الوضع المظلم
الأربعاء ٢٥ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
٢٥ حُجّة تدحض الحرب الأهلية 
نايف شعبان

مقدمة:

في هذه اللحظات الحرجة، حيث تسعى الأقلام المأجورة لطمس معالم أعظم ثورة عرفها عصرنا، يلتقي أعداء الحرية في جهدهم المقيت لتقديم الثورة السورية على أنها صراع داخلي بحت. هؤلاء الكتّاب المدفوعون، الذين أُغرقوا في بحور الرشاوى والمصالح الشخصية، ومعهم مراكز الدراسات المضللة، لا يسعون سوى لإعادة تأهيل النظام على أنقاض دماء الشهداء وآلام المهجرين.


لكن، مهما اجتهدوا في تزييف الحقائق وتحريف نضال الشعب الثائر ضد الاستبداد، فإنهم لن ينجحوا في كسر إرادة الأبطال الذين خُطّت أسماؤهم بدماء الشهداء وصوت المعتقلين والمطالبين بالحرية والكرامة. قد يضع هؤلاء الخونة العوائق أمام الثورة، لكنهم لن يستطيعوا هزيمتها، فهي ليست مجرد وقفة عابرة في تاريخنا، بل شعلة ملتهبة في قلوب أبناء الثورة. شعلة لن تنطفئ حتى تتحقق العدالة والنصر. أبناء الثورة لن يتخلوا عن حقوقهم، ولن يتركوا دماء الجرحى والشهداء، وعذابات المعتقلين تضيع سدى، وستبقى الثورة رمزاً للحرية والكرامة، مهما تزايدت المؤامرات وتعاظمت قوى الظلم.


لذلك فإن دحض الادعاءات التي تصف الثورة السورية بالحرب الأهلية، يجعل من الضروري التركيز على عدة نقاط فكرية وسياسية تبرز الفروق الجوهرية بين الثورة والحرب الأهلية.


 سأقدم 25 فكرة متميزة، مشروحة بشكل موسع، تساعد في الحفاظ على مصطلح "الثورة" ورفض وصفها بالحرب الأهلية.


 1. الطابع الجماهيري للثورة:
-    الثورة السورية انطلقت من مظاهرات شعبية واسعة تشمل جميع فئات المجتمع، الاجتماعية والعرقية والدينية والمذهبية.
 الطابع الجماهيري هذا يميزها عن الحرب الأهلية التي غالباً ما تكون نزاعاً مسلحاً بين فصائل محدودة أو طوائف متنافسة.
لذلك فإن التركيز على هذا الطابع الجماهيري يعزز من شرعية الثورة كشكل من أشكال المطالبة بالحقوق.

 2. الأهداف التحررية المشتركة:
-    الثورة السورية تستند إلى أهداف تحريرية واضحة مثل الحرية، الكرامة، والعدالة الاجتماعية، وقد صدحت بها حناجر الثوار منذ اليوم الأول للثورة، ولم يكن لديها مطالب فئوية أو مذهبية.
هذه الأهداف مشتركة بين جميع المشاركين في الثورة، بغض النظر عن الطائفة أو العرق. في المقابل، الحروب الأهلية غالباً ما تكون مدفوعة بصراعات على السلطة أو نزاعات طائفية.

 3. النظام الاستبدادي كدافع للثورة:
-    الثورات تنشأ كرد فعل ضد أنظمة استبدادية تقمع شعوبها، وهذا بالضبط ما حدث في سوريا. فالنظام السوري قمع الشعب بوحشية مفرطة، وبإجرام لا يصدر إلا من عدو للشعب، وغاب القانون وضاعت الحقوق، وتحول المواطن السوري إلى عبد ذليل في ظل سلطة فاسدة مستبدة، أدى ذلك إلى اندلاع الثورة. 
على عكس الحروب الأهلية، التي قد تكون نتيجة تنافس بين فئات متصارعة، الثورة السورية هي صراع شعب ضد نظام استبدادي.

 4. البداية السلمية للثورة:
-    الثورة السورية بدأت بمظاهرات سلمية تطالب بالإصلاحات، وجابت ساحات الوطن السوري مطالبة بالحرية والتغيير، وبصدور عارية، واجهها النظام بالرصاص والدبابات والقتل تعذيبا في المعتقلات، والعنف جاء كرد فعل على القمع الوحشي للنظام وليس كخيار أولي للثوار. 
هذا التمييز بين السلمية الأولية للثورة والعنف الناتج عن قمع النظام يدحض وصف الثورة بالحرب الأهلية.

 5. الشرعية الشعبية والدولية:
-    الثورة السورية حظيت بشرعية شعبية واسعة ودعم دولي من قبل الدول والمنظمات التي تدعم حقوق الإنسان، وعقدت مؤتمرات دولية وزارت التظاهرات لجان دولية كانت هي الأخرى عرضة للقتل من قبل النظام.

بينما الحروب الأهلية، من ناحية أخرى، تكون محصورة في نزاعات داخلية، ولا تحظى بدعم وتأييد دولي بنفس القدر الذي حظيت به الثورة السورية.

