الوضع المظلم
الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
علاقة أمريكا وإيران السياسية والغامضة
سيبان حسين

تاريخياً بدأت العلاقة بين أمريكا وإيران عندما أرسلت إيران سفيراً لها إلى أمريكا في عام 1856، وفي عام 1883 أرسلت أمريكا أيضاً سفيراً لها إلى إيران. في عام 1944 بدأت بمرحلة جديدة للعلاقات الدبلوماسية والتي أصبحت رسمية بينهما، وقامت أمريكا بتثبيت شرطي الخليج محمد رضا بهلوي 1941.

وكانت أمريكا أول دولة تدعم برنامج إيران النووي في 1953، والتي بدأت بكلمة رئيس أمريكا إيزنهاورأمام الأمم المتحدة في برنامج (محرر 2022) الذرة للسلام1.

واستمرت العلاقة الواضحة بينهما إلى ما قبل الثورة الإسلامية، والتي كانت في 1979، لتبدأ حقبة جديدة من العداء والغموض في العلاقة بينهما، التي فسرت بأنّها نوع من التكتيك، وأخذت الآراء الأخرى تقول بأنّها عداء واضح.

وتأتي أهميّة الدراسة بتفكيك اللغز في التغيّرات التي طرأت بالعلاقة بين إيران وأمريكا ما بين التعاون والعداء خلال حقبة ما بعد الثورة الإيرانية 1979. حيث يستغرب المراقبون في العلاقات بينهما، وخاصة أمريكا وإسرائيل، التي تحشد القوى لضرب مفاعل إيران النووي منذ أكثر من عشر سنوات والاستعدادات الهائلة لإيران لمواجهة أي خطر عليها، خاصة بعد تنصيب آية الله الخميني رئيساً لإيران، والذي وصف أمريكا بالشيطان الأكبر، وتدهورت العلاقة بينهما عندما قامت المخابرات الإيرانية في نفس العام باقتحام السفارة الأمريكية واحتجاز 52 موظفاً، مخترقة القانون الدولي الذي يمنع اختراق السفارات مهما كانت الأسباب، وطالبت أمريكا بإعادة الشاه محمد رضا بهلوبة لمحاكمته.

يقول خليل الفائزي "كشف النقاب عن العلاقات السرية بينهما وعن محادثات سرية حصلت بين مكتب رئاسة الجمهورية الإيرانية، رحيم مشاني، في واشطن، ولقائه مع سفير أمريكا في إسرائيل لتقييم العلاقات وتحسينها ومعرفة خطط ونوايا إسرائيل تجاه النووي الإيراني 2 (الفائزي 2010)"، ويكمل الفائزي ويقول على ذمة أحد نواب البرلمان في إيران بأن رحيم مشاني طلب لإقامة العلاقات مع أمريكا وأنه على تواصل مع المسؤولين الأمريكيين منذ عدة سنوات، ودعا لإقامة الحفلات المختلطة مع المسؤولين الأمريكيين وإعطائهم أفضل أنواع الخمر لتجنب أي حرب بينهما.

هنا نفهم بأن إيران تريد إقامة أفضل العلاقات مع أمريكا بغية إنجاح برنامجها النووي، وبالمقابل أمريكا تريد أن تقف إيران إلى جانبها لكون إيران تتمتع بموقعها الجيواستراتيجي المهم والقريب من روسيا والصين والمخزون النفطي الهائل الذي تملكه إيران.

تساؤلات مطروحة:

ماذا نفهم بتوسع إيران غرباً باتجاه البحر الأبيض المتوسط، وجنوباً باتجاه اليمن؟ هل أمريكا تحاول جعل إيران الوحش الذي يرعب دول الشرق الأوسط وجعل نفسها المنقذ أو هنالك خفايا أخرى بينهما؟ ولماذا تنازلت أمريكا عن كركوك وشنكال لإيران.. ألم يكن العداء واضحاً بينهما وثم قامت بقتل قاسم سليماني؟ ولماذا إلى الآن لم تتنازل عن دير الزور والرقة لإيران أو للحكومة السورية؟

ماذا نفهم عندما تقوم أمريكا بفرض عقوبات اقتصادية ومنعها من شراء الأسلحة بغية جعلها تضعف وتركع لها ولقرارت الأمم المتحدة، ولكن قوة إيران العسكرية في تقدم ولم تتراجع فقط الشعب الإيراني ذاق الويلات؟

وتأتي فضيحة تزويد أمريكا في سنة 1985 بصواريخ لإيران خلال الحرب الإيرانية العراقية 3 (نجاتي 2021)، حيث كانت العلاقة العلنية عدائية.

