الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • وردة الجزائرية.. غنت للحب والوطن

  • فاجأت جمهورها في بداية العقد الماضي بأغنية وطنية بعنوان "ما زال واقفين"
وردة الجزائرية.. غنت للحب والوطن
وردة الجزائرية/ ليفانت نيوز

غنت وردة الجزائرية، أوقاتي بتحلو، تحلو معاك.. وحياتي تكمل برضاك.. وبحس بروحي.. روحي بوجودي من أول ما بكون وياك.. مش بس أوقاتي بتحلو، دي العيشة والناس والجو. 

هذه الأغنية لها قصة جميلة، غنتها السيدة وردة عام 1979 في حفل فني مباشر من ألحان الراحل سيد مكاوي، حيث كانت تنوي كوكب الشرق أم كلثوم تقديمها عام 1975، لكن الموت فاجأها حتى عاشت الأغنية سنوات طويلة بين يدي سيد مكاوي، لتغنيها وردة في النهاية، وتعتبر من أفضل ما غنت خلال مسيرتها الفنية.

نشأة الجزائري

ولدت وردة فتوكي في فرنسا عام 1939 بالحي اللاتيني بباريس من أم لبنانية من عائلة "يموت" وأب جزائري، إذ كان يملك فندقاً بالحي اللاتيني، وقد بدا عليها عذوبة الصوت وهي صغيرة، حيث اكتشفها الفنان أحمد التيجاني، فقدمها في الإذاعة الفرنسية الموجهة للعرب شمال أفريقيا ونجحت.

عاشت وردة في محيط غربي فرنسي لا يمت للغة العربية بصلة، وعلى الرغم من هذا كله، غنت الطفلة وردة لكبار الفنانات العربيات، بينهم أم كلثوم وأسمهان وفيروز ونور الهدى، دون فهم لمعنى الكلمات الصعبة للأغاني، فكانت تؤديها حسب مشاعر الطفولة، لذا كانت تكتب الأغاني العربية بالأحرف اللاتينية، ثم تتدرب على قراءتها ودندنتها بعد سماعها مرات عدة.

اقرأ المزيد: رحيل الفنانة الجزائرية فريدة صابونجي عن 92 عاماً

كما كانت تغني وردة لكبار الفنانين الفرنسيين آنذاك، من بينهم أديت فياف وشارل أزنافور، حيث كان لها القدرة الكبيرة على التقليد والحفظ رغم صغر سنها. وفي إحدى الليالي كانت وردة تغني للسيدة أسمهان، فسمعها ملحن سوري وأعجب بصوتها وبطريقة أدائها للأغاني الصعبة، فلما انتهت ذهب إلى والدها ليقنعه بضرورة الاهتمام بها فنياً، وطلب منه الموافقة على التعاون معه ومع ابنته، فوافق الوالد وقدمها للملحن.

 

البداية من دمشق

سافرت وردة إلى دمشق عام 1959، وهناك غنت للسوريين في نادي ضباط سوريا، وبعدها انتقلت إلى بيروت، حيث انهالت عليها العقود السينمائية، واتصل بها المخرج اللامع حينئذ، حلمي رفلة والفنان عمر الشريف، وطلبا منها المشاركة في فلم سينمائي، فكانت مترددة لأنها تجهل مصر ولم يسبق أن زارتها من قبل، حيث كانت جديدة في الميدان الفني. وفي تلك الفترة اتصل بها متعهد الحفلات وليد الحكيم وطلب منها المشاركة في الحفل السوري الكبير "أضواء دمشق" فوافقت مباشرة وغنت "أنا من الجزائر.. أنا عربية"، ونالت بهذه الأغنية إعجاب الجمهور الحاضر والعرب لأنه كان منقولاً مباشرة على الإذاعات المختلفة، ونجحت على الرغم من غنائها إلى جانب فنانين كبار، مثل، وديع الصافي من لبنان وشادية وعبد المطلب من مصر.

من الغناء إلى السينما

بعد كل تلك النجاحات، قررت وردة التشجع وطرق أبواب مصر، وقابلت حلمي رفلة الذي عرض عليها البطولة في "ألمظ وعبده الحامولي" في عام 1960، حيث قامت فيه بدور البطولة أمام المغني عادل مأمون وقدمت في الفيلم أغنيات نالت شهرة كبيرة مثل "يا نخلتين في العلالي" و"روحي وروحك حبايب"، واشتركت أيضاً في أوبريت "وطني الأكبر" تلحين محمد عبد الوهاب، مع عدد من نجوم الغناء العربي مثل عبد الحليم وصباح وشادية.

