الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٢ / أبريل / ٢٠٢٥
Logo
من الشيخ صالح العلي إلى حفيده
أسامة أحمد نزار صالح 

بدأ الوجود الفرنسي في الساحل السوري (سوريا ولبنان) عام 1918 أي قبل اعلان الانتداب الفرنسي بحوالي السنتين. في ذلك الوقت اندلعت اشتباكات بين الإسماعيليين والعلويين على خلفية مقتل طفل علوي بمسدس مراهق اسماعيلي في منطقة القدموس وعملت السلطات الفرنسية على احتواء الاشتباكات عن طريق استدعاء الشيخ صالح العلي للتشاور (لما له من مكانة او زعامة) لم يلبي الشيخ الدعوة فانطلقت قوة فرنسية بقيادة الملازم فلوريمون لزيارة الشيخ لكنها استقبلت برصاص رجاله ظنا منهم ان هناك امر اعتقال بحقه.


حتى تاريخ 25/5/1919 لم تحدث أي اشتباكات بين القوات الفرنسية والمسلحين العلويين واستمرت الغارات والغزوات (بقصد السلب) على المناطق الاسماعلية والمسيحية في جبل العلويون حتى قرر الحاكم الفرنسي الجنرال نيجر نزح سلاح كافة مكونات الجبل بالقوة وحدث التمرد العلوي ضد الفرنسيين ،أي ان هذا التمرد لم يحدث ضد الوجود الفرنسي وانما ضد نزع السلاح. 


بتطور الوعي السياسي للشيخ صالح العلي واتصاله بقيادات الثورة السورية الكبرى بعد 1920 جعله يدرك ان حوالي 45% من سكان اللاذقية وطرطوس المتمركزون في المناطق غير الحضرية والجبال ولا يملكون أي مؤهلات تاريخية او ثقافية او سياسية ولا حتى اقتصادية من المستحيل ان يقودوا كيان سياسي مستقل على شاكلة اللبنان الكبير الذي نشأ بتحالف سني ماروني ودعم وترتيب فرنسي ،هذه الحقائق التي يبدو ان الشيخ صالح العلي ادركها مبكرا جعلته يرفض مشروع الدولة العلوية التي حكمها صبحي بركات وكانت شكل مطور للحكم الذاتي بتمرد اسماعيل خير بك والتي قضت عليه الدولة العثمانية.
بعد اكثر من مئة عام  الحفيد لم يكن بمستوى الذكاء والحنكة السياسية للشيخ صالح العلي اعتقد المحامي عيسى ابراهيم ان حكم ستين عاما من بعث الاسدين (الاب والابن) لسوريا انتج نخبة علوية تملك (العلم والمال) شبيهة بالمارونية السياسية في لبنان وتستطيع ان تتمايز في مركز ثقلها (الساحل السوري) وتقود دولة مدنية علمانية متنوعة الاعراق والديانات (سنة ومسيحية ومراشدة وتركمان وكرد) وتطرح نفسها جزيرة متنورة (في الوسط السني المتشدد) 

غفل المحامي عن ان الاسد الاب جعل من الطائفة العلوية عصبية لحكمه وعائلته وغلفها بدعوى الوحدة العربية ومقاومة اسرائيل فحصر ابناء الطائفة في المؤسسات الامنية المتوحشة ضد الاكثرية السنية المعارضة لحكمه ووجه المتعلمين وحملة الشهادات من طائفته الى وظائف الدولة وخرطهم في منظومة من المنفعة والفساد ،خلال اعوام حكم الاسدين لم يكن لنخب الطائفة العلوية أي دور اقتصادي سواء في الساحل او عموم سوريا لبناء اقتصاد سوري متقدم وكذلك لم يكن


لهم أي دور ثقافي او فكري (انشاء مؤسسات ثقافية او مدارس تعليمية نخبوية) الا بعض المساهمات لمتنورين لم يستطيعوا احداث نهضة علوية نتيجة القمع والتهميش من عصبية الاسد قبل الاسد نفسه كما واغفل حفيد الشيخ صالح العلي بطريقة اقرب الى الغباء السياسي الوضع الدولي الرافض للإرهاب الشيعي الذي ترعاه ايران عبر وكلائها في المنطقة ،والاهم انه اغفل الارتباط الوثيق لسنة الساحل السوري (الذين يشكلون اكثرية في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة وهي المحافظات التي طالب بانفصالها او اجزاء منها مسميا اياها تجمعات علوية محلية) بسوريا موحدة مركزية عاصمتها دمشق عداك عن ارتباطهم العروبي.


لن افند المزاعم والافتراء والتضليل الذي احتواه بيان المحامي عيسى ابراهيم ،لكن وجود وزير من الطائفة العلوية الكريمة في ادارة العهد الجديد يعني ان لا نية لإلغاء شركائنا في الوطن وان المشكلة فقط مع عصبية الاسد التي اتخذها مطية لاستمرار تسلطه على سوريا وشعبها. 

ليفانت:  الدكتور اسامة احمد نزار صالح 
 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!