضاربة من العلويين حسب قانون قيادة العصابات الخطرة. ولو أن زعيم العصابة كان "سنياً" لفعل ذات الشيء، ولو أن رئيس العصابة "مسيحياً" لفعل ذات الشيء، وهكذا هي الحال بالنسبة الى جميع الطوائف والاديان والقوميات.
ولزيادة توضيح طبيعة عمل "طائفة النظام،" سأتطرق لأوضح مثال يعرفه جميع المتابعين للوضع السوري. فالكل يعلم محورية شعار عناصر طائفة النظام الذي يقول "زعيم العصابة، أو نحرق البلد" الذي يطلب الايمان به وتنفيذ متطلباته من افراد الشعب كلهم دون استثناء مع العلم بأن عناصر النظام أنفسهم يراقبون بعضهم البعض لجهة دقة تنفيذ هذا الشعار من قبل بعضهم البعض، فمن يتردد في تنفيذه يقتله من كشف تردده وتتم مكافأة القاتل.
مكافأة عناصر طائفة النظام هي حرية قطف ثمار تنفيذ شرط الولاء لقائد العصابة وللقائد المباشر محفوظ بقوانين العصابة والمحمي أيضاً بقوانين الدولة التي اغتصبها و تلبس بها النظام، وغالبا ما تكون تلك الثمار التي يجنيها أفراد عصابة النظام من نوع قطع الطرق، وتشليح الناس أموالهم، واغتصاب النساء، والقتل بحجة حماية رئيس العصابة أو الوطن. فكل تلك الثمار شرعية وضمن القانون.
فحين يقال بأن النظام طائفي، وبأنه يقتل طائفيا، يُتوقع بأن يكون كل عناصر النظام من طائفة واحدة، وكل ابناء تلك الطائفة يتمتعون بامتيازات مميزة عن باقي الشعب المحكوم، وكل أفراد تلك الطائفة يقتلون غيرهم من أفراد الطوائف حماية للطائفة، وسعيا لفرض تعاليم الطائفة وقوانينها على الطوائف الأخرى.
وفي النظام الطائفي لا يوجد فرق كبير بين مسؤولي الطائفة وبين عوامها، ولا بين مدينيها ولا مسلحيها فالكل مستفيد، والكل يتربع على عرش الحكم بالحديد والنار. والكل له الكلمة العليا و يملك الحق في فعل أي شيء إعلاء لكلمة الطائفة و ليس القائد. ففي هذه الحالة يكون الامر هو كما يقال "كل شيء للطائفة."
الا انه في الحالة السورية وبشكل بياني يمكن أن نلاحظ أن مئة عنصر تابعون للنظام: 8 علويون، و6 أكراد، و5 مسيحيون، و4 دروز، واسماعيلي 1، وتركماني 1، وشيعي1 و 74 سنياً شعار "الأسد أو نحرق البلد" أو شعار "الا إله إلا بشار" ولم يحدث قط بأن كان ازلام النظام كلهم من الطائفة العلوية فقط، ولم يحدث قط أن تم رفع شعار "الطائفة العلوية أو نحرق البلد."
تنظيم الاخوان المسلمين في اساسه تنظيم قائم على رابطة طائفة الاخوان وشعاره الوجودي هو "الاخوان أو نحرق البلد." علما أن الروابط التي تجمع عناصر طائفة الاخوان المسلمين أقوى بكثير جدا من الروابط التي تربط عناصر طائفة النظام الاسدي الحاكم بسبب الترابط العائلي الوثيق جدا. فقلما ترى اخوانياً متزوجاً من سيدة ليست ابنة لإخواني آخر.
وقد لاحظ المتابعون للشأن السوري وربما العربي بأن شعار الاخوان المسلمين هو "حكم الاخوان المسلمين أو نحرق البلد"، ولعل ما حدث في سورية لأكبر دليل على دقة هذا الشعار. فمن أجل إيجاد موطئ قدم للإخوان المسلمين في سورية بقيت قيادات الاخوان المسلمين على تواصل مستمر مع القيادة الإيرانية عدوة الشعب السوري، كما وضعت نفسها تحت تصرف قوات الاحتلال التركي الذي قام بغزو الشمال السوري و احتلال ما نسبته 10% من مساحة سورية، و استعداده لإعادة تسليم محافظة إدلب للنظام الاسدي و الروسي و الإيراني.
حقيقة صارخة لا بد من التعامل معها
إذا لم يفهم السوريون او يتفهموا هذه التعاريف، وهذا التمييز بين "طائفة النظام" و"النظام الطائفي"، فلن يتغير شيء في الوضع السوري، وربما وفي أحسن الأحوال سيجري ترحيل الازمة الوطنية الى وقت لاحق، ولكن لم يتم حلها، ولن يُتح لعجلة الحياة السورية الدوران ولا التقدم الا للخلف.
فعندما يفهم السوريون بأن خصمهم، أي خصم كل السوريين هو "طائفة النظام" و ليس الطائفة العلوية، فسيتحمل السوريون جميعاً بطوائفهم جميعها و بقومياتهم كلها المسؤولية، وستتم محاسبة المتورطين مهما كان دينهم او مذهبهم ا قومتيهم او جنسهم.
وعندما لا نفهم بأن طائفة النظام بالإضافة الى طوائف العصابات المؤدجلة الشبيهة بتركيبة طائفة النظام هي المسؤولة الوحيدة عن تدمير سورية فلن يتم اعمار حجر على حجر في سورية، ولن يبتسم مواطن سوري في وجه آخر، وستبقى طائفة النظام هي الحاكم، وسيردد المحكومون كلهم بلا استثناء " الأسد، او نحرق البلد".
علي الأمين السويد
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!