-
لماذا سوف يخسر أردوغان الانتخابات القادمة؟
لا يعتبر تراجع حزب أردوغان في الانتخابات النيابية الصيف المقبل، ولا خسارته للرئاسة في الانتخابات القادمة، أمراً مستبعداً، فالطبيعي أن يخسر الأصوات بعد أن خسر معظم ميزاته وأغلب أصدقائه، فعندما تتراجع عن معظم العوامل التي ساهمت في نجاحك تصبح الخسارة هي النتيجة.
لقد صعد أردوغان لأنه نجح اقتصادياً، ورفع سوية الدخل وطور الصناعة والعمران، ولكن التضخم الخطير الذي حصل بسبب السياسات المالية، والتراجع الأخطر بسبب الاستثمار الناجم عن التركيز على العمران والبناء وتزايد النمط الاستهلاكي للفرد والأسرة، فنمو الاستهلاك المفرط قد قلص المدخرات، وجعل معظم الناس تستدين وتقع بعجز كبير عن سداد ديونها وتغطية مصاريفها، لقد كان التضخم النقدي يغطي تطور نمط الاستهلاك، لأسباب انتخابية، دون الانتباه لتدني نسبة النمو الاقتصادي نسبة لتزايد الاستهلاك، وهكذا ظهرت الأزمة الاقتصادية الخانقة التي لا بد سيدفع ثمنها.
كما صعد أردوغان بسبب وعوده بترسيخ الديمقراطية ومنع العسكر من التدخل في السياسة، ولكنه تحول لمستبد جديد بزيادة صلاحيات السلطة التي يتمتع بها، وبتطوير نظام المراقبة والقمع الذي صار يطال الحريات العامة والمعارضين، فما كان يخشاه الشعب من سلطة العسكر صار نظام أردوغان يمارسه فعلاً وباسم الديمقراطية، التي ليست هي وسيلة للوصول للحكم فقط، وليست وسيلة لتجديده بحسب قناعاتهم، أي من دون القبول بمبدأ التداول، فهم يتجهون نحو تركيا شمولية مختصرة بقائد وحزب قائد.
نجح أردوغان عندما قلص نظام المافيات والعصبيات الاقتصادية والسياسية، ولكنه سرعان ما أنشأ أو أعاد تنظيم تلك العصابات حول نظامه، وبذلك تقلصت سيادة القانون لدرجات خطيرة بسبب المحسوبيات والتدخلات، خاصة بعد تسريح أو سجن عدد كبير جداً من نواب الجمهورية، بحجة دعمهم للانقلاب أو تواصلهم مع فتح الله غولن.
شعار محاربة الفساد الذي أطلقه في طريقه الصاعد، تحول وبالتدريج لتكريس للفساد وإعادته للشيوع وبشكل كبير عندما مكث في الحكم لفترة طويلة سنحت بتنامي شبكات مصالح بين المسؤولين والمنتجين، حتى أصبح الفساد هو القانون السائد في التعامل والمعاملات.. والذي وصل حكومته ذاتها والدائرة المقربة منه.
موقفه الخارجي المتناغم مع طلبه الانضمام للاتحاد الأوروبي والانغماس في حلف الناتو الذي أمن له الدعم الغربي، تحول عنه ليصبح الثعلب الذي يلعب فوق كل الحبال، بما فيها الروسي، وبسبب اندلاع الحرب بين الشرق والغرب، لم يعد ممكناً الوقوف على الحياد، خاصة بعد أن عرقلت تركيا انضمام فنلندا والسويد، وطالبت بشروط غير مقبولة تتعلق بسوريا.
وفيما يخصّ الموقف من سوريا خسرت تركيا معظم رصيدها، بسبب تلاعبها الملتبس بالملف السوري. خسارة الشعب السوري لا يمكن للنظام تعويضها كونه هو الآخر لم يعد يثق بتركيا.
وعليه فإن خسارة أردوغان القادمة ستكون طبيعية، ولن ينقذه منها سوى تأجيل الانتخابات أو التلاعب بها، وهذا ما سيظهر وجهه الاستبدادي الذي سيوسع دائرة عداواته، ويضع تركيا على طريق عدم الاستقرار، والتي تعاني كثيراً من أزمة هوية ونظام سياسي وصراع مكونات وقوى عصبيوية قوية ونافذة، والتي ستنفجر خلافاتها على نطاق واسع لو لم يقبل أردوغان الخسارة وتسليم السلطة.
ليفانت - كمال اللبواني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!