 6. الدعم الدولي للثورة:
-    منذ اليوم الأول للثورة، حظيت بدعم دولي من قبل منظمات حقوق الإنسان والدول الداعمة للديمقراطية، فكانت لجان الجامعة العربية ولجان منظمة الأمم المتحدة، ثم البيانات المنددة بإجرام النظام ومطالبته بالرحيل وبالتغيير، كل ذلك يؤكد أن ما يحدث في سوريا هو ثورة شعبية ضد نظام قمعي وليس مجرد صراع داخلي على السلطة.

 7. رفض العنف كمبدأ أساسي للثورة:
-    الثورة السورية لم تلجأ للعنف في البداية، ويؤكد ذلك آلاف الوثائق المرئية والمكتوبة التي توثّق عمليات القمع والقتل الوحشية التي يقوم بها النظام بحق المتظاهرين السلميين، ولم يكن العنف إلا نتيجة القمع الوحشي للنظام. 
يجب التركيز على هذا الجانب ليظهر الفرق بين الثورة، التي كانت سلمية في الأساس، وبين الحرب الأهلية التي عادة ما تكون عنفاً متبادلاً منذ البداية.

 8. عدم الانخراط في صراع طائفي:
-    الثورة السورية كانت تهدف إلى تحقيق الحرية والكرامة لجميع السوريين بغض النظر عن الطائفة، ويثبت ذلك آلاف الوثائق والبيانات والهتافات التي كانت ترسل رسائل الاطمئنان لبقية الأعراق والطوائف، وما أسماء الجمع إلا تأكيدا على هذا الجانب.
في حين أن الحروب الأهلية غالباً ما تتسم بصراع طائفي، في حين أن الثورة السورية حاولت الحفاظ على طابعها اللاطائفي.
 9. المطالب الوطنية الشاملة:

-    المطالب التي رفعتها الثورة السورية كانت تشمل جميع السوريين وتدعو إلى تغييرات جذرية وطنية شاملة، مما يجعلها ثورة على مستوى وطني وليست صراعاً بين طوائف أو فئات.

 10. الدور المركزي للنظام في تأجيج الصراع:
-     النظام السوري لعب دوراً مركزياً خبيثا في تحويل الثورة السلمية إلى صراع مسلح من خلال قمعه الوحشي، بل حاول استدراج بعض المجموعات الثورية لحمل السلاح.

إن التركيز على مسؤولية النظام في تأجيج العنف يؤكد أن ما يحدث هو ثورة ضد الاستبداد وليس حرباً أهلية.

 11. الرمزية الثورية:
-    الثورة السورية أصبحت رمزاً للنضال ضد الطغيان في العالم العربي، وشاهدنا تعاطف واحترام الشارع العربي للثوار وتعظيم مواقفهم، بل إن أغلب التيارات التحررية والنشطاء في العالم العربي كانوا يعتبرون أن الثورة السورية تمثلهم.
ولم تحمل الحروب الأهلية مثل هذه الرمزية التحررية، مما يبرز الفرق بين الثورة والحرب الأهلية.

 12. التمسك بالمبادئ الأخلاقية:
-    الثورة السورية تمسكت بمبادئ الحرية والكرامة رغم القمع الوحشي، ولم تنقلب على المجتمع، وتجاوزت عن مواقف بعض الفئات التي حاولت استفزازها وجرها إلى حرب طائفية، واعتبرت التدخل الإيراني وحزب إيران اللبناني احتلالا وتعاملت معه بوعي سياسي واعتبرت أنصاره في الداخل خونة وأنصار للمحتل. على عكس الحروب الأهلية التي غالباً ما تتراجع فيها المبادئ الأخلاقية لصالح المصالح الفئوية.

 13. رفض الاعتراف بشرعية النظام:
-    الثورة السورية تهدف إلى إسقاط النظام الاستبدادي بالكامل، برموزه وآلياته وأحزابه، ولم يعترف به إلا حزبه والأحزاب الموالية لنفوذ الاحتلال الإيراني، حتى بعض قياداته انشقت عنه في خطوة لإسقاط الاعتراف به ومن ثم العمل على إسقاطه.
 بينما الحروب الأهلية غالباً ما تشهد تنافساً بين أطراف تعترف بشرعية بعضها البعض في إطار صراع على السلطة.

 14. التوثيق الإعلامي للانتهاكات:
-    لم يشهد حدث مثل هذا التوثيق لانتهاكات النظام ضد المدنيين، مقروءة ومسموعة ومرئية، عشرات ألوف الوثائق التي تثبت إجرامه وساديته هو وأنصاره من قوى الاحتلال بحق المدنيين العزل من كل الفئات والأطياف، وشاهدها العالم كله وكانت دافعاً للتعاطف مع الثوار، ويكفي هذا ليعزز شرعية الثورة كحركة تحررية وينفي عنها صفة الحرب الأهلية. 

 15. الطابع التحرري للثورة:
-     طالبت الثورة السورية بإقامة نظام يقوم على المساواة والتعددية يتم فيه تداول السلطة، بينما الحروب الأهلية غالباً ما تكون مدفوعة بصراعات على السلطة تفتقر إلى هدف إقامة نظام تعددي أو تغيير في بنية النظام.

