الوضع المظلم
الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
أسئلة معلقة تزيد التوترات
 صبحي ساله يي

في المساحة السياسية بين الطموح والواقع في العراق، وما بعد التهدئة والانفراج ، تبدو الكثير من الأسئلة الكبرى معلقة في حسابات القوى السياسية المشاركة في تحالف إدارة الدولة وحكومة السيد محمد شياع السوداني التي تجاوزت مائة يوم من عمرها، غالبيتها تأتي متزامنة من الجانبين الكوردي والسني اللذين يبديان توجسهما وانزعاجهما من تأخر الحكومة الجديدة في تلبية مطالبهما المُلحة.

أما الطرف الرئيس في الحكومة، وأعني به شيعة السلطة، فيبدو بأنه يمارس ضغوطات سلبية على المواقف السياسية ويمازج بين المشهد السياسي الحالي وتعقيدات سابقة، ويحاول بصورة أو أخرى أن يوفر الغطاء السياسي لكل إجراءات حكومة السوداني وينحاز لها ولأجنداتها المهمة والصعبة. ويحاول أن يستغل الخلافات الداخلية الكوردية - الكوردية، والسنية - السنية، ليعتبر موقفهما سلبياً ومستغرباً لأسباب مختلفة، لذلك يتغافل عن مطالباتهم ولا يريد قراءة الاحتمالات بصورة واقعية وإدراك ثقل التحديات التي تواجه العراق والعراقيين بصورة عامة. وإن استوجبت الأحداث إصدار بيانات، فإنه في العادة يصدر بيانات مرتبكة ومتجه نحو المثاليات، وملامحها الحقيقية تثير فضول الرأي العام وتدفع المراقبين للبحث عن تفاصيلها ومحاولة مقارنتها بالغربال الذي يحاول حجب نور الشمس.

جميع قادة الطرف الرئيس في الحكومة ودون استثناء، يتصورون أن بإمكانهم لعب دورين في الوقت ذاته، لذلك يحرصون على ترتيب أولوياتهم الداخلية والذاتية والتهرب من المسؤولية وإيهام الآخرين بإمتلاك تصورات معينة ورفض التصعيد، والتشبث بمغازلتهم للكورد والعرب السنة بزيارات واجتماعات وعبارات وتصريحات ومصطلحات تهدف إلى تفريغ شحنة الشك والريبة من ممارساتهم ونشاطاتهم، وجميعهم مشتركون بشكل أو بآخر في إعاقة تنفيذ اتفاقاتهم المبرمة مع الطرفين الآخرين.

أما الأسئلة المعلقة، فإنها لا تأخذ مداها الحقيقي، بعضها تتعطل في منتصف الطريق بسبب الحرص على تصفية الأجواء وتعظيم المصالح المشتركة، أو على خلفية الخشية من التصعيد والمواجهة المحتملة واتساع دوائر الخلافات وتدهور صورة حكومة السوداني أمام العراقيين وغيرهم وهي بالكاد أكملت شهرها الثالث، وبعضها تصل إلى موائد التفاوض، ولكن المناورات المتدافعة تمنعها من الحصول على الإجابات المقنعة.

حتى الآن، رغم البيئة السياسية المتقلبة، ربما لم يحن الوقت المناسب لإضافة المزيد من الأزمات من خلال إعلان الكورد والسنة أنهم غير مستعدين للمضي مع الإطار التنسيقي في جموحه السياسي والحكومي لحسابات استراتيجية تتعلق بتصوراتهما للأزمات العراقية التي تحمل الكثير من الأوجه والتبعات ويحتاج إلى حذر ودقة متناهية وأثمان باهضة، ولكنه غير مستبعد ولا ينبغي أن يكون مفاجأة، وبالذات عندما يجدان نفسيهما إذا ما تصدع تحالف إدارة الدولة تحت ضغط تصادم الإرادات، أمام تصورات وأوضاع جديدة تلقي بظلالها الكثيفة على مستقبل تحالفهم، وأمام إعادة ترتيب أوراق وفرص حلحلة مشكلاتهما بوسائل أخرى بعيدة عن تقديم المزيد من التنازلات.

لا أحد يمكنه التنبؤ بما سيحصل خلال الأسابيع المقبلة، كما أنه لا أحد ينتظر مواجه مسائل بالغة الحساسية ونقاط خلافية بين المشاركين في حكومة السوداني بالأمنيات والخطط البديلة غير المبررة المليئة بالمآخذ. وليس من المنطق السكوت عما يجري من استخفاف بالحقوق والوقوف دون حراك والاكتفاء بمشاهدة الخطر المحدق، وتوجيه انتقادات واعتراضات لفظية دون اتخاذ خطوات إجرائية منطقية ومقنعة سياسياً وشعبياً ووطنياً.

خلاصة الكلام: كلما طال الانتظار، كلما أصبح المسار الصحيح لحل الخلافات الجوهرية أكثر عرضة للتصعيد والعرقلة والتراجع عن الاتفاق، وللوصول الى الاستقرار النهائي لا بد من قبول الحقائق.

 

ليفانت - صبحي ساله يي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!