الوضع المظلم
الخميس ١٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
أزمة خلافة خامنئي أم مصير النظام؟
محمود حكميان

 

محمود حكميان*

لم يکن إهتمام الاوساط السياسية والاعلامية الدولية الملفت للنظر بالاجتماع الذي عقده خامنئي يوم السابع من نوفمبر الجاري والذي کان من أجل مناقشة موضوع إختيار المرشد الاعلى القادم للنظام، کالاهتمام الذي توليه لمواضيع ومسائل أخرى مهمة وحساسة في الشأن الايراني، بل إنه کان متميزا ولاسيما وقد تناولت التحليلات السياسية هذا الموضوع من مختلف الجوانب، لأن منصب المرشد الاعلى يعني الاساس الذي يقوم عليه النظام برمته.

تميز الاهتمام السياسي والاعلامي بهذا الموضوع، يأتي لأن النظام الايراني يواجه مرحلة بالغة الحساسية حيث يعاني خلالها من أوضاع بالغة السوء خصوصا وإن دوره في المنطقة يشهد تراجعا غير عاديا ولأن النظام الايراني قد جعل من دوره ونفوذه في المنطقة رأس حربة وکرة نارية يهدد بها ليس بلدان المنطقة فقط وإنما المصالح الدولية في الشرق الاوسط، ولأن خامنئي نفسه لم يتمکن من أن يکون له دور وتأثير کما کان لسلفه خميني الذي تميز بکاريزيما، فإن الوجوه المطروحة لخلافته وفي مقدمتهم نجل خامنئي مجتبى، ليست لديها القدرة والامکانية التي يمکن أن يقود النظام بصورة أفضل من خامنئي.

أکثر ماقد لفت النظر في الاجتماع الذي أشرنا له، تأکيد خامنئي من إنه:" يجب أن تبذل أقصى درجات الدقة في تحديد الصفات المنصوص عليها في الدستور للقيادة، بحيث يكون القائد شخصا يمتلك إيمانا راسخا بطريق الثورة وأهدافها، واستعدادا لمواصلة السير دون كلل في هذا النهج، وأن يكون مستحقا لتحمل هذه المسؤولية"، لکن هذا الکلام لا يتفق مع ما جاء في المادة 109 من الدستور الإيراني الصفات الواجب توفرها في المرشد الأعلى على النحو التالي:

1. الكفاءة العلمية اللازمة للإفتاء في مختلف أبواب الفقه.

2. العدالة والتقوى اللازمتان لقيادة الأمة الإسلامية.

3. الرؤية السياسية والاجتماعية الصحيحة، التدبير، الشجاعة، الإدارة، والقدرة الكافية للقيادة.

إذ لو دققنا النظر في الصفات المحددة في الدستور فإنه ليس هناك من أي علاقة بين کلام خامنئي وهذه الصفات إذ شدد خامنئي على الإيمان القلبي الراسخ بأهداف الثورة واستمرار النهج دون كلل. وهذا يعني أن خامنئي يرى أن المعيار الحاسم هو استمرار خطه السياسي ونهجه.

وهذا يعني بأن خامنئي يعلم جيدا بأنه في حال لو مشت الامور وفق ماجاء في الدستور فإن مستقبل النظام سيکون في خطر ولذلك شدد على نهجه من أجل ضمان مستقبل النظام، ولکن، وفي ظل الاوضاع المتأزمة وبالغة التعقيد في إيران، خصوصا مع عودة ترامب الى البيت الابيض، فإن رحيل خامنئي ومجئ أيا کان لخلافته، سيجد نفسه في وضع صعب وسيواجه ترکة ثقيلة الى جانب حاضر متأزم ومستقبل مجهول!

عند مقارنة خامنئي بخميني، فإن الفرق کبير بينهما، وحتى إن المقارنة بين عهديهما نجد أن منصب الولي الفقيه في عهد خميني بقي محافظا على هيبته ومکانته الخاصة ولکن في عهد خامنئي فقد المنصب الهيبة والمکانة التي کانت يتميز بها خصوصا بعد أن باتت الشعارات التي تم ترديدها في الانتفاضات تنال منه، وتبعا لذلك فإن الذي سيخلف خامنئي سوف يکون وفقا لهذه المقارنة أضعف منه وحتى إنه سوف يجد نفسه مضطرا للتعويل على الممارسات القمعية والاعدامات أکثر من السابق لأنه ومن دون ذلك لن يتمکن من السيطرة على الاوضاع ولذلك يجب الانتظار زيادة دور وتأثير الحرس الثوري الى الحد الذي يمکن التصور فيه بأن المرشد الاعلى سوف يصبح في نهاية المطاف مثل الخلفاء العباسيين في أواخر أيام الخلافة العباسية.

خميني وخامنئي واجها منظمة مجاهدي خلق وحاولا بشتى الطرق إبادتها عن بکرة أبيها، لکنهما فشلا فشلا ذريعا وکانت المنظمة دائما وبعد کل مواجهة دامية وحملات غير عادية من جانب النظام، تنهض من جديد لتحلق کالطائر الاسطوري العنقاء، ومٶکد بأن خامنئي واجه أسوأ أيامه في مواجهة هذه المنظمة التي تمکنت من أن تصبح کابوسا له، فإن المرشد الاعلى الجديد سيواجه حتما أسوأ مما واجهه خامنئي ولاسيما وإن المنظمة تجيد عملية إدارة المواجهة مع النظام وقد تدفعه للزواية التي لا مخرج منها!

 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!