-
مصادر أوروبية: الدول الأوروبية تدعم إمام أوغلو للإطاحة بأردوغان
يمثل عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، فرصة سانحة للإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، نظراً لشعبيته الكبيرة ونجاحاته السياسية والانتخابية، ما دفع الدول الأوروبية للاصطفاف خلفه، وبحث سبل دعمه في مواجهة النظام الذي يحكم تركيا منذ 2002، وفق مصادر متطابقة.
ولا يستبعد إمام أوغلو نفسه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، ويرد دائماً على أسئلة الصحفيين قائلاً: "الشعب وحزبي (الشعب الديمقراطي/ يسار وسط)، هما المنوط بهما تحديد ما إذا كنت سأخوض الانتخابات الرئاسية من عدمه".
وأوروبياً، يلاقي السياسي الشاب احتراماً ودعماً كبيرين، حيث ظهر في صورة واحدة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس البرلمان، فولفغانغ شويبله، في العاصمة الألمانية، على هامش احتفالات ألمانيا بذكرى سقوط جدار برلين، في نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، وهي مكانة لم يحظ بها ابداً مسؤول محلي في أي دولة، حسب صحيفة دي فيلت الألمانية "خاصة".
وفي تصريحات خاصة عبر الهاتف، قال مسؤول أوروبي كبير فضل عدم ذكر اسمه: "تنظر الدول الأوروبية باحترام لتجربة إمام أوغلو، بل وتراه بديلاً للنظام الحالي، لأنه وجهاً ديمقراطياً وشاباً".
وفي نفس الإطار، نقلت صحيفة هاندلس بلات الألمانية "خاصة" عن مصادر سياسية أوروبية لم تكشف عن هويتها "من منظور أوروبي، فإن إمام أوغلو هو الأمل في تحسين العلاقات التركية الأوروبية، ونعول عليه كثيراً".
ووفق المصادر ذاتها، فإن إمام أوغلو فتح بنفسه قنوات اتصال مع الساسة الأوروبيين بعد توليه منصبه، عبر الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني "يسار وسط"، الذي يملك علاقات جيدة مع حزب عمدة إسطنبول، الشعب الجمهوري.
فيما قالت مصادر دبلوماسية أوروبية تتواجد حالياً في إسطنبول، للصحيفة "المسؤولون الأوروبيون يرون إمام أوغلو مرشحاً محتملاً لرئاسة تركيا".
وتابعت "يتكرر بكثافة في الدوائر الدبلوماسية الأوروبية الحديث عن البحث عن سبل لدعم عمدة اسطنبول في الانتخابات المقبلة"، مضيفة "إمام أوغلو الرئيس سيكون أكثر تصالحية وتقدمية وميلاً لأوروبا".
من هو إمام أوغلو؟
صنع إمام أوغلو مفاجأة كبيرة عندما هزم مرشح العدالة والتنمية، بن علي يلدريم، في الانتخابات البلدية في اسطنبول، مرتين في 31 مارس (آذار)، و23 يونيو (حزيران) الماضيين. وولد إمام أوغلو في مدينة طرابزون، شمال شرق تركيا، على شواطئ البحر الأسود، ودرس إدارة الأعمال في جامعة اسطنبول وحصل على ماجستير في الإدارة، حسب النبذة الشخصية التي وزعها مكتبه.
وينحدر السياسي المولود في 1970، من أسرة متدينة ومحافظة من الناحية الاجتماعية، لكنْ لها تاريخ طويل في العمل السياسي، فوالده مؤسس فرع حزب الوطن الأم بزعامة رئيس وزراء تركيا الراحل تورغوت أوزال في طرابزون. واعترف إمام أوغلو بأنه ينحدر من أسرة محافظة، لكنه أصبح أكثر تحررًا وتبنى القيم الديمقراطية الاجتماعية خلال مرحلة دراسته الجامعية.
وعمل أوغلو في شركة بناء لعائلته قبل أن يدخل الساحة السياسية بانضمامه إلى حزب الشعب الجمهوري عام 2008، وهو الحزب العريق المرتبط باسم مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة. واستطاع في عام 2014 انتزاع رئاسة بلدية حي بيليك دوزو في القسم الأوروبي من اسطنبول من حزب العدالة والتنمية، الحاكم.
واستغل حزب الشعب الجمهوري الأداء الجيد لإمام أوغلو في إدارة حي بيليك دوزو، خلال الأعوام الخمسة الماضية، فرشحه في الانتخابات الأخيرة لرئاسة بلدية اسطنبول التي تضم أكثر من عشرة ملايين ناخب و16 مليون نسمة.
شعبية تتخطى أردوغان
يتمتع إمام أوغلو بشعبية كبيرة في إسطنبول، أكبر مدن البلاد، بعد تصديه لفساد نخبة المدينة السابقة، وتخطيطه لتوسيع شبكة المواصلات العامة.
وفي هذا الإطار، نعرض دراستين ميدانيتين استشرفتا مستقبل السياسة في تركيا، قامت بهما مؤسستان دوليتان هامتان، إحداهما من داخل تركيا، والأخرى من خارجها.
