الوضع المظلم
الجمعة ١٩ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • كَشفُ الموت في سوريا

  • ندوة حقوقية تكشف ألية قتل النظام السوري للمعتقلين في سجونه ضمن مقابر جماعية
كَشفُ الموت في سوريا
مجزرة التضامن

أقام منتدى المشرق والمغرب للشؤون السجنية، ندوة بعنوان "كَشفُ الموتِ في سُوريا" حضرها العديد من الناشطين الحقوقيين والصحفيين ووسائل إعلام مقروءة منها صحيفة "ليفانت نيوز"، تحدّث فيها الباحثان الذين عمِلا على كشف مجزرة حي التضامن الدمشقي، أنصار شحود، وأغور أوميت أنجور، العاملين في "مركز الهولوكوست والإبادة الجماعية" في جامعة أمستردام.

وفي بداية حديثه، تطرّق البروفيسور أغور، لتقرير صحيفة الغارديان البريطانية، وموقع الجمهورية المحلي السوري، كما عرض صوراً لمرتكبي المجزرة الظاهرين في الفيديو الذي نُشر على نطاقٍ واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، وهما أمجد يوسف ونجيب الحلبي.

إذ يظهر المقطع المصور كيف قام جنود النظام السوري، بقتل 41 مدنياً، إثر رميهم بالرصاص في حفرة يقدر طولها 8 أمتار وعرضها نحو 4 أمتار، حيث يقوم الجنود بدفع الضحايا الواحد تلو الآخر، ثم يقومون بتوجه نيران بنادقهم عليه بشكل مباشر ليغدو في عداد الموتى.

اقرأ المزيد: مجازر النظام الجماعية.. جزء من الهوية السلطوية في سوريا

هيكلية أمنية متماسكة

وفي أثناء حديثه كان يستعرض أغور، الهيكلية الأمنية في سوريا، وطريقة توزيع المهام بين الفروع الأمنية ومجموعات الشبيحة، وكذلك رؤساء أمجد يوسف، منفذ المجزرة، وكيفية آلية تلقيه التعليمات من رؤسائه.

فيما أكدت أنصار شحود، أن "مجزرة التضامن كانت على مرآى ومعرفة كاملة من النظام وبأمرٍ منه، وهو ما توصّلت إليه الباحثة، خلال تواصلها مع أمجد يوسف، من حساب فيسبوك باسمٍ حركي".

وأوضحت أن أمجد كشف لها، خلال تواصلهما، بأن هؤلاء الأشخاص (المعتقلين في سجون النظام) يشكلون عبئاً مادياً عليه، لذا كان يلجأ للتخلص منهم بطريقة جماعية.

بينما كشف أغور، عن "وجود فيديو يوضح المنهجية التي عمل عليها النظام في تنفيذ المجزرة من خلال إحضار آلية للحفر " بلدوزر" وإنشاء قبر جماعي، ثم قتل الضحايا وحرق جثثهم، وبأن الأمر كان وفق تخطيطٍ مسبق ومُعدّ له بعناية".

وبدورها أنصار، أكدت "أنّ منطقة جنوب دمشق تنتشر فيها العديد من السجون السرية الكبيرة، وبيّنت أنه في العامين الأوليين من الثورة، كان النظام يخطط للقيام بهذا النوع من القتل الجماعي، للتخلص من مناهضي حكمه في المناطق التي على تماس مباشر مع قواته".

وأضافت، أنّ "أمجد يوسف وأسرته، لديهم تاريخ من الولاء للنظام، حيث كان أباه يعمل مع المخابرات، وبأن أمجد كان يصور ويظهر نفسه ويوثّق جرائمه ليثبت هذا الولاء، دون خشية منه".

وأردفت أن "أمجد كان يستخدم كاميرا فرع الأمن العسكري الذي كان يعمل معه، لتوثيق الجرائم، بينما كانت آلة النظام الإعلامية تقوم بتزوير الحقائق والمستندات التي تتعلق بالمعتقلين، ليثبتوا أن البعض منهم ماتوا بشكل طبيعي".

وأكملت أنصار، أن "النظام اعتمد بيرقراطية مفرطة في تعاطيه مع ملف المعتقلين، من حيث التوثيق والقتل وإخفاء الجريمة وأعداد المعتقلين وكل ما يدينه"، في خطوة للإفلات من العقاب.

