-
أبناءٍ الربْ... ومُحاربُو الشّيطانْ
مجموعات وتنظيمات كل منها يُعبّر اسمه عن مدى تطرّفه، ليمر عبر الزمن اللبناني حوادث تتكرر بل مُشابهة لا تقل عُنفا عن غيرها أشهرها مرفأ بيروت الذي دمر أغلب العاصمة وأعم مرافئها البحرية، وذيول حزب الله تنتشر كالطاعون بالجسد اللبناني، ومدد إيراني طفح منه الكيل ومل الشعب، بل والعالم من أفعاله وأيادي مليشياته في كل مكان دمرت حياتنا العربية، وهي التي أدّت الى ذيوع شهرته، لنسمه كل حين عن تنظيمات ظهر على أبوابها مجموعة "جنود الرب"، فما هو؟ وكيف تأسّس؟ ومتى انتشر؟ ومن وراءه بالتمويل؟ ما هدفه، ومدي خطره على المجتمع اللبناني وخارجه؟.. إنهم تنظيم أو جماعة في دولة حزب الله، فما قوتهم التي بدأت إبان الانتفاضة الشعبية أكتوبر 2019، في محلة "كرم الزيتون" في منطقة الأشرفية، على يد جوزيف منصور.. وهًم يرفضون وصفهم بميليشيا، وكما تقول جماعة "جنود الرب" عن نفسها في موقعها الإلكتروني بأنها "ليست حزبا ولا منظمة، ولا تتبع لأي شخصية، ولا صلة لها بأي شيء أرضي، وليس لها أي نشاط أمني او مدني وتدّعي بأنها "تحمل تعاليم يسوع، ومؤتمنة على وصاياه".
تخيل أيها القارئ أن هدفهم "تنفيذ تعاليم يسوع، ومؤتمنة على وصاياه"، لست ضدهم ولكني مُحللاً فقط قدر ما أمكنني من أفعالهم وكلامهم، فهي وفق تقارير أمنية وإعلامية تشكلت من مساجين سابقين، عملوا حراسًا للمصارف، لحمايتها من غضب اللبنانيين الذين أحرقوا وكسّروا مصارف بسبب افلاسها وضياع جنى عمر كثيرين، ويصرّون على أنهم مجموعة دعوية غير مسلحة. لكن التنظيم شبه العسكري والقمصان السود ذات الصليب المُجنح، تشبه بدايات ميليشيات النازية والفاشية الأوروبية، وكذلك صعود أحزاب لبنانية فاشية كـ "الكتائب اللبنانية"، التي بدأت رحلتها بالفتوة كما في - حارات مصر -، ثم تحولت الى ميليشيا ساهمت في تدمير لبنان أثناء حربه الأهلية الأمر الذي يعيد تذكيرنا بكيفية تأسيس فرق "الشبّيحة" في سوريا، و"فاغنر" في روسيا، الأعجب أنهم مسيحيون فقط، ولا غبار على ذلك، لكن كونهم من المساجين له دلالات تختفي ورائها.
قد تكون ظاهرة لها شقّين، الأول طائفي تبشيري مُعقد، والأخر طائفي غريزي ذا إيحاء، بأنه كما يوجد حزب الله عند الشيعة، هناك جنود الرب لدى المسيحيين، وكلتاهما مقاربتان خاطئتان.. حيثُ أن عددهم الـ 300 فرد لا بأس به لكن أجسامهم وطريقتهم بالاستعراض في الشوارع من حين لآخر قلقة على الرغم من أنه يبدو أنهم من تصدوا، قبل عام، لمتظاهري حزب الله الذين عرّجوا على حي عين الرمانة المسيحي في طريق عودتهم من تظاهرة ضد العدالة لضحايا انفجار المرفأ، فاندلعت اشتباكات مسلحة أدت لوقوع قتلى، ويتميزون بكثافة الأوشام الصارخة على أجسادهم، ويرتدون ملابساً عليها "الصليب" بأجنحة، وكأنهم مدافعين عن الأرض المسيحية من المجرمين والغرباء. وهو مصطلح قديم كان يطلق على اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان بعد النكبة، ويستخدم اليوم ضد اللاجئين السوريين.. وقد وجدوا قبولاً بهذا في ظل الانفلات الأمني.. على الرغم من غموض مصادر التمويل، إلا أن المعلومات التي انتشرت على نطاق واسع تشير إلى أن الجزء الأكبر من التمويل يقع على عاتق أنطون صحناوي، رئيس مجلس إدارة مصرف "سوسيتيه جنرال"، ورجل أعمال ثري.
وكأنهم خصوم لحزب الله الشيعي المُسلم، المتحكم والمتسلط على كافة مفاصل الدولة اللبنانية، لا سيما الأجهزة الحكومية والأمنية، وهو ما تلقى صفعة "قرصنة إلكترونية" برسائل مناهضة له بعد اختراق شاشات مطار بيروت وعلى جانبها شعار لمجموعة "جنود الرب" المسيحية في هجوم سيبراني عطل نظام تفتيش الحقائب bhs، وقد حثت الرسالة "حزب الله" المدعوم من إيران إلى عدم جر البلاد إلى الحرب، وأن المطار "ليس مطار (حزب الله) وإيران". وفيها "يا حسن نصرالله، لن تجد نصيراً إذا بليت لبنان في حرب تتحمل مسؤوليتها وتبعاتها فنحنُ لن نحارب نيابة عن أحد"، وأضافت "فليتحرر المطار من قبضة الدويلة". الأمر الذي نفته المجموعة لاحقاً ببيانها عبر فيديو مخالفاً للشعار الذي ظهر بالشاشات.
هذه المرة، لا يقدم جنود الرب جديد من حيثُ الأفكار إلا أفكار رثة يعزونها إلى نصوص دينية بدليل أنهم يستقوون على أضعف فئات المجتمع، خصوصا من مثليي الجنس، بيد أن النسخة اللبنانية من "جنود الرب" هي أكثر تأثرا بالأساطير التي تحدثت عن تنظيم مسيحي تاريخي اسمهُ "فرسان الهيكل" فترة الحملات الصليبية على المشرق الإسلامي، بهدف حماية قوافل الحجاج المسيحيين إلى القدس، تأسس عام 1096، واعترف به البابا هونوريوس الثاني عام 1129، وقيل أن جماعة الرب هي فكرة مؤامرة إمبريالية أميركية (كالعادة)، تقوم بتكديس الأسلحة في الكنائس والأديرة، بقصد تلطيخ سمعة المسيحيين بعدما تحوّل الصراع السياسي في لبنان من سني – شيعي، الى مسيحي – شيعي في الآونة الأخيرة، وإعادة فكرة ما حدث خلال الحرب الأهلية، وقد كانت آخر إرهاصات هذه الظاهرة قريبة، بإنشاء تنظيم "جنود الفيحاء" في مدينة طرابلس التي تعتبر عاصمة السنّة في لبنان، وأعتقد أنهم أضعف من مواجهة حزب كحزب الله وإيران، وعليهم أن يدركوا لا لبنان لا تحتاج لعنف جديد، بل حكمة وعمل، وتمكين، فمن انتصر في عقله وروحه لا ينهزم في جسده، أو هكذا علّم يسوع أتباعه يوم علّقوه على خشبة.
ليفانت : إبراهيم جلال فضلون
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!