الأولى هي شركة بِيار (Piar) التركية التي لفتت إليها الأنظار في الاستطلاعات التي قامت بها، واستبياناتِها القريبة جداً من النتائج الواقعية. وقامت الشركة في نوفمبر (تشرين الثاني) باستطلاع تحت عنوان "الأجندة السياسية العامة لتركيا"، واعتمد هذا الاستطلاع تقنية المقابلة الشخصية مع مواطنين منحدرين من 26 محافظة يُعتقَد أنها تمثل الطبيعة العامة للمواطن التركي. وكان السؤال المطروح هو "لو فرضنا أن الانتخابات العامة جارية اليوم، فلأي حزب سياسي ستصوِّت؟"
وصوّت 31.9 في المئة لحزب "العدالة والتنمية"، وترتفع هذه النسبة، بعد توزيع الأصوات المترددة، إلى حوالى 35 في المئة، في تراجع كبير للحزب الحاكم.
وكان من بين الأسئلة "لأي مرشح ستصوِّت إذا كان التنافس بين مرشحَين اثنين في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية؟". وأجاب 44.5 في المئة منهم بأنهم سيصوتون لأكرم إمام أوغلو عمدة إسطنبول الحالي، والسياسي البارز في صفوف "حزب الشعب" الجمهوري المعارض. في حين أن نسبة الذين قالوا إنهم سيصوتون للرئيس رجب طيب أردوغان هي 39.7 في المئة. وكانت هذه هي أول هزيمة يُمْنَى بها أردوغان منذ حوالى 16 عاماً أمام منافِسيه في استطلاع رأي عام، حيث كان دائماً في المقام الأول حتى في استطلاعات الرأي التي أجرتها المؤسسات البحثية المعارضة.
أما الدراسة الثانية، فأجرتها مؤسسة (Bloomberg Business Week) الأمريكية، وهي واحدة من وسائل الإعلام الأكثر احتراماً في العالم. وتبوأ أكرم إمام أوغلو مكانه في القائمة التي نشرتها المجلة لأكثر 50 سياسي شعبية في العالم، ليكون السياسي التركي الوحيد الذي يدخل القائمة.
وكان أردوغان في سابق عهده من أكثر الشخصيات التي تدخل مثل هذه القوائم التي تَنشر أكثر الأسماء تأثيراً في الساحة الدولية، إلا أنه أصبح يتمتع بسمعة سيئة في الرأي العام العالمي، بسبب تبنيه مواقف وخطابات تَسودُها الكراهية والعنف.
مكانة أوروبية مرموقة
يحظى إمام أوغلو بأهمية دولية نادراً ما يحظى بها سياسي محلي، حيث التقى عمدة اسطنبول في نوفمبر الماضي (تشرين ثاني)، نائب المستشارة الألمانية ووزير المالية أولف شولتز، ووزير الخارجية، هايكو ماس في برلين، وفق هاندلس بلات.
وحسب صحيفة "هاندلاس بلات" الألمانية، فإن الأجواء المصاحبة لزيارة إمام أوغلو لبرلين كانت بناءة وودودة، على عكس الأجواء المتوترة التي دائماً ما تصاحب زيارات أردوغان لألمانيا.
بدوره، قال نيلس شميدت، عضو البرلمان الألماني عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، للصحيفة ذاتها "إمام أوغلو سياسي ديمقراطي بامتياز، ويترك أثر بناء في المستمعين له".
وفي دلالة على الدعم الأوروبي لإمام أوغلو، قالت القناة الأولى بالتلفزيون الألماني في تقرير نشرته الشهر الماضي، إن بنك (KFW) الألماني يقترب من تمويل صفقة شراء ١٠٠ حافلة مواصلات لصالح بلدية إسطنبول، في خطوة شديدة الحساسية موجهة ضد الرئيس التركي.
وأوضحت القناة "هذه الصفقة تتكلف ملايين اليوروهات، في وقت تحاصر فيه حكومة أردوغان بلدية اسطنبول وترفض منح رئيسها أكرم إمام أوغلو أموالاً لتنفيذ مشاريعه الطموحة في محاولة لتحجيمه".
ووفق القناة الألمانية، فإن إمام أوغلو حصل أيضاً على وعود من فرنسا، بالحصول على دعم مالي لتنفيذ مشاريعه، خلال زيارته لباريس في نوفمبر الماضي.
ونقلت القناة عن نيلس شيمدت قوله "ليس جيداً ترك إمام أوغلو وحيداً وهو يواجه مشكلة الحصول على تمويل من الحكومة التركية".
هل تجري تركيا انتخابات مبكرة؟
من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية التركية في 2023، لكن مراقبون يتوقعون إجراؤها في وقت مبكر في ضوء الانشقاقات المتكررة عن الحزب الحاكم، واحتمالية خسارته الأغلبية البرلمانية.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال الكاتب الصحفي عبد القادر سلفي، المقرّب من الحكومة التركية "في ضوء التطورات الأخيرة في الساحة السياسية، فإنه من الصعب الإبقاء على الانتخابات الرئاسية في موعدها المقرر في عام 2023"، في إشارة لاحتمالية تبكير موعد الانتخابات.
وأضاف في مقاله بصحيفة "حرييت" التركية إن "إمام أوغلو من الممكن أن يكون مرشحاً منافساً لأردوغان في الانتخابات المقبلة".
ووفق النسخة الألمانية لموقع "دويتشه فيلا" الألماني، فإن حزب العدالة والتنمية يعاني سياسياً، وخسر نحو مليون من أعضائه في الأشهر القليلة الماضية، ما يجعل إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة احتمالاً مرجحاً.
وتعتبر الانتخابات المقبلة حاسمة ومصيرية بالنسبة للحزب الحاكم ورجب طيب أردوغان. ولا شك في أنه سيأخذ كل التدابير اللازمة ويخطط لها، وسيلجأ إلى كل الأساليب القانونية وغير القانونية للفوز بها.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!