وفي الصدد، وجهت صحيفة "ليفانت" البريطانية، سؤالاً للباحثين، أنصار وأغور، حول قيام النظام بعشرات المجازر في عام 2013، منها مجزرة التضامن ومجزرة نهر قويق بحلب، وكذلك مجزرة قرية البيضا في بانياس، والمجزرة الأشهر التي هزّت العالم، دون تحرّكٍ منه، وهي مجزرة الكيماوي في الغوطة، لماذا تعددت مجازر الأسد ونظامه في ذلك العام تحديداً؟

نوّهت أنصار شحود، أن المجازر كانت جزءاً من سياسة النظام المنظمة، وكان لها أسباب متعددة: منها العقاب الجماعي، والتغيير الديمغرافي والتخلص ممن يعتقد أنهم أعداء للدولة.

ومن جهته أغور، توجه بالشكر لصحيفة ليفانت على هذا السؤال المهم، حسب رأيه، وقال "بالفعل يبدو أن عام 2013، أعطى النظام الضوء الأخضر بالقتل الجماعي وبأساليب ممنهجة"، وأكدّ الباحث أننا (فريق الأبحاث) "بالفعل يجب علينا العودة إلى تلك المرحلة لكشف أسباب دوافع النظام لارتكاب العديد من تلك المجازر في ذلك العام تحديداً".

ردود الأفعال الشعبية 

وكشف الباحثان، أن التوثيق الذي قاما به كان وفق منهجية واضحة، وكانا مع كل مرة يتواصلان بها مع أمجد، هناك حقائق جديدة، وبأن ما حدث مخطط له مع متابعة لكل خطوة، وأن الفيديوهات التي صورها أمجد ورفاقه، كان الهدف منها، تدريب العناصر الجديدة في المخابرات للقيام بعمليات مشابهة بجرأة وقساوة مطلقة.

وأوضح البروفسور أغور، أنه على الرغم من تعدد مجازر النظام طيلة العقد الماضي إلا أن مجزرة التضامن، كانت صادمة لهم، وكشف أيضاً من خلال مصادرهم الخاصة جداً، أن بشار الأسد بنفسه قرأ مقالة الغارديان، وفقاً لحديثه في ندوة منتدى المشرق والمغرب للشؤون السجنية.

اقرأ أيضاً: مجزرة التضامن.. السوريون بين الغضب ودعوات التعقّل

بينما قالت أنصار، إن هناك من دافع عن عنصر المخابرات أمجد، معللين إجرامه أنه جزء من عمله، وهو ينفذ ما يطلبه مرؤوسوه.

وأوضحت أنها وأغور لم يكن دافعهما تأجيج الطائفية التي انتهجها البعض على وقع الحادثة في مواقع التواصل الاجتماعي، وحملت النظام مسؤولية تغذية الخطاب الطائفي.

ومن جهتها "ليفانت"، أضافت سؤالاً آخر للباحثين، يقول: بعد الكشف عن التوثيقات التي بحوزتكما، أين سينتهي بها المطاف برأيكم؟

أجابت أنصار، بأنّ عملهما انتهى عند الكشف عن المجزرة، والآن الكرة في ملعب الحقوقيين والمحاكم الدولية.

 تطهير دمشق من سكانها

وسبق أن استضافت "ليفانت نيوز"، الحقوقي عبد الناصر حوشان، وهو عضو في "هيئة القانونيين السوريين، لافتاً أنّ "هذه الجريمة النكراء ليست استثناء من سلسلة الجرائم التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها عصابات الأسد، وهي في الحقيقة تنفيذاً لسياسة ممنهجة تهدف إلى تطهير دمشق من سكانها المسلمين السنة، وخاصة في الأحياء التي تتكوّن من مزيج طائفي، وهي أحياء تشرين والقابون ومخيما اليرموك وفلسطين، والحجر الأسود وحيا التضامن والزاهرة".

 وأضاف، أن هذه الأحياء "تحيط بعدد من فروع الأمن والوحدات العسكرية، لذا تعرضت للتدمير وتعرض سكانها من السنة للقتل والاغتصاب والاعتقال والتهجير".

وأوضح حوشان، أنّ "مجزرة التضامن رغم الكشف عنها بعد ثماني سنوات تقريباً، إلاّ أن أبعادها طائفية، نظراً لمنفذيها الذين ينتمون لطوائف عديدة تصطف في معظمها إلى جانب النظام السوري، وهم من أكثر المناطق التي ترفد عصابات الشبيحة بالعناصر والمرتزقة وهي قرى الغاب الغربي وجبال الساحل وطرطوس وحمص".

وبيّن المحامي السوري، أنّ "هذه الجريمة تصنّف ضمن جرائم الحرب الفظيعة، ويتحمّل مسؤوليتها رأس النظام السوري بشار الأسد، لكونه القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة، وهو المسؤول عن تصرفات مرؤوسيه، كما يتحمل مسؤوليتها رؤساء الأجهزة الأمنية، الذين أعطوا الأوامر بتنفيذ الجريمة".

ليفانت – خاص

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!