الوضع المظلم
الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
كيف نسقط مسار جنيف الفاشل؟
كمال اللبواني

أصبح واضحاً للجميع بعد سبع سنوات من السير في طريق التفاوض أنّ النظام، ومعه روسيا والدول المتدخلة، تريد كلها تضييع الوقت وتمييع الجهود الرامية لإيجاد نهاية لمأساة الشعب السوري، بهدف إتاحة الفرصة للنظام لتحقيق نصر عسكري بشكل مخالف لروح ونصّ بيان جنيف واحد الذي قامت المفاوضات عليه. جنيف 


واليوم يحاول النظام من خلال هذا المسار تتويج النصر العسكري بنصر سياسي تعترف فيه المعارضة بشرعية النظام وتشرعن انتخاباته القادمة، بعد أن قبلت القفز فوق كل الجرائم التي ارتكبها وفوق روح ونص قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وقلبت أولوياته وترتيبها مما يفقد كل جهد جدواه.. فالبدء بالدستور هو بحد ذاته إعلان فشل طالما أنّ في سوريا عصابات تتحكم بالأرض، وليس مؤسسات قابلة لتنفيذ أي دستور، وطالما أنّ الشعب مغيب بل مطرود من البلاد ناهيك الحياة السياسية بل من الحياة ذاتها.. لقد دفن النظام السوري شعبه، مادياً ومعنوياً وسياسياً، واستبدلته الدول بمجموعة انتهازيين سرقوا تمثيله زوراً يبحثون فقط عن مكاسب شخصية.


وأصبحت الثورة على النظام تمرّ حتماً عبر الثورة على هذه المعارضة التي تعتبر وحدها من يملك القدرة على إعفاء النظام من جرائمه وتجديد شرعيته، عندما تنازل بشكل تام عن حقوق الضحايا عبر مفهوم العدالة التصالحية الذي نقله بيدرسون لمجلس الأمن علناً دون خجل.


أما إسقاط تلك المعارضة، المعترف بها دولياً، كممثل شرعي للشعب السوري من دون أي معايير للتمثيل والتفويض، ضاربة عرض الحائط بكل القواعد المعترف بها في عملية التمثيل، فهو يتطلّب فضح السرقة الدولية لحق الشعب السوري في تقرير مصيره وفي اختيار ممثليه بحرية ونزاهة، ثم مهاجمة هذا المسار كمسار للخيانة، وفضح انتهازيّة وفساد أعضائه ونظام عملهم، وتدليس وتآمر المبعوث الدولي والدول الراعية التي تعمل بشكل متكامل لكبح جماع ثورة الحرية والديموقراطية التي لم ترقَ لمعظم أنظمة الاستبداد المجاورة والدول ذات الأطماع في الهيمنة.


السلاح الأهم في معركة الشعب السوري هو التمسك بحقوق الضحايا وضرورة القصاص من المرتكبين لجرائم حرب وضد الإنسانية، أثبتتها الأدلة الدامغة، والتي لا يمكن محوها إلا إذا تنازل أصحابها عنها وهذا ما تقوم به المعارضة التي أصبحت أخطر من النظام.


نحن أمام فرصة نادرة لكسر هذا المسار وعزل تلك المعارضة بسبب الفشل الذريع بعد سبع سنوات، وبسبب تصاعد الأزمة الإنسانية، وبسبب ارتفاع صوت الشعب واستمراره في رفض كل أشكال التركيع التي تمارس عليه، يضاف إليها تقرير لجنة التحقيق التابعة لمجلس الأمن التي قدمت تقريرها الذي يثبت تورّط النظام بخرق القرار ٢١١٨، الذي سلّم بموجبه السلاح الكيماوي وعاود تطوير برامجه واستخدم هذا السلاح مجدداً في أكثر من موقع.


ولما كان هذا القرار مأخوذاً تبعاً للبند السابع، فهذا يعني أحقيّة الدول في التدخل لاعتقال المرتكبين وخلع نظام الأسد وسوقه للمحكمة الدولية، وهنا يصبح تنفيذ قرار ٢٢٥٤ أمراً لازماً وضرورياً بفرض سلطة حكم انتقالية، تقوم بالمهام التي حددت لها، وهي محاربة كل الميليشيات والعصابات وجمع السلاح وفرض الأمن وإطلاق سراح كل المعتقلين، وتحضير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين وإعادة تأهيل البنية الخدمية اللازمة لذلك، وإتاحة مناخ من الحريات تسمح بعودة الحياة السياسية مما يضع الأرضية الصحيحة لإجراء انتخابات وكتابة دستور وتشكيل حكومة وطنية تستلم من السلطة الانتقالية مهامها.


ما يجب القيام به هو الحراك الشعبي وفقاً لهذه الخطة والأهداف، آخذة بعين الاعتبار الجدول الزمني، المحدود بثلاثة أشهر، حيث سيجتمع مجلس الأمن للبتّ بتقرير لجنة الكيماوي لكي يتخذ قراره، الذي يجب أن يشمل خطة انتقال واضحة يتوافق عليها الشعب السوري، وتحقق طموحاته. جنيف 



كمال البواني


ليفانت - كمال اللبواني  ليفانت 


 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!