الوضع المظلم
الأحد ٢٢ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • ملف النفط والطاقة في سوريا: معركة الثروات السوداء وتحديات الاستقرار الإقليمي

ملف النفط والطاقة في سوريا: معركة الثروات السوداء وتحديات الاستقرار الإقليمي
النفط السوري \ تعبيرية \ متداول

مع استمرار الحرب في سوريا لمدة تزيد عن 12 عامًا، بات ملف النفط والطاقة يعتبر صندوقًا أسودًا يجذب الاهتمام والانقسامات. بعد خروج حقول النفط والغاز من سيطرة القوات الحكومية الموالية للرئيس بشار الأسد في نهاية عام 2012، عاشت هذه الحقول تبعات تغيّرات عدة في السيطرة عليها. عبر مراحل متعددة، استولت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بدعم من تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة على مناطق غنية بالنفط والغاز، مما أدى إلى تأثير كبير على الحقل الاقتصادي والسياسي في المنطقة.

تزامن هذا الواقع مع تداعيات اقتصادية كبيرة تأثرت بها المنطقة، حيث تشهد الليرات السورية والتركية واللبنانية تدهورًا حادًا في قيمتها مقابل الدولار، ما أثر بشكل مباشر على القوة الشرائية والاستقرار المالي للمواطنين.


على الرغم من التساؤلات المستمرة حول مصير إيرادات النفط، يؤكد حسن كوجر، نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، أن هذه الإيرادات تُستثمر بشكل مسؤول في تغطية احتياجات السكان وتقديم الخدمات الأساسية.

وأوضح  حسن كوجر، إن «الإدارة» تستثمر أقل من نصف الآبار والحقول في مناطق نفوذها، أي قرابة 150 ألف برميل يومياً، علماً أن الإنتاج كان نحو 385 ألف برميل يومياً قبل الحرب 2011.

ورفض الاتهامات الموجه لـ«الإدارة الذاتية» والقوات الأميركية بسرقة النفط السوري، أو احتكار هذه الثروات، بدليل بيع قسم من الإنتاج إلى تجار محسوبين على النظام بأسعار رمزية مقارنةً مع مثيلاتها العالمية.

وتابع: منذ بداية الحرب السورية خضعت مناطق حقول النفط وآبارها لسيطرة جهات عسكرية عدة، وبعد سنة 2014 تعرضت، وخصوصاً في أرياف مدينتي دير الزور والحسكة، لهجمات عسكرية من فصائل راديكالية مسلحة وتنظيمات إسلامية متشددة؛ ما أثر كثيراً على هذه الحقول والآبار وتهدم قسم منها بشكل كامل، وتعرض قسم آخر للتخريب وانخفضت كميات الإنتاج المستخرجة.

وبإمكانات محدودة، تمكنا من استثمار قسم يوازي أقل من نصف الكمية التي كانت تنتج قبل 2011 من هذه الآبار بما يلبي احتياجات سكان المنطقة من الوقود والطاقة.

اقرأ المزيد: أزمة العملات تضرب المنطقة: هبوط قياسي لليرات السورية والتركية واللبنانية يثير الهلع

 عائدات النفط المالية:

- عائدات النفط تعود لهياكل الإدارة الذاتية والمجالس المحلية التي تدير هذه المناطق، لتغطية نفقات القوات العسكرية والأمنية التي تحمي حدودها الجغرافية، وتدخل في الموازنة العامة لتقديم الخدمات لسكان المنطقة ودفع أجور العاملين والموظفين.

* كيف تتم عمليات البيع والشراء مع الحكومة السورية وباقي مناطق النفوذ

- لا توجد عقود وطرق رسمية؛ لأن جميع الحدود محاصرة ومغلقة بيننا. كما لا يوجد اتفاق لبيع وشراء النفط الخام، لا مع الحكومة ولا مع باقي الجهات، وهنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة وجود آلية لتشريع هذه العمليات؛ لأن ذلك سيكون تطوراً إيجابياً لخدمة جميع السوريين، بغض النظر عن مكان وجودهم الجغرافي؛ لأننا جزء من سوريا وهذه الثروات ملك لجميع السوريين.

 

 نعم، قدمنا للتحالف الدولي مخطط مشروع لبناء مصفاة لتكرير النفط. ونظراً لأن مناطقنا محاصرة من جهاتها الأربع وعدم وجود معابر رسمية؛ لم تفلح هذه الجهود في إنشاء محطة كهذه، وحتى اليوم لا يزال تكرير النفط يتم بطرق بدائية تؤثر على السلامة البيئية، كما على الدورة الاقتصادية لمناطق شمال شرق سوري عموماً لغياب استثمارات النفط.

* تسلمت الإدارة أكثر من مليون طن من القمح هذا الموسم من مزارعي المنطقة، هل ستبيعون الفائض للحكومة السورية أو باقي المناطق؟

- حقيقةً أن هذه الأرقام بالكاد تكفي مناطق الإدارة لمدة عامين لأننا نحتاج سنوياً إلى نحو 600 ألف طن، لكن هذه الثروات والموارد الاقتصادية ملك لكل السوريين، ونحن لا نحتكر هذه الموارد كما تروج الحكومة السورية وبعض الأطراف الدولية... هدفنا الأساسي الوصول إلى صيغة وطنية لتقاسم هذه الموارد مع باقي المناطق.

وحتى اليوم، لا توجد قنوات رسمية لشراء القمح على رغم ضرورتها، ونحن على استعداد للبحث في ذلك ضمن الإمكانات المتوفرة وعرضنا هذا الجانب في المبادرة السياسية التي أطلقتها الإدارة الذاتية مؤخراً، ونرفض كل التهم الموجهة للإدارة بانها تحتكر موارد الدولة.

مع الانتقال بين السيطرة والتحديات الاقتصادية، يبقى ملف النفط والطاقة في سوريا مفتوحًا على تساؤلات كثيرة. الحاجة ماسة إلى تنظيم آليات رسمية لبيع وشراء النفط، وتحقيق الشفافية في إدارة الموارد الطبيعية لضمان تعزيز الاستقرار المالي والتنمية المستدامة في المنطقة. فيما يبدو أن مصير هذه الثروات يعكس بشكل دقيق التحديات السياسية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها الدولة والمنطقة في مرحلة ما بعد الحرب.


المصدر: الشرق الأوسط 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!