الوضع المظلم
السبت ٢٨ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
«كرم» حاتمي انتخابي في بريطانيا!
محمد كركوتي

«أظهرت مسألة بريسكت، استعداداً غير مسبوق للسياسيين.. للكذب»

دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي السابق


صباح الجمعة المقبل، ستعلن النتائج النهائية للانتخابات البريطانية العامة، التي اصطلح على وصفها بـ «انتخابات بريسكت»، نظراً لارتباطها الشديد جداً بمسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ذلك الخروج الذي تأجل ثلاث مرات حتى الآن. هذه الانتخابات ليست مهمة بسبب «بريسكت» فحسب، بل هي كذلك أيضاً جراء طبيعة قيادتي الحزبين الرئيسين. فالمحافظون يقودهم يميني أقرب إلى التطرف هو بوريس جونسون، والعمال يتزعمهم يساري متطرف جداً جداً هو جيرمي كوربين. هذا الأخير مثلاً، لا يزال حزيناً لانتهاء الحرب الباردة! في حين أنه لم يترك ديكتاتوراً في هذا العالم إلا وصادقه. أما الأول، فاستقالات المعتدلين في حزبه، وفرار بعضهم لأحزاب أخرى، تحدد بالضبط مدى جنوحه نحو اليمين.




لكن هذا التضارب في مواقف قيادتي الحزبين الرئيسين في المملكة المتحدة، لم يمنعهما من المزايدة على الصعيد الاقتصادي، وتحديداً المعيشي. فالانتخابات (أي انتخابات) هي في النهاية تستهدف ناخباً له متطلباته الحياتية التي تشكل تأييده الحزبي. ففي العقود الماضية لم تعد الإيديولوجيا والطرح السياسي، حجر الزاوية في التأييد أو الانتماء لحزب، بل مستوى الخدمات التي تقدم للناخب - المواطن، ومدى «الكرم» المالي لهذا الحزب أو ذاك. في هذه النقطة بالذات، لا نقص في «الكرم»، لماذا؟ لأنه في ظل الحملات الانتخابية يبقى نظرياً، وفي أحسن الأحوال مكتوباً على الورق، وبعيداً عن الواقع. فلا عجب أن تقرأ أرقام الدعم بمئات المليارات من الجنيهات.




لا أحد من الأحزاب يتحدث بما يكفي عن المصادر التي ستأتي منها هذه الأموال، وإذا ما حوصرت بالأسئلة في هذا المجال، فأجوبتها تكون غائمة بلا سند واقعي لها، سوى فرض ضرائب جديدة، بحيث لا تنعكس سلباً على الناخبين! هذه النقطة بالتحديد تثير سخرية المراقبين (وخصوصاً الاقتصاديين) ولا سيما أن الضرائب (أياً كانت) لا بد أن تنال من الشريحة الأكبر من المجتمع، حتى لو فُرضت بمستويات عالية جداً على الشركات فقط. لكن المهم في الساعات المتبقية لإغلاق صناديق الاقتراع في بريطانيا. وهذا لوحده يجيب عن كل الأسئلة الخاصة بالكرم «الحاتمي» الانتخابي. تم وصف هذه الانتخابات بأنها الأهم منذ الحرب العالمية الثانية. وهي كذلك في مختلف الميادين، لأنها ستشكل بالفعل الصورة النهائية المستدامة للمملكة المتحدة، تلك الصورة التي اعتقد البعض أنها تكرست على مدى القرون الماضية. الحقيقة أنها تتعرض اليوم لإعادة التشكيل بفعل التأثيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الأوروبية.


محلل سياسي

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!