 16. المشاركة النسائية والشبابية:
-    شهدت الثورة السورية مشاركة واسعة من النساء والشباب، مما يعكس طابعها التحرري والشامل. 
بينما الحروب الأهلية غالباً ما تكون صراعاً بين الفصائل المسلحة وتفتقر إلى مثل هذه المشاركة المجتمعية الواسعة.

 17. رفض الطائفية والتقسيم:
-    رفضت الثورة السورية الطائفية والتقسيم، ودعت إلى وحدة الشعب السوري، ويؤكد ذلك آلاف الشواهد، بداية من الهتافات، مروراً بمؤتمرات الثورة، وصولاً إلى التأكيد على المشروع الوطني " سوريا لكل السوريين ".
هذا الموقف يعارض تماماً طبيعة الحروب الأهلية التي تقوم على انقسامات عميقة بين الطوائف أو الفئات، وصراع على المصالح والنفوذ وصولاً للسلطة.

 18. النظام الاستبدادي كعدو مشترك:
-    جمعت الثورة السورية مختلف فئات الشعب السوري ضد عدو مشترك وهو النظام الاستبدادي، رغم وجود تباينات بين العديد من المدارس الفكرية والأيديولوجيات والأحزاب، بينما الحروب الأهلية عادة ما تتسم بصراع بين فصائل متنافسة تسعى كل منها لتحقيق مصالحها الخاصة، وهذا لم يحصل في الثورة السورية، وإن وجد بعض الانتهازيين، فهم ليسوا أبناء البلد، بل غرباء مدعومون بقوى خارجية لها مصالح ضد وحدة الشعب السوري، وحزب البككي نموذج لهؤلاء الأغراب.

 19. الطابع الوطني للثورة:
-    الثورة السورية كانت لها مطالب وطنية شاملة تدعو إلى تغييرات جذرية على مستوى الدولة بأكملها، وهتفت في كل المدن باسم الشعب السوري ككل، مما يميزها عن الحروب الأهلية التي غالباً ما تكون نزاعات إقليمية أو طائفية.

 20.التأكيد على الحقوق المدنية والسياسية:
-    طالبت الثورة السورية بحقوق مدنية وسياسية للجميع، مما يعزز من طابعها التحرري ويبعدها عن وصفها بالحرب الأهلية التي غالباً ما تركز على الصراعات الفئوية.

 21. الدعم الدولي لحقوق الإنسان:
-    الدعم الدولي للثورة السورية من قبل منظمات حقوق الإنسان يؤكد أن ما يحدث هو نضال من أجل الحرية والكرامة، وليس صراعاً داخلياً على السلطة.

 22. التمسك بالسلمية رغم القمع:
-    حتى بعد تحول الثورة إلى نزاع مسلح، استمرت التظاهرات السلمية في أكثر من منطقة، مما يثبت أن الثورة لم تكن تسعى للعنف بل كان ذلك نتيجة لقمع النظام.

 23. رفض الاعتراف بشرعية النزاع المسلح:
-    الثورة السورية رفضت الاعتراف بشرعية النزاع المسلح كوسيلة لتحقيق أهدافها، وكانت دائما توافق على الخروج من خلال السياسة، وتجاوبت مع الكثير من الدعوات للتفاوض، ولم يكن العنف إلا نتيجة لقمع النظام. 
الحروب الأهلية عادة ما تبدأ بالعنف المسلح كوسيلة لتحقيق أهداف فئوية وتنتهي بالحسم العسكري أو الاستسلام على طاولة المفاوضات.

 24. الإدانة الدولية لقمع النظام:
-     الإدانة الدولية الواسعة لقمع النظام السوري تعزز من شرعية الثورة وتظهر أن المجتمع الدولي يرى فيها حركة تحررية وليست مجرد صراع داخلي، وهناك الكثير من التصريحات والقرارات لدول لها مكانتها تؤكد ذلك.

 25. التركيز على العدالة الانتقالية:
-    الثورة السورية تطالب بالعدالة الانتقالية ومحاسبة النظام على جرائمه، وتندد بأية محاولات تؤدي للإفلات من العقاب، سواء من خلال التصريحات السياسية أو من خلال قرارات دولية.
بينما الحروب الأهلية غالباً ما تنتهي بتسويات سياسية تفتقر إلى العدالة.
إن التركيز على مطلب العدالة يبرز الطبيعة التحررية للثورة.


الخلاصة:
إن التركيز على هذه النقاط يمكن أن يساهم في الحفاظ على مصطلح "الثورة" ورفض وصفها بالحرب الأهلية. هذه الأفكار تعتمد على تحليل عميق للسياقات السياسية والفكرية للثورة السورية، وتسلط الضوء على الفروق الجوهرية بينها وبين الحروب الأهلية، مما يتيح تفنيد الادعاءات المغلوطة والردع الفكري للخصوم.

ليفانت: الباحث السياسي: نايف شعبان

 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!