-
عذراً أيها العالم.. صفعة أم صفقة؟!
بعد أن نقل ترامب سفارة بلاده للقُدس، واعترافه بها عاصمة لإسرائيل، نرى دولنا العربية تجد صعوبة بإعلان دعمها للأفكار الصهيو-أمريكية؛ كونهما لا يستطيعان تجاهل الرأي العام العربي والإسلامي، لذلك لا نرى مُعطيات تُشير إلى نجاح تلك الخطة إلا بعد انتخابات إسرائيل والاعلان عن الائتلاف الحكومي لها، أي حتى نهاية العام الحالي.
عندها ستدخل أمريكا في أجواء الانتخابات، ما يدفع للاعتقاد بأن الإدارة المنشغلة في الحملة الانتخابية لن تغامر بذلك، لأنها لن تجني من ورائها سوى الفشل، لذلك لجأت الإدارة الأمريكية إلى المقاربة الاقتصادية من خلال الإعلان عن ورشة البحرين التي يبدو أنها ستزيد من الانعزالية الأمريكية وتعقيد أي إمكانية لتنفيذ صفقة القرن لتخرج بقرارات فارغة من المضمون، ما يعني أنها ورشة علاقات عامة، وكأنها تقوم بتوزيع الحصص على طرف دون الآخر، والذي لم يَلمس أي شي يدل على أن ترامب جاد فيما يُدلي به، لينكشف خداعه للعالم، بانحيازه الكامل للطرف الإسرائيلي، وغض النظر على كل الاعتداءات الإحتلالية على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته ولا يحرك له ساكن، والجميع يعلم كما جاء بمقال الكاتب إبراهيم جلال بعنوان رجل الظلام .. عراب المال السياسي "شيلدون أديلسون" في مشهد افتتاح السفارة الأمريكية في القدس؟، هو حدث غير عادي، انتظرته اسرائيل واليهود طويلاً، لنلاحظ رجل السفارة نفسه، الذي دائماً ما يسخر من المُسلمين، وبصماته محفورة في معظم قرارات ترامب التي تُشكل العالم، وأدخله إلى البيت الأبيض، لما لا، وهو صانع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وصاحب أكبر صحيفة يومية مجانية تداولاً في إسرائيل، ويتبجح قائلاً: “إنه لا وجود لشيء اسمه شعب فلسطيني، ولا أعرف لماذا نتحدث إلى هؤلاء الناس الفلسطينيين، ونشعر أننا مضطرون للحديث عن حل الدولتين؟”؛ ليُجيب الكاتب الإسرائيلي أورى أفنيرى، على سؤال استنكاري مُثير حول من يحكم إسرائيل؟ فقال: “في إسرائيل أديلسون، هو الحاكم الحقيقي”.
لقد أعطت هذه الخديعة الغطاء لبعض الزعماء العرب الذين كانت علاقاتهم سرية مع الجانب الإسرائيلي ليظهروا هذه العلاقة علنًا كقطر وتركيا بحجة عملية السلام، وكأنهم يناورون مع الكيان الإسرائيلي والإدارة الأمريكية، فقط لكسب الوقت وتمرير بعض النقاط، وأن كل ما يدلي به ترامب ليس سوى ضحك على الذقون. وقد تنكشف في حال خسر ترامب الانتخابات أو تم مُحاكمته وبالتالي ستُصرّح الإدارة الأمريكية حينها أنها غير ملتزمة بأي توجه كان ترامب قد اتخذه.
والسؤال من هم فريق عمل تلك الصفعة؟!، إنه "مايك بومبيو" وزير الخارجية الأمريكي، الرئيس السابق للمخابرات الأمريكية، ممن يتبنون مواقف متشددة من إيران ويؤيدون الدعم المطلق لإسرائيل، ثم "جاريد كوشنير"، زوج ابنة ترامب، من أسرة يهودية قدمت مؤسساتها “الخيرية” 38 ألف دولار لمساعدة مستوطنة بيت إيل اليهودية بالضفة الغربية سنة 2013، والتي قدمت لها مؤسسة ترامب 10 آلاف دولار سنة 2003. وثالثهما "ديفيد فريدمان"، السفير الأمريكي في “إسرائيل”، ولا يعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مسألة حيوية للمصالح الأمريكية، كنموذج غزة لا يشجع على إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية، والرابع "غيسون غرينبلاط"، الممثل الخاص لترامب في المفاوضات الدولية منذ 2017، مستشاره للشأن الإسرائيلي، ومُعارض أي دور للأمم المتحدة في فرض حلّ الدولتين، ومعارض قرارات اليونسكو الخاصة بالقدس، وقد أيد مؤخرًا ضم مستوطنات الضفة إلى إسرائيل، ليختتم الفريق بـ "جون بولتون"، مستشار الأمن القومي الأمريكي، وهو كسابقه، ويدعو إلى إعادة قطاع غزة للسيادة المصرية والضفة الغربية للأردن، وهو ما أدانه واستنكرته جامعة الدول العربية مع تلك الصفقة الخاسرة.
إن تحديات الوضع الراهن يفرض علينا ضرورة إعادة صياغة تحالفاتنا العربية الإسلامية وفق المتغيرات الجنونية؛ وإدارك أن المصلحة الوطنية الفلسطينية هي التي يجب أن تكون الأولوية، وهذا يتطلب إعادة الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام واعادة ترتيب البيت الفلسطيني ونظامه السياسي بالإرادة الشعبية، وتحولهم من نهج الدفاع إلى الهجوم ومن نهج المفعول به إلى الفاعل فى ذلك الصراع؛ لأن الرفض وحده للصفقة ليس كافياً، لذا علينا اعتماد سياسة جديدة عملية على الأرض، لتبخير ملامح تلك القرارات الفردية، فيا أيها اليهود (نأسف على إزعاجكم، فلسنا في خدمتكم)!.
ليفانت - ابراهيم بن جلال فضلون
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!