وفي حرب أفغانستان 2011 ساعدت إيران أمريكا ولبت طلب أمريكا في إنقاذ القوات الأمريكية والتحالف إذا تعرضت للمشاكل. واتفاق النووي 2015 مع إيران الذي انسحبت أمريكا منه في 2018 وأعادت العقوبات على إيران. حيث استفادت إيران خلال مدة الاتفاقية وقامت بتطوير برنامجها النووي وقد ألغيت أغلب العقوبات عليها.  

نلاحظ بأنّ الدولتين عدوتان لبعضهما، ولكن نلاحظ بأن العراق، الدولة المستعمرة من قبل أمريكا، قد أصبحت بالكامل بيد إيران، وهذا يعود لتفسرين، الأول لكون العراق دولة طائفية والطائفة الشيعية هي الغالبية والمسيطرة على المفاصل الأساسية في العراق، لهذا تمكنت إيران بسهولة السيطرة على العراق. أما التفسير الثاني يعود إلى سياسة أمريكا وجعل إيران دولة صديقة وضمن الحلف الأمريكي ضد روسيا والصين وكوريا الشمالية. ومن ناحية أخرى جعلت من إيران الوحش الذي يرعب دول الخليج. ومن خلال سيطرة إيران على العراق جعلت الطريق مفتوحة أمامها لتصل للساحل السوري، وبذالك تنازلت أمريكا عن كركوك وشنكال أيضاً.

يعتبر قتل سليماني تدميراً لهندسة الشرق الأوسط الإيراني، وبهكذا قامت أمريكا بتضعيف إيران. سليماني كان مسؤولاً عن حماية حكومة الأسد في سوريا ومسؤولاً عن العراق كاملاً، وخاصة بإشرافها على احتلال كركوك وشنكال، وما زالت تحتفظ بدير الزور والرقة لتصبح ورقة بيد أمريكا ضد إيران وورسيا ليكي يرضخوا لأمريكا وسياساتها في الشرق الأوسط وربما أمريكا ستتنازل عن هاتين المحافظتين عندما ترضخ إيران وروسيا لمطالبهما.

بالنسبة للعقوبات التي فرضت على إيران بغية حصارها وإضعافها. إيران ليست محاصرة من الدولة المجاورة لها، وخاصة وجود العراق بجانبها، تقوم عن طريقها ببيع وشراء ما تحتاجه، وخاصة طريقها مفتوح للساحل السوري، وبدأت إيران بالاكتفاء ذاتياً وتطوير صناعتها.

وتبقى المصالح أهم من العداء، وخاصة عندما قامت أمريكا بتزويد السلاح لإيران عام 1885 في حربها ضد العراق بغية إضعاف حكومة صدام حسين أو جعل الحرب تستمر لإضعاف الطرفين. في أفغانستان تقاربت مصالهم في القضاء على حكومة طالبان الإسلامية السنية والتي تعتبر السنة هم أعدائهم في الماضي وفي الحاضر. لهذا نرى إيران لبت طلب أمريكا تقديم المساعدة لهم.

لا يوجد عداء دائم بين الدول، كل دولة لديها هدف واستراتيجية لتحقيق أهدافها. فالعلاقة بين أمريكا وإيران علاقة تنافسية وأحياناً تتقارب المصالح. أمريكا تريد من إيران الوقوف بجانبها، بالمقابل إيران تريد من أمريكا التغاضي عن برنامجها النووي وتثبيت الهلال الشيعي، فالشعارات الطائفية  كأمريكا الشيطان الأكبر أو إيران مع خط دول الشر. لسيت إلا أنها دبلوماسية العامة التي تمارسها للإقناع ولكن السياسة والمصالح السياسية لها مساراتها  الواقعية. 


ليفانت - سيبان حسين

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!