-
نتائج الانتخابات الرئاسيّة في سوريا
حدّد مجلس الشعب يوم ٢٦ /٥ كموعد لإجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا، ولكن منذ الآن تبدو النتائج واضحة بل حتمية، وهي فوز بشار الأسد كمرشح وحيد أو بوجود مرشح منافس يختاره هو، وبنسبة أصوات أيضاً يحددها هو، فهو المرشّح وهو الناخب وهو النتيجة وهو الشعب وكل ما عداه باطل، هو الشرعيّة والوطن طالما أنّ سوريا باعتبارها مزرعة خاصة بعائلته والتي حولت سوريا إلى جمهورية وراثية، يتم فيها التجديد دورياً وآليا للراعي والرئيس المفدى ومن ثم توريث السلطة لولده من بعده.
النتائج التي سنتحدّث عنها ليس للانتخابات بحد ذاتها، فهي محسومة سلفاً، لكن لتبعات ذلك القرار بإجراء الانتخابات قبل التوصّل لحل سياسي اتفق عليه في مجلس الأمن، ونصّ عليه القرار ٢٢٥٤، فقد كان النظام والروس يخططون للتحايل على الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن، لإعطاء شرعية ما لهذه الانتخابات عبر اللجنة الدستورية، ومن خلال المعارضة ومسار جنيف، حيث كان المفترض أن تقبل المعارضة المشاركة ويعتمد إشرافاً دولياً شكلياً على تلك الانتخابات بعد تعديلات دستورية طفيفة، وهو ما أسقطه الشعب السوري الثائر ولجم المعارضة الانتهازية عن السير في طريق الخيانة الكاملة، رافعاً شعار المطالبة بمحاكمة المجرمين والذين ارتكبوا جرائم بحق الإنسانية، من قتل وخطف وتهجير واستخدام أسلحة دمار شامل، وهكذا فقد النظام هذه الورقة التجميلية، مما اضطر الروس لطرح موضوع التأجيل بانتظار الالتفاف على هذا الرفض، لكن رعونة النظام وداعميه الإقليميين والعرب جعلتهم يهبّون لمساعدته ومدّه بالدعم للسير في طريق إجراء هذه الانتخابات، متوهمين أنّ أحداً يمكنه أن يصدق وجود فرصة للشعب لكي يعبر عن رأيه أو يختار من يريده، هذه الرعونة أفقدت الانتخابات أي فرصة للحصول على اعتراف دولي، ناهيك عن الشعبي، بل بالعكس قوّضت كل المساعي للتحايل والتجميل والالتفاف على المحاسبة القانونية، وأحرجت الروس الذين وقعوا على قرار مجلس الأمن، وأطلقت يد الغرب في تشديد العقوبات، ويد الشعب في تشديد المطالبة بدماء وحقوق ضحاياه الذين فتك بهم النظام.
رعونة إيران التي تريد تفعيل أوراق الضغط في تفاوضها الساخن مع الأمريكان، هي من دفعت بمستخدمها بشار لهذا الموقف، بعد أن قدّمت له دعمها بالمال والنفط، والذي ترافق مع دعم بعض الدول العربية، المادي والديبلوماسي، مما شجعه أيضاً على ركوب رأسه والسير قدماً، ضارباً عرض الحائط بإرادة الدول النافذة التي ستتجه نحو إلغاء مسار التفاوض ومسار الحل المعتمد دولياً، والبحث عن آليات تنفيذ جديدة للقرار ٢٢٥٤، خاصة وأنّ إيران أصبحت في تحدٍّ سافر للأمريكان، وهي من تعتبر أنّ بقاء الأسد هو عنوان بقاء احتلالها ونفوذها في سوريا.
لن تستطيع انتخابات صورية في سوريا أن تعطي الشرعيّة للاحتلال الإيراني، ولا أن تقدّم الحصانة لمرتكبي جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، ولا أن توقف مسار الملاحقات والضغوط الدولية، مثل سيزر والكيماوي، ولا أن تلغي مفعول القرار ٢١١٨ المتعلق بالكيماوي الذي انتهكه وبشكل صارخ نظام الأسد ١٨ مرة، كما أفاد التقرير النهائي للجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة.
نتيجة السير قدماً في إجراء الانتخابات لا تخدم النظام، بل قد تكون الشعرة التي تقصم ظهر الحل السياسي التفاوضي ومسار جنيف وظهر المعارضة السورية الوكيلة للأجنبي، المتمثّلة في منصّات إسطنبول وموسكو والقاهرة والرياض، مما يفتح الباب نحو مقاربات جديدة وآليات جديدة، غالباً لن تكون في صالح الأسد الذي سيفوز في الانتخابات، ولكنّه سيخسر السلطة أو ما هو أكثر من السلطة.
ليفانت كمال اللبواني
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!