-
طرابلس بوابة أوروبا الثانية التي تسعى أنقرة لأمتلاك مفتاحها
كرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مناسبات عديدة، تهديده بالانتقام من انتقاد الأوروبيين لتصرفاته في سورية بأن يفتح الباب أمام اللاجئين الذين يعيشون في تركيا للوصول إلى أوروبا، وإذا ما تحكم أردوغان في النقطة الأساسية الأخرى لانطلاق المهاجرين إلى أوروبا، وهي ليبيا، فسيتمكن من أمتلاك ورقة رابحة يلوح بها ضدّ الاتحاد الأوروبي في أيّ وقت يشاء.
ويرى مراقبون انه في الوقت الذي ركزت فيه الصحافة العالمية اهتمامها على فعاليات منتدى دافوس السنوي في سويسرا في يناير الماضي، فإنها خاطرت بتجاهل تغطية فعالية أبرزت الديناميكيات التي تؤثر على مستقبل أوروبا أكثر من أي شيء تردد داخل أروقة المنتدى، حيث يواجه الاتحاد الأوروبي تهديدات خارجية بسبب عدم الاستقرار على طول حدوده، والمخاطر في الدول المجاورة له، ولكن في نهاية الأمر يأتي التحدي الأكبر للتكتل من داخله.
وعمدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى أستضافة مؤتمر في برلين يناير الماضي، في محاولة لحسم الصراع الدائر في ليبيا منذ فترة طويلة. ورغم أن المشاركين في المؤتمر قدموا وعوداً على الورق، بالالتزام بحظر توريد الأسلحة لليبيا، وهو الحظر الذي تعرض للتجاهل طوال سنين، لم تصل الأطراف الليبية المتحاربة إلى وقف لإطلاق النار أو لاتفاق أوسع نطاقاً.
وأشار البيان الذي صدر في ختام المؤتمر صراحة أنه لا يمكن سوى لعملية سياسية يقودها الليبيون أن تنهي الصراع وأن تحقق السلام الدائم، ولكن يبدو من غير المحتمل أن تكون هناك مثل هذه العملية السياسية. وأشارت ميركل إن الخلاف بين هذه الأطراف واسع لدرجة أن لا طرف منهم يتحدث إلى الآخر.
إقرأ أيضاً: وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا
وينوه مايك واتسون، المدير المشارك لمركز مستقبل المجتمع الليبرالي بمعهد هودسون في واشنطن، في تقرير نشرته مجلة "ذا ناشونال انتريست" الأميركية أمس الأحد، إن مشكلة أوروبا المباشرة هي أن هذا الصراع له تداعيات بعيدة المدى.
ولا يتلخص الأمر على أن الجماعات الإرهابية التي تستفيد من الفوضى، ولكن أيضاً يتيح انهيار النظام لمهربي البشر، عبر منحهم الحرية في استغلال مئات الآلاف من الأشخاص الذين يحاولون عبور البحر المتوسط إلى دول الاتحاد الأوروبي. فالظروف التي يعاني منها الكثير من هؤلاء الأشخاص مروعة، كما أوضح التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية.
ولدى نجاح المهاجرين في الوصول إلى أوروبا، تكون النتيجة العكسية لذلك هي زعزعة استقرار السياسة الأوروبية، وليس في استطاعة الاتحاد الأوروبي حسم هذه المشكلة بدون مساعدة ليبية.
وقد تمكن منذ العام 2015، حوالي نصف مليون شخص في الوصول إلى إيطاليا، وأدى عدم قدرة الأحزاب الراسخة على وقف هذا التدفق إلى وصول الشعبويين الإيطاليين إلى مقاليد السلطة. وفي حقيقة الأمر، وضعت الحكومة السابقة التي استقالت في أغسطس العام الماضي، الكثير من السياسات التي خفضت التدفق بدرجة كبيرة ولكن هذه السياسات تعتمد على تصدى الليبيين للمهربين ومنع نشاطهم.
ويمكن أن تهدد أي حرب أهلية متصاعدة في ليبيا بتعطيل تلك الاستراتيجية. وإذا ما توارى الشركاء المحليون في تقديم المساعدة في هذا المجال، فإنّ الأوروبيين، في حقيقة الأمر، يفتقرون إلى خفر السواحل والقطع البحرية المطلوبة لمراقبة البحر المتوسط بدرجة تكفي لوقف أي موجة مهاجرين أخرى.
ويردف واتسون أن هذا سوف يمثل تحديا كبيراً إذا ما كان الأوروبيون هم القوى الخارجية الوحيدة المتورطة في ليبيا، ولكن الأمر ليس كذلك. فهناك دول أخرى متورطة منذ سنوات، ولكن تيار الحرب تحول مؤخرا عندما وصل ما أسماهم بالمرتزقة الروس لدعم المشير خليفة حفتر قائد "الجيش الوطني الليبي"، وهو ما اتخذته تركيا سبباً لإرسال مستشارين أتراك عسكريين ومرتزقة سوريين للعمل لحساب أنقرة ودعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من جانب الأمم المتحدة.
كما كانت قد امضت أنقرة اتفاقات أمنية وعسكرية، مشكوك في شرعيتها المحلية والإقليمية والدولية، مع حكومة الوفاق الليبية في طرابلس، والتي لا تُسيطر سوى على مساحة بسيطة جداً من الأراضي الليبية، ومن غير الواضح أي منتصر في الحرب الليبية سيكون أقل كارثية بالنسبة للمصالح الأوروبية.
ويمكن انتصار حفتر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من استحواذ فرصة الوصول للبحر المتوسط، أفضل مما توفره له قواعده في سورية، مما يتيح له تهديد الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أي مواجهة.
ليفانت-وكالات
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!