الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
“أطفال داعش”.. قنابل موقوتة تنتظر مصير مجهول
أطفال داعش

مر نحو عامين على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق والقضاء عليه نهائيًا، إلا أن استراتيجية التعامل مع إرث التنظيم، الأكثر دموية في التاريخ الحديث، من النساء والأطفال لا تزال غائبة ومريبة في ظل تصاعد احتمالات عودته اعتمادًا على حالة الانفلات الأمني والسياسي التي تشهدها البلدين.


ويقبع نحو 74  ألف شخص في مخيم الهول شمال سوريا، 66% منهم من الأطفال، وتشير التقارير إلى أن عدد الأطفال في المخيم يزيد عن 12 ألف طفل معظمهم من جنسيات أجنبية وترفض بلدانهم استقبالهم لأسباب أمنية ومعظمهم لا يملكون أية أوراق ثبوتية، ويعيش جميعهم في أوضاع صعبة وظروف غير إنسانية، مع أمهاتهم من نساء التنظيم المتشبعات بأفكاره.


ويصف مراقبوان أطفال داعش في المخيمات بـ"القنابل الموقوتة"، وأنهم يمثلون الجيل الجديد من التنظيم أكثر وحشية ودموية من أبائهم، ويتوقع أن يعتمد التنظيم على الأطفال والنساء بشكل محور لإعادة المتحور داخل المناطق الجغرافية التقليدية لما يسمونها "دولة الخلافة" في سوريا والعراق.


ويقول الباحث المصري المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية عمرو فاروق إن أطفال داعش خطر كبير يواجه العالم، لأنهم يمثلون الجيل الجديد من الإرهاب يحمل إيدلوجية أكثر تطرفا ودموية من الأباء المؤسسين، كما أن الغالبية منهم تلقوا تدريبات عسكرية وتأهيل ذهني مكثف خلال السنوات التي قضوها داخل معسكرات التنظيم، وأيضا الأفكار التكفيرية التي ساعدت الأمهات على تغذيتهم بها أثناء وجودهم في المخيمات، فضلا عن فكرة الثأر المسيطرة على عدد كبير منهم، ممن يرون المجتمع كافرًا ويرغبون في الثأر لذويهم بالقتل والحرق والتدمير.


ويؤكد "فاروق" في حديث لـ"ليفانت" على أهمية إيجاد حل عاجل لأزمة أطفال التنظيم بوضع استراتيجية أممية ودولية يلتزم بها كافة دول العالم وتنفذها الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني والجهات المختصة لوضع آليات لاستعادة الأطفال ووضعهم تحت برامج تأهيلية وتدريبية مكثفة لتغيير أفكارهم وتصحيح المفاهيم الدينية لديهم ونزع الفكر المتطرف نهائيا.


ويرى "فاروق" أن الاعتماد على تغيير الفكر بالفكر ضرورة حتيمة لكن لابد من مساندتها بقدر من المراقبة والتشديدات الأمنية حتى تؤمن الدول نفسها ضد الخطر المتوقع من الأطفال وأمهاتهم لأنه من المحتمل تنفيذ عمليات إرهابية لاستهداف الدول بهدف الانتقام وبسبب التكفير.


ويشير الباحث المصري إلى نقطة غاية في الخطولاة تتعلق بكون هؤلاء الأطفال مدربون بشكل جيد على حمل واستخدام السلاح كما أنهم يعتنقون فكرا متطرفا ورغبة عدائية تجاه المجتمع ما يجعلهم خطر لابد من واجهته سريعا، مطالبا بضرورة تخصيص جزء من الأموال التي يتم انفاقها في إطار الحرب على الإرهاب لمعالجة هذه الإشكالية.


ويواجه الاف الأطفال في المخيمات مصير مجهول بعد رفض دولهم استلامهم خوفا من العقبات المترتبة على استضافتهم وأمهاتهم، ويقول "فاروق" إن المشكلة الأكبر هى أن العدد الأكبر من هؤلاء الأطفال لا يملكون أوراقا ثبوتية أصلا، وبعضهم توفيت أمه مع أبيه خلال الحرب مع تنظيم داعش الإرهابي، وبقوا في المخيمات لا يعرفون حقيقة نسبهم.


وتطالب تقارير منظمة حقوق الإنسان كافة الدول بسرعة التعامل مع ملف الأطفال من أبناء داعش ليس فقط لكونهم خطرا وشيك ولكن باعتبارهم بشر ضحايا للتنظيم نفسه ويحملون أفكارًا متطرفة لاذنب لهم بها سوى أنهم ولدوا لأبوين اعتنقا ذلك الفكر.


ويقول رحيم حسن العكيلي رئيس هيئة النزاهة العراقية السابق في دراسة نشرها موقع المسبار إنه صرف النظر عن كيفية تجنيد الأطفال، وعن الأدوار التي توكَل إليهم، فالأطفال الجنود هم ضحايا تُلحق بهم النزاعات المسلحة أضراراً صحية واجتماعية ونفسية بليغة، وغالباً ما يكونون خاضعين لضروب خطيرة من الأذى، ومعظمهم يواجهون الموت أو الإعاقة أو الاعتداءات الجنسية. لذلك سعى المجتمع الدولي لوضع قواعد وآليات وتدابير لحماية الأطفال من الآثار الخطيرة للنزاعات المسلحة، التي صبت في اتفاقيات وصكوك دولية والتزامات ومبادئ تدخل في إطار القانون الدولي الإنساني، الذي نبع من اعتقاد راسخٍ يوجب فرض قيود تمنع تحويل النزاعات البشرية المسلحة إلى حروب بربرية.


وأوردت دراسة لمركز الأوروبي للبحوث والدراسات أن آلآلاف الأطفال انضموا إلى ما كان يعرف بـ"أشبال الخلافة" فى سوريا والعراق ،وقام تنظيم داعش  بتدريبهم على القتال وتلقينهم تدريبات عسكرية في مناطق عدة من سوريا والعراق، كما أخضعهم لعمليات تلقين لأفكاره المتطرفة لإقناعهم بالقيام بعمليات انتحارية في أوروبا، وهناك ارتفاعا ملحوظا بعدد النساء اللواتي التحقن بتنظيم داعش بالإضافة إلى ارتفاع بعدد الأطفال المولودين هناك.


وقسمت الدراسة المراحل الأخطر التي مر بها أطفال التنظيم إلى ثلا مراحل، الأوّل تدريب دينيّ، حيث يتمّ تلقين الطفل منهج "داعش"، وحشو دماغه بالكراهية والاستعداد للانتحار، الثاني عمليّ، حيث يتمّ إخضاع الطفل إلى تدريبات جسديّة قاسية، وتعليمه استخدام مختلف أنواع الأسلحة، الثالث نفسيّ، حيث يتمّ زجّ الطفل في الميادين العامّة وإشراكه في عمليّات ذبح أو تقديمه في مقدّمة مفارز الحسبة أو منحه خطبة في أحد المساجد، لدعم قدرته على القيادة وتعميق غروره وتفوّقه على المجتمع.


ويؤكد الباحث المصري عمرو فاروق أن الأطفال هم ضحايا التنظيم ولكنهم متشبعين بأفكاره في الوقت ذاته ولابد من التعامل مع الواقع والتحلي بالصبر لإتمام عملية تفكيك اللغم، وضرورة إعلان استراتيجية دولية موحدة لتنفيذ تلك الإجراءات تحفظ الأمن وحقوق الإنسان في الوق ذاته.


رشا عمار

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!