الوضع المظلم
الثلاثاء ٣٠ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
أطول الحروب.. وحسابات الكيلومتر الأخير
إبراهيم جلال فضلون (1)

خلخلت السياسات التي اعتمدتها إدارة بايدن العجوز، تجاه دولة الخميني الإيرانية ومنذ ولايتي باراك أوباما، والتي لازالت في سلوك الإدارة الحالية تجاه منطقة الشرق الأوسط وغيرت اتجاهاتها عملية 7 أكتوبر، التي مرَّت على أراضيها وأجوائها قواتُ بني صهيون وحلفائها من كل شبر فدمَّرت وهجَّرت بلداتِ ومخيماتِ القطاع، خاصة في ظل الإخفاقات الأمريكية وحلفائها في الإقليم بسبب سوء إدارة العلاقات مع طهران وحلفائها. ولنرى مدى التعاون الفج ونحنُ نيام، الضربات الأخيرة التي نفذتها القوات الأمريكية بعد خمسة أيام من اعتداء قاعدة البرج في الأردن ومقتل ثلاثة جنود أميركيين وجرح آخرين أكثر من خمسة أيام، خرجت قاذفات بعيدة المدى من طراز «بي - 1» من كاليفورنيا، ولكن بعد أن تم إجلاء جميع أفراد الحرس الثوري الإيراني وقادة الميليشيات الموالية له من مواقعهم بالمنطقة، وهي رغبة العجوز التائه وصاحب الزهايمر الأعلى نسبة في العالم، وستكون سبباً في إزاحته بالتعديل الـ25؟، ومن ذلك نجد رغبة الأمريكان في تجنب استهداف إيران أو الإيرانيين مباشرة، حتى بعد أحداث طوفا الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، التي تعيش فيها دولة الاحتلال أطول حروبها، منذ أكثر من ثلاثةِ أشهر ونصف الشهر، بعد حرب عام 1948، وأكثرها دموية، فحرب يونيو 1967 دارت على مدى ستةَ أيام، وحرب أكتوبر 1973 عشرين يوماً، وغزوُ بيروتَ عام 1982 استغرقَ سبعة أسابيع، وحرب «حزب الله» وإسرائيل في لبنان عام 2006 دامت خمسةَ أسابيع. وحرب غزة السابقة عام 2014 دامت خمسين يوماً.

إنه وضعٌ غايةِ الصعوبة على الأصعدة كافة، أربك الكثيرين من حلفاء إسرائيل في الغرب. واليومَ، تقف على آخر نقطةٍ في غزة، وصولاً لرفح الفلسطينية، الملاصقةِ للحدود مع مصر التي لن يُركعها أحد فتأهبت دفاعاً عن أراضيها مع تمسكها باتفاقية السلام، رغم وجود مليون ونصف مليون لاجئ على حدودِها.

إنها أخر الملاجئ أنه الكيلومتر الأخير من واحد وأربعين كيلومتراً، هي طول قطاع غزة. التي تبّدوا عليها إسرائيل في رمقها الأخير، بهدف أساسي هو تصفية حسابات سياسية وعسكرية بين أطراف عديدة تتكالب عليها الداخل الإسرائيلي وتتناحر، أما الخارج فقد ظلت معلقة منذ سنوات، في انتظار اللحظة المواتية، لتُنهي بذلك سلطةَ «حماس» ومقاتليها وتفرض شروطَها، وهو أمر غير مرجح لأنها لم ولن تتعلم من أخطائها فهي تُكابر المواقف مع أنَّ المجتمعَ الدوليَّ يطالبها بالتوقف وعدم اقتحامِ رفح، ولعل الخوف الصهيوني هو ما يُفسّر الهوس الأمنيّ لديهم والرفض القاطع لفكرة حل الدولتين، تمكين الفلسطينيّين من قيام دولة واحدة، تفصلهم عن الفلسطينيّين مثلما الحد  الفاصل للجزائريّين عن فرنسا والأنغوليّين عن البرتغال. والإسرائيليّون، في النهاية، مكارين غدارين لا يُظهرون أيّ استعداد لركوب مغامرة السلام، والسلامُ يبقى مغامرة بمعنى ما، فقضاء إسرائيل على حركة «حماس» عسكرياً، سيفتح الطريق لأن تتحرك لجنوب لبنان، وبالتالي حركت طهران وكلائها في العراق وسوريا واليمن ضد الوجود العسكري الأميركي الذي تشتت وأدخل نفسهُ في معادلة غير محسوبة العواقب.

كل ما سبق وغيره لا علاقة له بالهدف المخفي والحقيقي، والحرب الدائرة في غزة كشفت النقاب عن حقيقة أن حسابات إسرائيل الأمنية وضمان أمنها القومي واستقرارها، لا يمكن على المدى الطويل تحقيقهما عسكرياً، غير أنها فقط تسير وفق الحسابات الشخصية لمستقبل حكومة بنيامين نتنياهو وأحزاب اليمين المتشدد، مما يعني أنه لا فائدة تُرجى من بقاء نتنياهو، كما أن السلام الدائم بين إسرائيل وجيرانها يخدم الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، ولا يخدم استراتيجية اليمين المتشدد وموقفهم المُتصلب.

إن الخائف لا يُطمئن خائفاً آخر بل يزيدهُ رُعباً على رعب، بدليل ما حدث بين جنود الاحتلال منذ بداية طوفان الأقصى وللأن، زادت الحالات المرضية النفسية بين الشعب ككل الذي ترك إسرائيل المزعومة هرباً لأوروبا، وليس فقط الجنود وكأنه عقاب جماعيّ من الجانبين إحداهما صاحب حق والأخر محتل هو المهزوم في النهاية لا ريب.

ليفانت: إبراهيم جلال فضلون

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!