استقلال الجزائر

بعد عامين من الحياة الفنية للسيدة وردة وتحديداً في 1962، استقلت الجزائر من الاحتلال الفرنسي، عادت وردة إلى بلدها بعد الغربة الطويلة، وفي بلدها تعرفت إلى جمال قصيري وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري فطلب منها الزواج ودام هذا الزواج 10 سنوات، توقفت فيها عن الغناء تماماً وتفرغت لبيتها وأنجبت ولداً أسمته رياض وبنتاً أسمتها وداد.

وفي عام 1972 كانت الجزائر تستعد للاحتفال بالذكرى 10 للاستقلال، فاتصل الرئيس الراحل هواري بومدين بـ"وردة" طالباً منها المشاركة في هذا الاحتفال الكبير لكنها أخبرته بعدم استطاعتها لرفض زوجها الغناء؛ فيما بعد تطلقت منه. وقررت العودة إلى الفن والغناء بقصيدة "عدنا إليك يا جزائرنا الحبيبة" من كلمات صالح خرفي وألحان بليغ حمدي. وكانت قصيدة رائعة ومنها بدأت انطلاقتها الثانية في عالم الفن.

كما أنها فاجأت جمهورها في بداية العقد الماضي بأغنية وطنية بعنوان "ما زال واقفين"، أنجزتها بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر عام 2012 وكانت هذه الأغنية الأخيرة لها قبل وفاتها.

بداية المجد.. بليغ حمدي

سافرت وردة إلى القاهرة من جديد، بعد انفصالها عن زوجها الجزائري، وعادت في نفس العام للسينما من خلال أعمالاً قدمت فيها أشهر أغانيها، مثل فيلمي "حكايتي مع الزمان"، و"آه يا ليل يا زمن" مع رشدي أباظة و"صوت الحب" مع حسن يوسف.

وفي العاصمة المصرية تلقت عروضاً فنية عدة من ملحنين كبار، ومن الملحن الصاعد آنذاك، الشاب بليغ حمدي، الذي أحبها حباً شديداً، فكان الزواج وبداية المجد، لتبدأ معه رحلة غنائية شهدت ذروة تألقها، حيث قدمت أفضل الأغاني الطربية العربية الأصيلة، حتى وضعها البعض في قائمة الكبار مثل أم كلثوم وفيروز. ثم تعاملت وردة مع ملحنين شباب مثل صلاح الشرنوبي في ألبوم "بتونس بيك" وألبوم "حرمت حبك" الذي نجح نجاحاً كبيراً وما زالت الأجيال الشابة ترددها حتى هذا الزمان.

أعمال لم تكتمل

مشاريع غنائية تتوقف برحيلها.. كانت المطربة الراحلة وردة تستعد لعدة مشاريع غنائية منها تقديم دويتو غنائي مع صابر الرباعي، حيث أكدت قبل رحيلها دخول المشروع حيز التنفيذ، في وقت انتهى الشاعر الغنائي هاني عبد الكريم من كتابة دويتو بعنوان "الغنا حالي" مع الرباعي الذي قام بتلحين الديو، وتوزيع طارق عاكف وكان المقرر طرحه كأغنية منفردة "سينجل"، ويظهر الاثنان فيها بشخصيتيهما الحقيقية، إذ يغنيان كلمات وألحان تصف الأحاسيس تجاه بعضهما كمطربين.

فيغني صابر لقيمة وعظمة وردة كفنانة، وتغني وردة للرباعي كشاب من الجيل الجديد لكنه ينتمي بحكم موهبته إلى زمن الفن الجميل.

توفيت وردة الجزائرية إثر سكتة قلبية عن عمر ناهز الـ 73 سنة بمنزلها بالقاهرة، وفور انتشار الخبر أمر الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة بإرسال طائرة خاصة للقاهرة لنقل جثمان الراحلة ليدفن في بلدها الأم، بمقابر العالية في العاصمة الجزائرية.

ليفانت – خاص

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!